- جعفر الدقس/الدستور - التحقيقات الصحفية
يؤكد كثير من الخبراء التربويين ان الجهل بقانون العقوبات من الاسباب المهمة التي تجعل الكثير من الطلبة يتورطون في مشاجرات على اعتبار ان هذا السلوك لا يؤدي بالضرورة الى مضاعفات خطيرة عليهم ، وان نهاية اي تورط باعمال عنف تنتهي على الدوام حسب وجهة نظرهم بجلسات صلح صغيرة ، وبلا اي مضاعفات تذكر ، ما يستدعي تضافر كل الجهود للقيام بحملة تثقيف منظمة تشارك فيها كل المؤسسات التربوية بالتعاون مع كل من له علاقة بهذه القضية ، للوصول الى حالة من الثقافة والوعي لدى طلابنا تجعلهم يدركون مخاطر التورط بمشاجرات قد تودي بمستقبلهم العلمي ، وتكون سببا بجلب الأذى لهم ولأسرهم.
التدرج في العقوبة
أمل عماد ابو هلال طالبة جامعية في كلية العلوم التربوية والاداب الجامعية - عمان ، قالت: إن أي مشاجرة تحدث تستدعي بالضرورة ان يكون هنالك سببا لحدوثها ، وايضا ان يكون عقاب او اجراء تأديبي لمنع حدوث مثل هذه المشاجرة والمشكلة من جديد ، وابرز اسباب حدوث المشكلات في الجامعة هي البيئة والاسرة ، ففيها يكتسب الانسان عاداته وطبائعه ، رذائله وفضائله ، فإذا كانت سليمة ، سيكون الانسان مواطنا وطالبا وزوجا وابا وموظفا صالحا والعكس صحيح ، فبسبب بيئة الطالب واسرته تنتج المشكلات لأن رؤيته للمجتمع الذي يعيش فيه سلبية ، وعلى الصعيد المادي يعتبر شح الموارد المادية للطالب سببا قد يدفع الطالب لمقارنة نفسه بزملائه ، ما يولد مشاعر الحسد والحقد تجاههم ، وهذا قد يدفع به للعنف.
وتضيف ابو هلال ان كل اخلال بالقوانين والانظمة ولوائح الجامعة هو سبب لقيام الجامعة بمنح الطالب عقوبة واجراء تأديبي يناسب العمل الذي قام به ، ولكن يجب التدرج في اعطاء العقوبة ، فمثلا من يضبط متلبسا بالغش يعطى صفرا جامعيا ، ولكن لأن الاصل التدرج في حل المشكلة فيجب التنبيه الشفوي اولا أو تغريم الطالب ومن ثم اذا استمر في الغش يعطي الصفر الجامعي.
جهل بقانون العقوبات
احمد عبد العزيز طالب يدرس في احدى كليات المجتمع قال: ان اغلب المشاجرات والمشاكل التي تحدث في اوساط الطلبة او يتورطون بها هي بسبب جهلهم بقانون العقوبات ، لذا نراهم يصابون بالدهشة ومن ثم الحسرة على ما سببوه لانفسهم ولأهلهم من خسارة مادية ومعنوية ، هذا بالاضافة لتضرر دراستهم بسبب السجن او بسبب انشغالهم بمتابعة وحل ذيول هذه المشكلة ، واكد عبد العزيز ان حجم التوعية للطلبة بالقوانين الخاصة بالعقوبات قليل جدا وغير كاف ، وان غالبية الطلبة على جهل كبير بها ، وهذا هو السبب الرئيس لاستهانتهم بعملية الانغماس بالمشاجرات ، لأنهم يعتقدون ان الامر بسيط جدا وينتهي باعتذار على فنجان قهوة.
التثقيف بقانون العقوبات
مزهر الرحامنة مشرف تربوي قال: ان المؤسسات التربوية تعتبر حائط الصد الأول لمشكلة تورط الطلبة في العنف ، واكد ان جميع المؤسسات التربوية مطالبة بأن تبادر لحل هذه الظاهرة من خلال تثقيف الطلبة بحقوقهم وواجباتهم ، وتعريفهم بالإجراءات التأديبية والقوانين الواجب التزامهم بها ، وهو ما يجب أن يلتزم به الطالب وولي أمره فعليا من خلال توقيعهما لتعهد بعدم مخالفة هذه القوانين ، والا تعرض الطالب لعقوبات شديدة في حال مخالفتها ، كما يجب تطبيق هذه العقوبات دون التأثر بالواسطة أو المحسوبية لدى تطبيق الأنظمة التأديبية ، وشدد الرحامنة على اهمية التواصل ما بين المؤسسات التربوية واولياء الامور لإطلاعهم على سلوكيات ابنائهم بصورة دائمة ، وبين ان إشغال وقت فراغ الطالب بأشياء ذات منفعة كالأنشطة اللامنهجية وتكليفه بواجبات تخدم مسيرته التعليمية وتثقيفه بقانون العقوبات يجعله يدرك ان التورط بمشاجرات ليس امرا هينا ابدا ، ويجر عليه وعلى اسرته الكثير من الضرر والأذى.
حملات توعية
الناطق باسم مديرية الأمن العام المقدم محمد الخطيب قال :ان مديرية الأمن العام تقوم وعلى مدار السنة بعمل حملات توعية بالقوانين من خلال إداراتها المتخصصة ، وتنفذ برامج في مختلف المجالات بالتعاون مع كافة القطاعات ومؤسسات المجتمع المدني ، كذلك في مختلف مناطق مديريات الشرطة في المملكة ، حيث تقوم مختلف الاقسام والادارات الفرعية بالأمن العام كل دائرة حسب اختصاصها بوضع برنامج كامل للتوعية من اجل توفير ثقافة كاملة لجميع المواطنين والطلبة على وجه الخصوص بمختلف القوانين والانظمة والتعليمات المرعية في المملكة ، فعلى سبيل المثال تقوم ادارة السير بالمحاضرة والتوعية عن كل ما يتعلق بالثقافة المرورية ، وتقوم ادارة مكافحة المخدرات بتثقيف المواطنين حول كل ما يتعلق بآفة المخدرات ومخاطر الادمان عليها ، وتمنى الخطيب ان تقوم مختلف الجهات بمساعدة مديرية الامن العام في نشر التوعية في مختلف المؤسسات التربوية.
