سعد صاحب
(المخدرات سرطان الفرد وآفة المجتمع)، كتاب من تأليف الأستاذ الدكتور سعيد جاسم الاسدي، أستاذ فلسفة التربية والدراسات الاجتماعية، ومن إصدار مؤسسة العهد الصادق الثقافية، قسم الدراسات والبحوث، وحدة الدراسات التربوية والاجتماعية
والكتاب محاولة جادة لتقبيح صورة المخدرات وإظهار بشاعتها وحقيقة وواقع متعاطيها، وإثارة الاشمئزاز منها، بما يعمق وعياً لدى الافراد لمجانبتها وطلاقها بالثلاث.
من هو المدمن؟
يعرف الباحث المدمن على المخدرات بانه شخص دأب على اخذ عقار مخدر يسبب له عادة الإدمان لدرجة تعرض الآداب والصحة والسلامة العامة للخطر، أو انه ذلك الشخص الذي تعلق بمادة مخدرة حتى فقد القوة والسيطرة على نفسه. وإذا منعت عنه تلك المادة يشعر باشتياق يظهر بشكل أعراض مميزة تسمى باعراض الانسحاب أو الامتناع، والتسمية العربية الصحيحة لها ( اعراض الفصام). والمادة المخدرة المسببة لعادة الإدمان هي التي تجعل المرء يشعر بصورة آلية انه بحاجه ماسة لها للإحساس بحالته الطبيعية، دون الاعتبار لما تلحقه من أذى بجسمه وعقله، ودون الالتفات للجهود التي قد يبذلها الآخرون لصرفه عنها. دائرة الهلاك
تعاطي المخدرات منحدر زلق خطير ينحدر اليه البعض في مجتمعاتنا ، ونظراً لتفشي ظاهرة إدمان افراد المجتمع للمخدرات (خاصة الشباب) فهي تعد من اخطر ظواهر الغزو الثقافي، لان الغزو الثقافي يستهدف العقول للنيل منها والسيطرة عليها، والإدمان وترويج المخدرات بين الشباب انما يهدف الى القضاء على عقول الشباب وابدانهم، وهذا الامر إذا استفحل ذهب هذا المجتمع وضاع مستقبله، ولذلك أصبحت ظاهرة إدمان المخدرات من اخطر المشكلات التي تشغل بال المسؤولين في جميع إنحاء العالم، وبخاصة العالم الإسلامي. ويوماً بعد يوم يستفحل خطر الإدمان على كافة الاصعدة والمستويات ، لأنه يزداد كل يوم من دخول اعداد جديدة من الصبية والشباب صغيري السن لاسيما من تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات الى دائرة الموت والهلاك. ولا يقتصر الأمر على الذكور من الشباب، بل ان إدمان الهيروين والمخدرات البيضاء تفشت بين الفتيات بنسبة 5%.
التفكك الأسري
التفكك الأسري يعد من العوامل التي ساعدت على انتشار المخدرات بين الشباب في البلاد العربية، حيث أكدت الدراسات المتعددة: أن الأسر التي تعاني من عدم الاستقرار في العلاقات الزوجية وارتفاع نسبة الهجر والطلاق هي من النماذج المميزة التي يترعرع فيها متعاطو المخدرات. كما ان تعاطي احد افراد الأسرة للمخدرات أو العقاقير الخطرة من العوامل المساعدة لتعاطى الناشئة في هذه الاسرة المخدرات، والأخطر من ذلك أن بعض الآباء المدمنين يشركون ابناءهم في تحضير جلسات التعاطي مما يشجعهم على التعاطي والادمان.
ومن الإعمال التي تساعد على انتشار المخدرات هو اعتقاد البعض أن للمخدرات تأثيراً على اللذة الجنسية من حيث الإثارة وإطالة فترة الجماع، وهذا اعتقاد خاطئ والحقيقة انه عندما يتعاطى الفرد المخدر ينتابه التشتت وتبلد المشاعر وعدم الإحساس، ومن هنا يكون الوهم بأن المخدر هو السبب في اطالة فترة الجماع وفي اللذة الجنسية.
