رشا كناكرية
عمان- في عصر يتم بالسرعة؛ غدت منصات التواصل الاجتماعي وجهة رئيسة للتسوق وشراء مختلف المنتجات. فإذا كان الشخص يبحث عن الإلكترونيات أو الأثاث أو أدوات المنزل أو الملابس وغير ذلك الكثير، سيجدها هناك. حتى أبسط الأمور أصبحت متاحة على منصات رقمية بأسعار مغرية وتنافسية قد تكون أقل بكثير مقارنة بما يعرض في المتاجر. كما أن هذه المنصات وفرت على المشترين الوقت والجهد، مما جعلها الخيار الأول للكثيرين.



في الوقت نفسه، أصبحت هذه المنصات الرقمية بيئة خصبة للاحتيال والخداع والسرقة بطرق ووسائل متعددة، حيث تفنن المحتالون الرقميون في أساليبهم. تشمل هذه الأساليب انتحال الشخصيات، عرض سلع مزيفة، واختراق الحسابات البنكية، وغيرها من طرق الاحتيال الرقمي.

يصبح البعض ضحية هذه الصفحات الوهمية التي أنشئت على منصات التواصل الاجتماعي بهدف الاحتيال وتحصيل الأموال بطرق مخادعة. وعلى الرغم من تحذيرات وحدة الجرائم الإلكترونية، فإن الاحترافية العالية في التسويق الرقمي تخدع الكثيرين، مما يجعلهم يقعوا ضحايا للاحتيال الرقمي.
 احتيال بطرق الدفع
 سرين (28 عاما)، التي وقعت ضحية للاحتيال الرقمي. تقول إنها بعد خروج صديقتها من المستشفى، أرادت تهنئتها بالسلامة وإرسال باقة من الورد. بدأت بالبحث عبر منصة فيسبوك عن متجر لبيع الورود، وظهرت لها العديد من الصفحات، مما جعلها تختار ما يعجبها من حيث السعر والشكل. قامت بمراسلتهم بعد أن رأت العديد من المنشورات المتعلقة بالباقات والعروض للاحتفال بنجاح التوجيهي والتخرج، مما جعلها تصدق أن الصفحة موثوقة.
ومن هنا، اختارت باقة الورد التي ترغب بها. وأخبرها البائع أن العرض يشمل خدمة التوصيل، فوافقت على ذلك. وعندما استفسرت عن طريقة الدفع، ذكر أنه يمكنها استلام الباقة من المتجر ودفع ثمنها، أو دفع المبلغ عبر المحفظة الإلكترونية، بما أن التوصيل سيكون إلى منزلها. هذه الكلمات أبعدت عنها الشكوك بشأن كون الصفحة مزيفة.
في البداية، أخبرته أنها لا تستطيع الدفع حتى ترى الباقة، وأنها ستدفع عند الاستلام. لكنه أبلغها بأنه لا يستطيع إخراج باقة الورد من المتجر، لأن ذلك قد يجعلها لا تستلمها أو لا تجيب على الاتصال. لذا، قررت أن تدفع عبر المحفظة.
بعد إتمام عملية الدفع، تأخرت باقة الورد في الوصول إليها. بدأت تراسل الصفحة من دون أي رد منه، كما حاولت التواصل معه هاتفيًا ولكن دون جدوى.
أوضحت سرين أن الصفحة لم تزودها برقم هاتف، وكان الاتصال متاحا فقط عبر الماسنجر. استمرت في إرسال الرسائل والاتصال، لكن لم يكن هناك أي استجابة. وبعد ساعة، أدركت أنها تعرضت للاحتيال، وعندما حاولت التواصل معهم من حساب آخر، لم تتلق أي رد أيضاً.
في اليوم التالي، أخبرت سرين صديقتها بما حدث، فتساعدت في الحصول على رقم الصفحة من منصة جوجل.
تحدثت مع صاحب المتجر، الذي أبلغها أنها ليست الوحيدة، بل الشخص الخامس الذي يتواصل معه بشأن نفس المشكلة، وأخبرها أن المحتال انتحل شخصية أحد العاملين في المتجر، تستطيع التوجه لتقديم شكوى، وأنه أيضاً سيقدم شكوى، لأن هذا الشخص أثر على عمله وانتحل شخصية ليست له. لكنها قررت ألا تقدم شكوى، لأن التعب الذي ستعاني منه سيكون أكثر من المال الذي فقدته.
