أسامة عبيدات*
الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، حيث تكون بداية التربية والتعلم واكتساب السلوك من الأسرة التي ينشأ فيها الطفل قبل نضوجه واختلاطه بالمجتمع.ويبقى على هذه الحال فترة من الزمن يتأثر فيها بوالديه فيما يلقنانه إياه أوفيما يشاهده منهما و يتأثربه تلقائياً ويأتي بعد ذلك دور الأخوة في التأثير.
فالأسرة بحق هي مرحلة التأسيس في السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل وهي مرحلة كافية لتشكيل و توجيه سلوك الطفل من مصدر واحد قبل التأثر بأي بيئة خارجية أخرى، وللأسرة يعود الفضل في توجيه السلوك وتعديله وفيها يكتسب الطفل العادات ويمارس نشاطه داخل مجتمعه الصغير الذي يؤهله بعد ذلك لدخول المجتمع الكبير المحيط به وبأسرته.كما يظهر دور الأسرة واضحاً في تعليم الأبناء من الصغر أصول بناء العلاقة مع الآخر وضبط السلوك وتعزيز الناحية الاجتماعية وتقويتها. والملاحظ في كثير من الأحيان أن الكثيرين يرجعون سلوك الإنسان عند نضوجه وتشكل سلوكه واتخاذه لخط معين إلى التربية الأسرية، ويأتي قول مخالف لذلك يرى أن الأخوة داخل الأسرة الواحدة يختلف أسلوب كل منهم عن الآخرفي سلوكه وتصرفاته في الكثير من الأحيان على الرغم من تلقيهم نفس التربية ونشوئهم في نفس الأسرة، ويكمن السر في ذلك بما يسمى» بالفروق الفردية» بين شخص و آخر وهو أمر فطري وضعه الله سبحانه وتعالى في كل إنسان لحكمة بالغة وهي أن الاختلاف بين الناس أمر بالغ الأهمية للتطور والتغيير في أنماط الحياة المختلفة.
ومن أهم الأمور التي يجب أن يتحلى بها الأبوان، تكملة التربية النظرية للأبناء بالتصرفات الفعلية المطابقة للنصائح والأقوال الصادرة منهما لأبنائهما ليكون التأسيس سليماً وتكون التنشئة ناجحة، وعلى العكس تماماً فإن من أخطر الأمور في تربية وتنشئة الأبناء عدم ربط تصرفات الابوين بأقوالهما ونصائحهما لأبنائهما بمعنى منع الأبناء من تصرفات خاطئة في الوقت الذي يقوم الوالدان أو أحدهما بممارسة هذه التصرفات. ومثال ذلك أن يمنع الأب ابنه من التدخين ويذكر له أضراره و مساوئه، ثم يقوم هو بالتدخين أمامه، أو حث الأبناء على القيام بالتصرفات الإيجابية والصحيحة في الوقت الذي لا يقوم الأبوان بممارسة هذه التصرفات ومثال ذلك نصيحة الأم لابنها بعدم الكذب وبقول الصدق دائماً ثم يراها وهي تمارس هذا الفعل الخاطئ .هذه التصرفات تعيق العملية التربوية وتتسبب بوجود خلل كبير في التنشئة والتأسيس، كما أنها تجعل الأبناء يعيشون صراعاً داخلياً كبيراً في التفكير بين ما يسمعونه من نصائح إيجابية من آبائهم وأمهاتهم وبين ما يشاهدونه منهم من تصرفات سلبية مناقضة لهذه النصائح ، وغالباً ما يقومون بتقليد التصرفات السلبية التي يشاهدونها ويبتعدون عن تطبيق النصائح التي يسمعونها لتناقضها مع الأفعال، ولأن تأثير الفعل أقوى بكثير من تأثير القول.

*مرشد تربوي
أكاديمية الرواد الدولية

JoomShaper