كريمان الكيالي
الايام مثل بعضها ، واليوم مثل الامس ، لاجديد، على «حطة» ايدك ..مفردات شائعة يعبر فيها كثيرون عن ضجرهم من الحياة ، برغم ما يحمله العصر من تطور ورفاهية، يفترض ان تسهم في اسعاد البشرية وليس تعاستها.
تقود الرتابة والروتين وضغوط الحياة اليومية للشعور بالملل والاحباط والضجر ، فيما يحذر علماء نفس من خطورة هذه المشاعر السلبية على الصحة العامة، فمن يشتكون من مستويات عالية من الضجر، يواجهون خطرا مضاعفا يهدد حياتهم ويعرضهم للموت، اما بسكتة دماغية او قلبية ، ويقول الباحث البريطاني»مارتن شيبلي» ،الذي شارك في كتابة دراسة نشرت نتائجها في شباط من هذا العام ، بأنه تمت متابعة أحوال»7524 « موظفا مدنيا، تتراوح اعمارهم بين «35 -55»عاما ، منذ اواسط ثمانينيات القرن الماضي وحتى نيسان 2009 ، وتبين بان هناك ارتباطا بين الملل وامراض القلب ، التي اصيب بها بعضهم وقضوا بسببها، مما يؤكد ان رتابة الوظيفة ،قد تسلب الانسان صحته وحياته، الامر الذي يتطلب حسب قوله ، ان يركز الاشخاص الذين يشغلون وظائف يغلب عليها الروتين على اهتمامات اخرى، لإبعاد شبح الملل عن حياتهم وجعلها مسلية واكثر حيوية.
عند البحث عن وظيفة، قلة من الاشخاص يبحثون عن عمل خارج جدران المكاتب, وتحضرني قصة شاب في بداية العقد الثالث متزوج وله طفلين، ما يزال يبحث عن وظيفة «مأمور مقسم» ، لأنها بنظره الاكثر راحة ولا تتطلب منه ،سوى ان يجلس على كرسي طيلة ساعات دوامه يرد على الهاتف .!.
على النقيض تماما يقول مندوب مبيعات يحمل درجة البكالويوس :»لا احب القيود حتى في العمل ، جلوس طويل ووقت فراغ كبير، يقضيه البعض هذه الايام على الكمبيوتراو في الاحاديث الروتينية، اخترت عملا يتميز ببعض الحيوية ، لكن التنقل الكبير وسط ازمات السير الخانقة ،اصبح يشعرني بالكثير من الملل والتعب ، وافكر جيدا في تغيير عملي والبحث عن اخر داخل الجدران .
من باب « من تعرفه افضل ممن لا تعرفه « تفضل الموظفة «غادة»، و تعمل في وظيفة ادارية منذ سبعة عشر عاما في احدى المؤسسات ،ان تبقى في عملها الذي تعودت عليه ، ولم تسع خلال هذه الاعوام الطويلة ،الى طلب الانتقال الى اي قسم اخر او دائرة اخرى، وتقول : المكتب والزملاء وحتى الجدران اصبحوا جزءا من حياتي ، من الصعب ان اطلب الانتقال الى قسم اخر في المؤسسة.
بهدف التغيير وكسر روتين الايام ،التي لا تختلف عن بعضها ، وافقت «إحسان « وتحمل بكالوريوس في «تربية الطفل « وما تزال تنتظرالتعيين منذ خمس سنوات على الارتباط بشخص يعمل في بلاد الاغتراب مع أن هذا ضد رغبتها وتضيف : كان ارتباطي ليس لا نني شارفت على السابعة والعشرين ولم اتزوج ، بل لأن الايام اصبحت مملة وقاتلة، لعل زواجي وسفري يحدث بعض التغيير في حياتي ، التي اصبحت بذات الشكل واللون والنكهة .
السفر وسيلة كثيرا ما ينصح بها، للقضاء على الروتين والملل واستعادة النشاط والحيوية، لكن هناك من يعتقد خلاف ذلك ، ويقول»عمار» بأنه كلما يعود من السفر يصاب بضجر اكثر ،لانه يعود لذات الروتين ، والاجازة تكون قصيرة.
حتى لانقع في مصيدة الملل ، ثمة علاج يعتبره مختصون مجديا للغاية غير انه لايكون مشجعا ، وهواللجوء للشجار في الحياة الزوجية الذي يجب ان لا يكون مصدر هم وقلق وتوتر دائما ، فالروتين الذي تصاب به العلاقة الزوجية، بعد مرور سنوات على الزواج ، يجعلها بحاجة الى ما يعرف بالشحن العاطفي ،حتى لو كان من خلال مشاجرات او مناقشات حادة باسلوب غير جارح، يمنح الزواج نكهة مختلفة
مصيدة الملل
- التفاصيل