 الوعي والحذر قبل الشراء
من ناحية تقنية يبين المستشار الإعلامي والمدرب المتخصص بالتسويق والعلاقات العامة بشير مريش، أنه في ظل تزايد الاحتيال الرقمي وانتشار الصفحات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، من المهم أن يكون الفرد واعيًا وحذرًا قبل إجراء أي عملية شراء إلكتروني.
ويذكر مريش أن هناك بعض النصائح التي يمكن أن تساعد الفرد على التأكد من مصداقية الصفحات، أولا، التحقق من مصدر الصفحة والبحث عن معلومات الاتصال والعنوان، مبينا أن الصفحات الموثوقة عادة ما توفر تفاصيل واضحة ودقيقة عن الشركة. ثانيا، التحقق من مدة نشاط الصفحة، فالصفحات القديمة غالبا تكن أكثر مصداقية من الجديدة، مؤكدا على أهمية استخدم مواقع موثوقة، والبحث عن شارات الثقة مثل "https” في رابط الموقع أو شهادات الأمان.
إلى ذلك، مراجعة التقييمات والتعليقات، وأن يقرأ آراء وتقييمات المستخدمين الذين تعاملوا مع الصفحة، والحذر من التقييمات المزيفة، منوها أن التعليقات السلبية المتكررة حول جودة المنتجات أو التأخر في التوصيل قد تكون إشارة إلى أن الصفحة غير موثوقة.
كذلك، التأكد من أن الصفحة تحمل شارات التوثيق الرسمية، مثل شارة التوثيق الزرقاء في فيسبوك أو إنستغرام، والتي تدل على أن الصفحة تم التحقق منها، والتحقق من الشهادات أو الاعتمادات التي تكون موثقة من جهات رسمية أو جمعيات تجارية.
  أساليب تسويق مخادعة
ويشير مريش إلى أن هناك عددا من التحذيرات العامة التي يجب أن يعلمها الفرد، بداية إذا كانت الأسعار منخفضة بشكل مفرط مقارنة بالسوق فهذا قد يكون مؤشرًا على أن الصفحة غير موثوقة، ولذلك يجب أن يكن حذرا من العروض المغرية التي تروج لمنتجات باهظة بأسعار زهيدة.
وكما يستطيع المشتري استخدام مواقع مراجعة موثوقة أو منصات تقييم تقدم تجارب سابقة للآخرين مع المتاجر الإلكترونية، مبينا أن اتباع هذه الإجراءات يمكن أن يحمي الفرد من الوقوع في فخ الاحتيال الرقمي، ويساعده على التمييز بين الصفحات الموثوقة وتلك التي تهدف إلى الاحتيال.
وينوه مريش إلى أن المحتالين الرقميين يستخدمون العديد من أساليب التسويق الرقمي المخادعة لجذب الضحايا وإقناعهم بالقيام بعمليات شراء أو تقديم معلومات حساسة وأبرزها الأسعار المغرية، والهدف جذب الزبائن بسرعة وحثهم على الشراء دون التحقق من مصداقية الصفحة أو المنتج.  
ويوضح أن المحتالين قد يعرضون صورا لمنتجات فاخرة أو ذات علامة تجارية مشهورة في حين أن المنتج الذي يتم إرساله للزبون هو نسخة مقلدة أو لا يتم إرساله أصلًا، ويعتمدون على الصور الاحترافية والإعلانات المغرية لجعل الزبون يعتقد أن العرض حقيقي.
وكما يستخدم المحتالون أسلوب "العرض محدود الوقت" بحسب مريش، وذلك لإقناع المستخدمين بالشراء فورا، مدعين أن العروض ستنتهي قريبًا، مبينا أن هذا التكتيك يخلق إحساسا بالعجلة ويقلل من فرصة الزبون في التحقق من مصداقية العرض.
 حسابات وهمية للتقييم والتعليق
ويذكر مريش أنهم غالبا ما يستخدمون حسابات وهمية لكتابة تقييمات وتعليقات إيجابية على صفحاتهم لإقناع الزبائن بأن الصفحة موثوقة، فهذه المراجعات المزيفة تعطي انطباعا بأن العديد من الأشخاص قد اشتروا المنتج وكانوا راضين عنه.
