كاميليا حسين

تحاول تسجيل الدخول إلى حسابك على فيس بوك، لكنك تنسى كلمة السر، ثم تحاول استعادتها فتفشل، وفجأة تفقد السيطرة على جميع حساباتك الإلكترونية، بينما شخص ما يضع تعليقات شائنة حولك لا يمكنك الرد عليها.

والأسوأ من ذلك أن نجمك المفضل يقوم بحظرك. ما سبق هو سيناريو متخيل لكابوس تحاصرك فيه مخاوف متعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي، فقد أصبحت الأحلام المرتبطة بها أمرا اعتياديا في منامنا، ولا عجب في ذلك وقد باتت هواتفنا أكثر تغلغلا في تفاصيل حياتنا اليومية، حتى إننا أحيانا نسقط في النوم بينما أيادينا لا تزال تمسك بالهاتف. فهل تتبعنا وسائل التواصل الاجتماعي حتى إلى أحلامنا؟

تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأحلام

لقد ظهرت عشرات الأبحاث عن تأثير استخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا اليومية بمختلف جوانبها ومن بينها النوم وجودته. لكن القليل منها ركز على تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأحلام، نظرا لصعوبة دراسة الظاهرة واعتماد الباحثين على ما يتذكره الناس من أحلامهم، لا على بيانات يمكن ملاحظتها وقياسها بشكل مباشر.

لكن دراسة حديثة نشرت في مارس/آذار الماضي تحت عنوان "كوابيس وسائل التواصل الاجتماعي، هل هي تفسير محتمل لنقص جودة النوم وانخفاض الرفاه العاطفي في عصر وسائل التواصل الاجتماعي"، استكشفت العلاقة بين استخدام منصات التواصل الاجتماعي وجودة النوم والصحة العقلية والأحلام المزعجة.

وذلك عبر إنشاء مقياس للكشف عن الكوابيس المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي يتكون من 14 عنصرا ذات خصائص سيكومترية قوية. وقد شملت الدراسة 595 شخصا، وركزت على الكوابيس المرتبطة بموضوعات العجز وفقدان السيطرة والتثبيط والإيذاء وارتكاب الأخطاء في مجال وسائل التواصل الاجتماعي.

ربطت نتائج الدراسة بين الكوابيس المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي وارتفاع مستوى القلق، وانخفاض جودة النوم، ووجد الباحثون أن كثافة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كانت مؤشرا مهما لتكرار هذه الكوابيس.

ومن ناحية أخرى يؤثر نوع المحتوى الذي تتابعه على أحلامك، فإذا كان استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي مقتصرا على التواصل مع العائلة والأصدقاء، ربما تكون أقل عرضة للأحلام السيئة من شخص يستخدمها للمشاركة في جدالات مثيرة أو متابعة محتوى مؤلم ومعارك سياسية.

ووفق توضيح من "رضا شابهانج" الباحث في علم النفس بجامعة فلندرز في أستراليا، والمؤلف الرئيسي للدراسة، فمع تزايد استهلاكنا لوسائل التواصل الاجتماعي، وتشابكها مع حياتنا اليومية قد يمتد تأثيرها إلى أحلامنا، وليس فقط على وقت اليقظة.

استمرارية الحلم

يمكن ربط نتائج هذه الدراسة بأبحاث أسبق تدعم ما يعرف بفرضية الاستمرارية، والتي تفترض أننا نميل للحلم بما نختبره أو نفكر فيه خلال اليقظة، حيث تدمج الأحلام عناصر من الذاكرة والتجربة.

ومن ناحية أخرى، كشفت دراسة نشرت في عام 2008 أن المشاركين الأكبر سنا والذين نشؤوا وهم يشاهدون التلفاز بالأبيض والأسود يحلمون أحلاما رمادية وبلا ألوان أكثر من هؤلاء الذين يشاهدون التلفاز الملون، وهو ما يشير إلى الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في التأثير عن أحلامنا.

ربما تكون الأبحاث المتعلقة بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأحلام حديثة نسبيا، لكن تلك المتعلقة بتأثير ألعاب الفيديو باتت راسخة، بفضل جهود كثير من العلماء، ومن بينهم جاين جاكنباخ عالمة النفس في جامعة جرانت ماك إيوان بكندا، التي تعود دراستها للعلاقة بين ألعاب الفيديو والأحلام إلى تسعينيات القرن الماضي. وأشارت دراساتها إلى تكرار الأحلام المتعلقة بألعاب الفيديو ورؤية اللاعبين لأحلام تتعلق بألعابهم ومع تفاصيل حية وقدرة على التحكم في بعض جوانب الحلم.

لماذا تصاحبنا الهواتف إلى الفراش؟

الخوف من أن يفوتنا شيء، والتي تعرف بمتلازمة فومو FOMO الحروف الأولى من عبارة Fearing Of Missing Out مصطلح يمكن أن يفسر هذه العلاقة القوية بالهواتف.

وعادة ما يجد كثيرون أنفسهم أسرى لهذه المشاعر فلا يتمكنون من ترك هواتفهم حتى في الفراش، في تلك اللحظات التي يفترض أن يهدأ العقل فيها استعدادا للنوم، فإذا بها تتحول إلى ساعات طويلة من تصفح وسائل التواصل، والتنقل بين الفيديوهات القصيرة، والمحتوى الجذاب سريع الوتيرة الذي يؤدي بك إلى دماغ أكثر يقظة.

وتأثير هذا السلوك لا يقتصر على الكوابيس والأحلام المزعجة، حيث يؤدي الضوء الأزرق المنبعث من شاشة هاتفك إلى اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية، إذ يحفز الخلايا العقدية الحساسة للضوء الأزرق، مما يؤدي لتثبيط هرمون الميلاتونين المسؤول عن تحفيز الشعور بالنعاس.

 

ومن ناحية أخرى قد يؤدي وجود الهاتف في غرفة النوم، مع كل ما يصدر عنه من إشعارات صوتية واهتزازات إلى مقاطعة نومك، مما يؤدي إلى نقص ساعات النوم.

لمواجهة اضطرابات النوم ينبغي عدم التعرض للضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية كالهاتف الذكي والتلفاز قبل الذهاب إلى الفراش بنحو ساعتين على الأقل.

ويؤثر نقص النوم المستمر على أدائك اليومي سواء في العمل أو الدراسة، كما يؤدي إلى أضرار طبية تشمل ضعف المناعة وزيادة خطورة أمراض القلب، وضعف الوظائف الإدراكية وانخفاض صحة الأيض وارتفاع معدلات السمنة والمخاطر المرتبطة بها مثل السكري.

كيف تمنع وسائل التواصل الاجتماعي من التأثير على نومك؟

ينصح الخبراء بأن تمتنع عن استخدام الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي لفترة تتراوح من نصف ساعة إلى ساعة قبل الخلود إلى النوم.

احرص أيضا على تثبيت مواعيد النوم واليقظة اليومية حتى خلال وقت العطلة. ولا تستخدم غرفة النوم لممارسة أنشطة أخرى كالعمل أو تناول الطعام، أو مشاهدة التلفاز. واحرص على أن تكون بيئة النوم باردة وهادئة ومريحة.

قد تكون متابعة القليل من الفيديوهات القصيرة هي وسيلتك المفضلة للاسترخاء بعد يوم طويل، لكن تذكر أن تأثيرها عكسي، وقد يحرمك من ساعات النوم الثمينة التي يحتاجها عقلك وجسدك.

JoomShaper