ايمن عبدالحفيظ
تساؤلات وإستفسارات مشوبة بالحيرة والحذر أثارتها أحدث دراسة لجمعية العفاف الخيرية بينت أن أعداد الفتيات اللواتي لم يسبق لهن الزواج ممن تجاوزت أعمارهن الثلاثين عاماً ارتفعت إلى (98633) فتاة عام 2009 ، في حين كان هذا العدد عام 1979 يقارب (6690) فتاة.
فهل أصبحت العنوسة ظاهرة ومشكلة في مجتمعنا ام انها سحابة صيف سرعان ما تنقشع ، وهل الارتفاع المستمر لأعداد غير المتزوجات مشكلة اجتماعية لم تأخذ الاهتمام المناسب.. "الدستور" التقت عددا من المختصين والمهتمين لالقاء مزيد من الضوء على هذه القضية التي تمس شريحة كبيرة من المجتمع..
مدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان قال في تعقيبه على الأرقام: إن مشكلة تأخر سن الزواج لم تأخذ الإهتمام المناسب حتى الآن ، وبالرغم من أن الدراسات تشير إلى وجود مشكلة كبيرة وارتفاع مستمر في أعداد غير المتزوجين إلا أن الإجراءات تكاد تكون مقتصرة على ما تقوم به جمعية العفاف الخيرية ، وأن المطلوب أن تصبح قضية وطنية ذات أولوية.

واقترح سرحان عددا من الحلول التي يمكن أن تسهم في التقليل من الظاهرة والتعامل معها ومنها دعم فكرة الأعراس الجماعية والتوسع في تنظيمها في مختلف مناطق المملكة باعتبارها وسيلة عملية لتقليل تكاليف الزواج ، ومبادرة المؤسسات الاقتصادية لتقديم قروض حسنة للمقبلين على الزواج ، على غرار ما يقوم به البنك الإسلامي الأردني بالتعاون مع جمعية العفاف الخيرية ، لأن مثل هذه القروض تساهم في مساعدة الشباب على الزواج دون تحميلهم أعباء إضافية ، وان تقيم الحكومة إسكانات خاصة للمقبلين على الزواج باسعار مناسبة واقساط مريحة للتخلص من معضلة السكن ، والابتعاد عن البذخ في مظاهر الفرح.

مدير التعليم الشرعي ودور القرآن الكريم في وزارة الأوقاف والمقدسات الإسلامية سميح عثامنة رأى ان قضية العنوسة لها اسباب منها المعتقدات الخاطئة باعباء الزواج ، وفي الحقيقة ان الاعباء زادت إلا ان ربطها بالزواج مفهوم خاطئ لان المسلم لا بد وان يعلم بأن الزواج عبادة وتركه يؤدي الى الانحراف على حد سواء بين الجنسين ، رافضا ربط الوضع الراهن من مشكلات العنوسة بالتقدم العلمي والتكنولوجيا ، حيث إنها في الاساس سلاح ذوحدين ، ولا بد للمسلم ان يعرف بأن الله يراه في افعاله ويراقبه ، مؤكدا ان الزواج علاج نفسي للفرد كما يؤكد الاخصائيون ، وانه من سنن المرسلين ، داعيا الى عدم الغلو في المهور لأن الدين الاسلامي الحنيف دين يسر وان الله عز وجل يسّر سبل الزواج.

ورأت الباحثة الاجتماعية عائشة جمعة أن عواقب ما يسمى بالعنوسة تؤثر بشكل مباشر على الفرد ، كون المجتمع يستفيد من المرأة العاملة في الانتاج ، وان العوانس هن في غالبيتهن من المتعلمات والعاملات ويترتب على ذلك اثار نفسية كبيرة تعود على العانس كأن تحرم من الأمومة ، مبينة أن التكنولوجيا ساهمت في عزوف الشباب عن الزواج بالاضافة الى ان الشاب اصبح يرسم في مخيلته صورة المرأة التي يفترض ان تكون شريكة حياته والتي قد لا تكون موجودة على أرض الواقع مبينة ان الحلول للمشكلة الراهنة تقع بيد الجهات المسؤولة وليس الافراد ، بالعمل على تسهيل رعاية الأطفال اثناء عمل الأم بالاضافة الى تأمين الدخل المناسب لها لتقوم بالرعاية على اكمل وجه.

وقال استاذ كلية الشريعة في جامعة العلوم التطبيقية الدكتور منذر زيتون إن حلول مشكلة العنوسة شرعا تتم بتسيير وتسهيل امور الزواج من حيث التكاليف المادية والابتعاد عما هوسائد من اعراف إجتماعية مغلوطة ، وتوفير تسهيلات من الحكومات للمقبلين على الزواج والعمل على رفع سوية المستوى التعليمي لإحداث نضوج مبكر لدى الأبناء لتأهيلهم لمواجهة اعباء الحياة ، لأن الزواج بدون تأهيل يؤدي الى الفشل مستقبلا ، بالاضافة الى العمل على توفير إستشارات دائمة للمتزوجين من قبل إخصائيين يكونون امناء ومخولين لذلك ، مع تخفيف ما امكن من عقدة الزواج بأنه ذو مستقبل غامض ، مقدما النصح بأن تفّعل عقد دورات دائمة للمقبلين على الزواج مع تشجيع تعدد الزوجات لكن ضمن ضوابط وقيود ترتبط اساسا بالمقدرة الاجتماعية والمادية للزوج.

 

الدستور

JoomShaper