ومن أساليبهم أيضا انتحال شخصيات أو علامات تجارية مشهورة بحسب مريش، وذلك بإنشاء صفحات أو مواقع مشابهة جدا لمواقع أو صفحات شركات معروفة، قد يستخدمون نفس الشعارات والتصاميم لجعل الزبائن يعتقدون أنهم يتعاملون مع شركة حقيقية وموثوقة.
وهنالك أسلوب التصيد الاحتيالي بحسب مريش، ويقومون فيه بإنشاء صفحات شبيهة بمواقع البيع أو الدفع المعروفة، ويطلبون من المستخدمين إدخال معلوماتهم البنكية أو بيانات بطاقاتهم الائتمانية وهذه البيانات تستخدم لاحقا لسرقة الأموال أو هويات المستخدمين.
كذلك، أسلوب الرسوم المخفية والشحن الاحتيالي، والتي تعني أنه بعد أن يقوم الزبون بالدفع لمنتج معين، قد يكتشف أن هناك رسوما إضافية لم يتم إبلاغه بها مسبقًا، أو يواجه تأخيرات غير مبررة في الشحن دون تلقي المنتج.
ووفق مريش؛ يتم جمع البيانات بطرق غير مشروعة، إذ إن بعض الصفحات تطلب من المستخدمين تسجيل بياناتهم الشخصية والمالية مقابل عروض خاصة أو خصومات، ولكن الهدف الحقيقي هو جمع البيانات لبيعها أو استخدامها في عمليات احتيال لاحقة.
وأخيراً، إعلانات المنتجات غير المتوفرة، ويعرض المحتالون منتجات غير متوفرة للبيع بهدف جذب المستخدمين لدفع المال مقدماً وبعد الدفع يتعذر عليهم الوصول إلى المنتج أو استرداد الأموال، و هذه بعض الأساليب المخادعة التي يستخدمها المحتالون الرقميون لاستغلال الزبائن، وفق مريش.
 الحماية من الاحتيال
ويذكر مريش أنه لحماية المشتري نفسه من الاحتيال الرقمي، من المهم اتباع مجموعة من الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية عند التسوق أو التعامل عبر الإنترنت.
أولا، تجنب العروض المفرطة والمغرية، فغالبًا ما تكن غير حقيقية، والمنتجات التي تباع بأسعار زهيدة قد تكون إشارة على عملية احتيال، مشددا على ضرورة الحذر من المواقع أو الصفحات التي تطلب دفعا مقدما بشكل كامل مقابل منتج أو خدمة غير موثوقة.
 ويشدد مريش على أن الفرد ألا يشارك أبدا معلوماته الشخصية أو المالية على مواقع غير موثوقة ويكون حذرا من أي طلبات للحصول على معلومات غير ضرورية، مثل رقم الحساب البنكي أو كلمات المرور.
والتأكد من وجود سياسات الشراء والاسترجاع والتحقق منها، فالشركات الموثوقة عادة ما توضح سياساتها بوضوح فيما يتعلق بالإرجاع و التبديل واسترداد الأموال، وعليه تجنب المواقع التي لا توفر تفاصيل واضحة حول كيفية التعامل مع عمليات الاسترجاع أو الشكاوى.
إلى جانب حماية الجهاز بواسطة برنامج مضاد للفيروسات وبرامج الحماية من البرمجيات الضارة، وتحديث نظام التشغيل وبرامج الحماية لضمان عدم التعرض لهجمات الاحتيال الرقمي أو التصيد الاحتيالي.
وينبغي تجنب النقر على روابط مشبوهة أو غير معروفة في الرسائل البريدية أو النصية، والحذر من رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل التي تطلب منك "تأكيد معلوماتك" بشكل مفاجئ أو تدعي وجود مشكلة في حسابه.
