سارة علي الخاطر
رغم ما يقال وما هو مؤكد من صفات اليهود بأنهم قتلة الأنبياء والرسل وخائنو العهود وأنهم مفسدون بكل ما تحمل الكلمة من معنى فإنهم أمة تعمل من أجل إثبات وجودها، أما المسلمون على ما فيهم من صفات يعجز عن وصفها اللسان إلا أنهم أمة تعلم ولا تعمل، وهذا ما يجعل لليهود القوة والريادة في العالم، ولا أدري كيف يمكن أن نصحح المنظومة الفكرية لدى المسلمين؟
هم يقبلون على البضائع اليهودية ويعترفون بجودتها ويعرضون عن الفكر اليهودي فهم لا يقرؤون جرائدهم ولا يرون مسلسلاتهم ولا يسمعون لقصائدهم، ونحن نرتكب بذلك أكبر خطأ تاريخي، لأنك إذا كان لك عدو فيجب أن تدرسه دراسة سليمة وتدقق في نقاط ضعفه وقوته، ولن يكون ذلك إلا بالانفتاح على إعلامه وكتبه وجرائده ومسرحياته، سأل أحد الصحافيين يوماً أحد القادة الإسرائيليين عن هواياته، قال مشاهدة المسرحيات العربية، طبعاً هذا رد في منتهى الذكاء لأنك من خلال المسرح تستطيع أن تكتشف العيوب وتضع يدك عليه، وتعرف إلى أين وصلت هذه الأمة بفكرها. ولكنك تنقطع انقطاعاً تاماً عن عدوك وهو يقبل إقبالاً تاماً على ثقافتك، فأنت خصم مكشوف وواضح لديه، وهذا لا يعني أني أدعو إلى دخول كل ثقافاتهم ولكن لا نمنع فكرهم ولا جرائدهم، ونحن نتيح لهم بيع بضائعهم من أشهر الماركات، والناس لا تلتزم بالمقاطعة الاقتصادية وهم كثر مقبلون على ماركس أند سبنسر وماك وستار باكس يعني نحن ندعمهم كما يخططون ويريدون، بينما لا تتوضح لدينا رؤيتهم للعالم وتغافل عنها، أذكر أني قرأت قصة قديمة أن ملكاً من ملوك الإسبان أراد أن يستعيد بلاده من المسلمين، فأمر أحد علمائه لدراسة هذا البلد وذهب هذا العالم وقابل طفلاً صغيراً ووجده يبكي، فقال ما الذي يبكيك يا بني؟ قال له الطفل الصغير: لقد علمني أبي كيف أضرب السهم فيصيب الفريسة وأبكي لأني أخطأت في اقتناص الفريسة. فرجع العالم إلى الملك وأخبره بذلك، وقال له كيف ستفتح بلاداً الطفل فيها يبكي إن أخطأ في اقتناص الفريسة وبعد 20 عاماً راودت الملك نفس الفكرة فأرسل العالم وذهب العالم إلى تلك البلاد فوجدهم يرقصون ويغنون ويلعبون ويلعبون وما شعروا، فقابل رجلاً عند شجرة فسأله ما الذي يوقفك عند هذه الشجرة لساعات فقال أنتظر حبيبتي. فرجع للملك فقال للملك الآن بإمكانك أن تغزوهم، فغزاهم الملك وانتصر عليهم ومَلَكَ بلادهم..
الشاهد من هذه القصة كيف سنحارب عدواً يرانا ولا نراه؟! ونرفض معرفته وهو لا يرفض معرفتنا؟! إعلامهم المشوه الذي يسيطرون فيه على السينما في هوليوود يبث ما يريد من أفكار مسمومة كلها تدعم دولتهم، ونحن نشاهده ولا نعرف خفاياه، فمثلاً كنت أشاهد فيلماً أعدّه تليفزيون ألمانيا عن معجزات موسى العشر، بينما له تسع آيات كما ذكر القرآن الكريم، وأيضاً من خلال أحداث الفيلم كيف أن الفراعنة كانوا يجلدون بني إسرائيل لبناء الأهرامات ولا أعتقد أنهم شاركوا في بناء أي هرم، ولكنهم أرادوا أن يزرعوا في روع العالم أنهم هم أصحاب الحضارة في مصر وأنهم قادمون
لاسترداد ما بنوا من حضارة، إذن المطالبة بمصر أمر شرعي، ولذلك سيقول لنا الهنود في يوم من الأيام نحن من بنى لكم هذه الأبراج فالمطالبة بهذه الأرض أمر شرعي وتاريخي!!
والتاريخ يثبت أنهم ما شاركوا في بناء الأهرامات، وذلك لأن موسى عليه السلام كان في عهد رمسيس الثاني، ورمسيس الثاني كان في الأسرة الـ19، بينما الأهرامات بنيت في الأسرة الثانية والثالثة والرابعة، والقرآن يشير إشارات تاريخية خطيرة لأن يوسف عليه السلام كان يتواجد في مصر قبل موسى، وأشار بلفظه في القرآن {في دين الملك} إذن مصر كان يحكمها الملوك من الهكسوس في هذه الفترة السابقة لموسى، ويعلم أنهم أتوا إلى مصر في الأسرة الـ14 والـ15 والـ16 والـ17، وتحتمس بطل النصر كان في الأسرة الـ18 ومن بعده رمسيس في الأسرة الـ19، وموسى بعد يوسف عليه السلام. المهم أنهم يقدمون ما يريد للعالم حسب تخطيطهم وأكاذيبهم، لذلك لا يسعني أن أقول إنهم أمة تعمل وتخطط وترتبط بدينها ارتباطاً شديداً وتسخر كل أبنائها من مخرجين ومغنين لخدمة الصهيونية العالمية..
ونحن من نمتلك كل المقومات من تاريخ مضيء وصفحات مشرقة لا نعلم كيف نوظفها، علماً بأن من يرى هذا الفيلم القصير سيرى كيف أن اليهود لم يعرضوا صورة نبي الله موسى، بينما عرضوا للعالم معجزاته بينما نحن نتناقش ونتحاور ونضيع الوقت في أمور تافهة، هل زواج المسيار حلال أم حرام، من سيحظى بلقب شاعر المليون، وزوجة النجم العالمي أنجبت توأمين، كل هذه الأمور التي لا تسمن ولا تغني من جوع وإنما تعزز ثقافة، إلا ثقافة في ربوع العالم الإسلامي لم نسمع عن غني عربي خصص جزءاً من ثروته لمركز للأبحاث العلمية، كلها محاولات متناثرة لا تعرف التفكير ولا التنظيم، فهنيئاً لكل من استخدم عقله وفكره في موضعه الصحيح.

JoomShaper