الثواب والعقاب
الدكتور عودة عبد الجواد أبو سنينة رئيس قسم التربية وعلم النفس في كلية العلوم التربوية والآداب - عمان ، أشار إلى أن الثواب والعقاب موجودان في المجتمعات الإنسانية من أجل ضبط سلوكيات أفراد المجتمع ، وتعزيز السلوكيات الإيجابية بما يتناسب مع القوانين والأنظمة والتعليمات التي تضعها السلطة التشريعية من أجل ضمان حسن سير مجريات الحياة في المجتمع ، وتقوم السلطة التنفيذية بالإشراف على تطبيقها ، ولهذا لا بد من وجود إجراءات تأديبية عقابية تعمل على ضبط الانحرافات أو الخروج على قيم وأنظمة المجتمع ، وهناك ايضا الثواب الذي يتم منحه إلى الفرد الذي يلتزم بالضوابط الاجتماعية ومعايير المجتمع وقيمه.
ويضيف ابو سنينة : نحن أمام التغييرات السريعة والمتلاحقة في الألفية الثالثة وظهور الفضائيات وما تبثه من برامج وأفلام ومسلسلات ، وغياب رقابة الأسرة.
كل هذا شكل دافعا للطلبة الشباب بالخروج على ضوابط مجتمعاتهم ، ولهذا نرى الجامعات تعمل على تطبيق الإجراءات التأديبية بحق الطلبة الذين يخرجون على القوانين والانظمة والتعليمات الجامعية ، لأن في هذا ضمان لحسن سير العملية التعليمية ، وهذه القوانين تشرف عليها عمادات شؤون الطلبة ضمن تعليمات وأسس تأديبية واضحة ، ولجنة مشرفة من المتخصصين في الجامعات والكليات الجامعية والمتوسطة من أجل معالجة القضايا السلوكية والتصرفات التي تصدر من بعض الطلبة بقصد أو بغير قصد ، لأن المرحلة النمائية للطلبة في الجامعات هي التي توجه سلوكياتهم نحو بعض الأعمال وبخاصة السنة الأولى والثانية ، لأنها فترة البحث عن الذات واثبات الوجود ، ويتم ذلك من وجهة نظرهم من خلال مخالفة هذه التعليمات ، ولهذا يعملون على لفت الأنظار وإقناع الأطراف الأخرى على أنهم وصلوا إلى مرحلة الرجولة ، وكذلك بعض الإناث اللواتي يحاولن تقليد نموذج مقبول لهن ، ولهذا يمكن أن تصدر عنهن بعض السلوكيات التي قد تفسر بطريقة غير مقبولة وهنا تحدث المشكلة.
نشرات توعية
واكد ابو سنينة قائلا: نحن كبشر نخطئ ونصيب ، ولكن علينا نحن في الجامعات أن نعمل على توعية الطلبة بالقوانين والأنظمة والتعليمات المعمول بها في الجامعات أو الكليات الجامعية والمتوسطة بالإجراءات التأديبية التي ستطبق عليهم في بداية التحاقهم في الدراسة الجامعية ، وايضا علينا تفسير أسس النجاح والرسوب والغياب وكل ما له علاقة بالطلبة ، وهذا يتم من خلال عقد المحاضرات والندوات التوجيهية التي توضح لهم عواقب التصرفات العبثية التي قد تصدر عنهم ، وعلينا تعميم هذه الإجراءات إلى أولياء أمور الطلبة عن طريق دليل الطالب أو بواسطة البريد ، والبعض قد يقول: إن هؤلاء الطلبة هم فوق السن القانوني وهو (18) سنة.
وشدد أبو سنينه على أن الطلبة هم أبناؤنا وعدة المستقبل وفرسان التغيير ، وعلينا أن نوفر لهم الحماية من أي خلل أو ضرر قد يلحق بهم نتيجة جهلهم ببعض الأنظمة والتعليمات المتعلقة بضبط السلوك داخل المؤسسات الجامعية ، ولا ننسى أن العنف الآن ظاهرة عالمية مجتمعية موجودة في كل المجتمعات النامية والمتقدمة على حد سواء ، لأن مفهوم القوة والغطرسة التي تفرضها الدول الكبرى جعل هذا النمط نموذجا قويا لطلبة الجامعات ، وأن القوة هي الوسيلة لتحقيق الأهداف والغايات والوصول إلى ما نريد أمام هذا الواقع ، لذا علينا الرأفة في أبنائنا وفلذات أكبادنا وأن تكون هناك إجراءات وقائية قبل الوقوع بالمحظور وفصل الطلبة سواء لأسباب سلوكية أم تحصيلية ، لأن بعض الجامعات لا توجههم إلى معرفة أسس النجاح والرسوب والغياب والأعمال التي تخل بأنظمة الجامعة ، وطالب أبو سنينه أن تقوم المؤسسات التعليمية بإصدار نشرات توعية إلى طلبة الجامعات توضح لهم بعض المفاهيم التي تخص الطلبة قبل وأثناء الالتحاق بالجامعات أو الكليات الجامعية والمتوسطة.
قانون العقوبات .. تدريسه في المدارس يحد من المشاجرات الطلابية ؟
- التفاصيل