والأهم التصرف بسرعة في حالة الاحتيال إذ شعر المشتري أنه تعرض لعملية احتيال، عليه أن يتصل فورا بمصرفه أو بجهة إصدار بطاقته لإيقاف المعاملة وحماية حسابه، إذ إنه في بعض الأحيان يمكن استرداد الأموال، إذ أبلغ عن الاحتيال بسرعة كافية، مؤكدا بذلك أنه باتباع هذه الإجراءات، يمكن للفرد تقليل مخاطر التعرض للاحتيال الرقمي بشكل كبير وزيادة الأمان عند التسوق والتعاملات المالية عبر الإنترنت.
 الطرق الآمنة للدفع
ومن جهته، يشير خبير التسويق الإلكتروني والمدرب مازن الطحان إلى أن هناك عددا من الأمور التي يمكن أن يفعلها الفرد للتأكد من موثوقية ومصداقية الصفحات. أولاً، يجب البحث عن التقييمات والتعليقات، ليس فقط على الموقع نفسه، بل أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي أو محركات البحث. إذ إن معظم المواقع غير الموثوقة تقوم بتأليف تقييمات غير حقيقية.
التحقق من المعلومات القانونية، موضحا أنه عادة ما تقدم الشركات الحقيقية معلومات كاملة حول عنوانها، أرقام الاتصال، وسياسات الاسترجاع وإذا كانت الصفحة تفتقر لهذه المعلومات أو توفر معلومات غامضة، فمن المحتمل أن تكون مشبوهة.
 بالإضافة الى التأكد من وجود دعم خدمة العملاء، مبينا أن الصفحات الموثوقة تقدم خدمة عملاء نشطة يمكن الوصول إليها عبر وسائل سهلة وبسيطة إما محادثة واتساب أو فيسبوك أو ماسنجر أو اتصال برقم محلي.
وبين الطحان أن الأساليب المخادعة والاحتيالية لا تنتهي،  ودائماً ما تكون متجددة وغير مسبوقة عن المحتالين، ومن الأمثلة عليها عروض بأسعار شبه خيالية لمنتجات معروف أن سعرها مرتفع ، فيكتشف المشتري أنه تم الاحتيال عليه ولا يوجد من يلجأ اليه، خصوصا إذا كانت شركات أجنبية.
 وينوه الطحان بأن البعض يقوم باستخدام العامل النفسي مثل الوقت، فيقول مثلا باقي 5 دقايق لنهاية العرض، في هذه الحالة يهرع الناس إلى تسريع الشراء حتى يحجزوا جهازاً من الـ3 أجهزة المتبقية كما يزعم المنتحل وهذه السرعة تمنع المحتال عليه من التأكد من المصداقية وإلغاء كل ما ذكر سابقاً فقط من أجل الحصول على العرض الخيالي.
 إلى جانب استخدام طرق دفع آمنة من الأفضل استخدام طرق دفع مثل PayPal أو البطاقات الائتمانية التي تقدم حماية للمشتري وتسمح له باستعادة أمواله إذا ثبت وجود عملية احتيال، وعدم استخدام البطاقات البنكية أبدا تحت أي ظرف من الظروف في اي موقع لا يستخدم https ولا يوجد لديه سجل تجاري وتقييم.
والأهم التفكير قبل الشراء، إذا كانت العروض تبدو جيدة لدرجة لا تصدق، فهي على الأرجح ليست حقيقية فالحذر واجب في هذه الحالات وعدم الاستعجال في الدفع مطلقاً، فأن تخسر العرض أفضل من أن تخسر المال، وفق الطحان.
وحذرت وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية في مديرية الأمن العام، الأردنيين من الوقوع في الاحتيال المالي الإلكتروني.
وجاء في تحذير الجرائم الإلكترونية في منشور لها على فيسبوك، من الوقوع في الاحتيال المالي الإلكتروني من خلال إعلانات المنصات الوهمية وتطبيقات العمل بالمهمات اليومية، والأرباح الخيالية لكل مهمة أو تحويل أموال من خلال المحافظ الإلكترونية أو محافظة العملات المشفرة.
وذكرت من طرق الاحتيال المالي الإلكتروني: انتحال صفة غير صحيحة، تزييف الرسائل الإلكترونية بشعار لجهة موثوقة، رسائل نصية مجهولة المصدر، مواقع تسوق مزيفة.
ودعت الوحدة إلى عدم التردد بالتواصل معها لطلب المساعدة في حال التعرض للاحتيال المالي الإلكتروني.


JoomShaper