ناجي أسعد /دمشق
يعيش العالم ثورة معلوماتية عارمة, حيث يربط الإعلام الرقمي أكثر من مليار شخص في شبكة واحدة, ويتيح هذا التواصل لنا التعبير عن معارفنا,.
فضلاً عن تمضية آلاف المليارات من الساعات سنوياً من وقت الفراغ الذي يقضيها المثقفون على هذه الأرض في القيام بالأعمال التي تهمهم, بينما كان الناس يقضون غالبية أوقاتهم في القرن العشرين في مشاهدة التلفزيون وقد أضحى فائض معارفنا وإدراكنا كبيراً بحيث أنه لو جرى تحويل جزء يسير من الزمن الذي نستغرقه لهضم المعارف واستيعابها, إلى زمن للمشاركة في إنتاج معارف أخرى, لكنّا أنتجنا معارف إيجابية كبيرة جداً. ‏ إنها خلاصة إلى ما توصل إليه مؤلف كتاب (فيض الإدراك: الإبداع والكرم في عالم شبكي) في مقال له في صحيفة أمريكية. خلاصة تعكس خوف المثقفين على الثقافة بالذات، خوفهم من ثقافة المحتويات الرقمية وسطحية معظمها. ‏
على أن خوف المهتمين على مستخدمي الشبكة الدولية «الأنترنيت» لا ينصب على الجانب الثقافي فقط إنما على جوانب اجتماعية متعددة أيضاً. ‏
عدد مستخدمي الإنترنيت في العالم حالياً يكاد أن يصل إلى ملياري مستخدم, وقد أدى انتشار الوسائط الرقمية إلى تحويل إنتاج النصوص والملفات الصوتية والمصورة ونشرها إلى عملية سهلة ورخيصة على نطاق العالم كله. وبحسب الاختصاصيين: هذا الحجم الكبير من المعلومات المتوافرة. هو حالياً من إنتاج أشخاص لا يفقهون إلا القليل من الإجراءات الاحترافية الخاصة بهذه الوسائط ووسائل الإعلام. لكن لا يعني ذلك أن شبكة الإنترنيت, فيما لو تم توجيه استخدامها لن تكون وسيطاً جيداً لإنتاج ثقافة مميزة. ‏
على الجانب الاجتماعي بقدر ما أفسحت الشبكة علاقات افتراضية واسعة وصلت إلى درجة إدمان الشباب عليها, بقدر ما تم استغلال هذه الفضاءات إلى الاعتداء على الأطفال وقتلهم. هذه الأسباب دفعت بكثير من الأهل في بريطانيا مثلاً إلى الانضمام إلى فايسبوك أو غيرها من المواقع الاجتماعية, وغالباً ما يبدأ الأهل بمراقبة أبنائهم وبناتهم على الإنترنيت بعد ملاحظتهم الأوقات الطويلة التي يقضونها يومياً على مواقع التعارف الاجتماعي وعلى رأسها موقع فايسبوك الذي يضم 25 مليون مشترك بريطاني أي ما يعادل أكثر من ثلث مجمل سكان المملكة المتحدة من أصل 500 مليون مشترك في فايسبوك عالمياً. ‏
أظهرت دراسة بحثية أن نصف الأهل البريطانيين تقريباً يتفحصون المواقع التي يزورها أطفالهم للتأكد مما يفعلون ويخشى هؤلاء خصوصاً من تعرض بناتهم أو أبنائهم للخداع على يد أشخاص يستغلون أطفالهم. ‏
انها التكنولوجيا التي دخلت المنازل بفضل التطور الكبير حتى أصحاب مقاهي الانترنيت في لبنان باتوا يشكون من تراجع عملهم بسبب الانتشار الواسع للانترنيت المنزلية جراء إدخال الإنترنيت المنزلي السريع من خلال «أوجيرو للاتصالات» التي باتت متاحة لـ/88%/ من مشتركي الهاتف الثابت. ‏
إن دخول الشبكة العنكبوتية إلى كل منزل بتسهيلات كبيرة أولها السرعة والتكلفة المتوسطة أدى إلى بروز خلافات أسرية بين الآباء والأبناء- من يراقب من- ومن يسابق من على جهاز الكومبيوتر. وبحسب مرشدة اجتماعية لبنانية في لقاء مع صحيفة الحياة اللبنانية حيث قالت: كما يمكن الأولاد أن يدمنوا على الانترنت, فكذلك الأهل فإذا كانت إيجابيات المسألة أن الأهل أصبحوا أكثر دراية بعالم الانترنت الذي يشغف به المراهقون والشباب, فهل يتم تجاهل خطر أن يصبح الأهل مدمني الشبكة العنكبوتية. ‏
إنه الانترنت الذي أخذ يفرض نفسه على المجتمعات بكل فعالياتها بدءاً من الأسرة والأهل وانتهاء بالجامعات وفعاليات المجتمع في مختلف تخصصاتها إلا أن الأثر الأكبر لهذه التقنية هو العالم الافتراضي الذي أتاحته للمتصفحين, وإذ توجه أصابع الاتهام إلى الانترنيت أنه عزل الفرد عن محيطه, إلا أنه فتح أفقاً واسعاً لمجتمعات متنوعة ومتباينة وربما منسجمة بحسب شرائح المتعاملين ويلاحظ اختصاصيو التكنولوجيا الحديثة أن عدد المشتركين في شبكة فايسبوك الاجتماعية 500 مليون مشترك وبذلك يحل سكان الشبكة في المرتبة الثالثة من ترتيب أعداد السكان في بلدان العالم بعد الصين 1340 مليوناً والهند 1200 مليون, إذ نقدم هذه المعطيات إنما بقصد تسليط الضوء على هذه التكنولوجيا وبقصد توجيه المتعاملين معها إلى الطرق السليمة والمفيدة, لدخول العوالم الإفتراضية بعيداً عن السلبيات التي يمكن أن تلحق الضرر بالمتعاملين. ‏ 

JoomShaper