الوسائل الإعلامية
قوانين المخدرات في مختلف بلدان العالم ليست كافية وحدها لمجابهة آفة الإتجار بالسموم والإدمان عليها، بل يجب أن ترافقها جهود تربوبة واجتماعية في البيت والمدرسة والمسجد، وللوسائل الإعلامية الحديثة اثر كبير في هذا الصدد لاسيما إذا وجهت نحو أرشاد المراهقين الذي يؤلفون الطليعة المقبلة للأمة. ومن المعلوم أن كل فرد يشكل لبنة من لبنات المجتمع، وأن لم تكن هذه اللبنة قوية انعكس ضعفها على أبناء ذلك المجتمع بكامله فيبدو مهلهلاً متفتتاً لايصمد أمام الصعوبات. ومن أولى المصائب التي تنجم عن الإدمان هو التفكك والفساد الأخلاقي وان استنكار العقلاء من الناس وازدرائهم لعادة تعاطي المخدرات يجبر المدمن على ممارسة عادته بصورة سرية، فتراه يتذرع بشتى الحيل للتملص من مراقبة الغير، ويلجأً للغش والخداع والكذب من اجل الكسب المادي وتأمين مؤونته من السموم.
وظهر من الابحاث التي قامت بها الجهات المهتمة بالمشاكل الاجتماعية في مصر على سبيل المثال ان 85% بالمئة من قضايا الطلاق وعدم الاستقرار العائلي ناجم عن المخدرات، وهذا ليس بالامر المستغرب اذا علمنا ان المدمن يقطع من قوته وقوت عائلته كي يستطيع تأمين جرعته من المخدرات، وقد لا يتورع عن بيع اثاثه او إلقاء اسرته في الشارع تحقيقاً لهذه الغاية.
فالمخدرات اذن من العوامل الرئيسة الهادمة لكيان الأسرة ومسببه لانتشار التشرد والامية والجنوح نحو الجريمة، وهجر المرأه يعرضها للسقوط وبالتالي يساعد على اشــــــاعة البغاء، وجلســـات تدخين الحشيش او الآفيون ليست في الــــــــــــواقع الا بؤرة لتخريج جيش من العناصر المقـــــــوضة لبنيان المجتمع.
انواع الفساد
تعتبر المخدرات مدرسة لتدريب المومسات وتعليمهم على مختلف انواع الفساد، ومركز للايقاع بالمراهقين وصرفهم عن اتباع الطريق السوية، وان سوق المخدرات اكثر رواجا بين الافراد محدودي الدخل، وما يدفع لشـــــــرائها باسعار باهظة يخـــــــرج من جيوب او رصيد هؤلاء الذين يشكلّون غالبية السكان، والذين تتوقف قوة الاقتصاد على سواعدهم، والامة التي تنتشر فيها عادة تعاطي المخدرات تخسر خسارة بالغة نتيجة لانحطاط القوى البشــــــــرية في مجالات العمل والانتاج في المصنع والحقـــــــل، وتضييع مبالغ طائلة من دخلها القومي ثمنا للمخدرات ونفقات المكافحة.
واضرار المخدرات من الناحية الخلقية والكرامة الانسانية كثيرة، فغالبا ما يرى المدمن وهو يترنح ويهذي ويقع على قارعة الطريق، فيصيبه الاذى وهذا يذهب بكرامة الشخص وشرفه وحيائه، وهكذا تضيع الارادة الانسانية عند المتعاطي للمخدرات، وتقتل فيه العواطف السامية كالحنان والعطف والحب والايثار، وهذا يعلل ما نشاهده من حالات الاعتداء على الفتيات والعربدة في المواخير والاتصال بالنساء العاهرات والقوادين وذوي الاخلاق الساقطة من الشباب والرجال، وضعف الخلق وفساد النفس والخبث والغدر والنفاق والخديعة والرياء وغير ذلك من الصفات الرديئة التي تسببها المخدرات.

JoomShaper