الدستور - جمانة سليم
تتهم فئة من الناس بأنها لا تحترم آراء الآخرين سواء في وجهات نظرهم بموضوع ما ، أو في طرحهم لقضايا قد تبدو بحسب وجهة نظرهم صائبة ومجدية: والسبب إطلاعهم على تفاصيلها أو معايشتها بتجربة حياتية ، ويجد هؤلاء أن انتقاد الآخرين لهم ، عادة لا يكون موضوعيا أو منطقيا ولا يهدف الى نقد بناء يرتكزعلى أُسس معرفية لديهم. وإنما يكون لدوافع شخصية: لمجرد أنهم أصحاب هذه الفكرة أو هذا الطرح.
اخصائيو علم النفس ، يجدون في شخصية هؤلاء أنهم لا يجيدون فن الاصغاء ، ولهذا يتخذون من عناوين الفكرة المطروحة مدخلا لهم ليدلوا بما لديهم من إضافات قد تكون ذكرت بالفعل من صاحبها ، وعلى الاغلب يتصفون بحبهم في السيطرة على الحديث والاستئثار بأية جلسة جماعية ليفرضوا وجهات نظرهم ولكي يتميزوا عن غيرهم.فكيف يمكن أن نتعامل معهم ، وكيف يمكن أن نتجنب نقدهم الذي: قد يصل الى حد المشادة الكلامية في كثير من الاحيان؟.
تجنب الحوار
ويتعرض "حسام سلام" موظف ، للكثير من هذه الحالات التي ينتقده فيها البعض لأغراض شخصية فقط من أجل الإنتقاد وليس من أجل التوضيح أو تصحيح وجهة النظر ولا يتوقف نقد الاخرين له فقط في حديثه أو في وجهات نظره ولكن أيضا في طريقة مشيته وطريقة لبسه ، وذكر أنه يتخيل أن هناك أشخاصا معينين يراقبونه ويترصدون جميع تحركاته فقط من اجل أن يوجهون إليه انتقاداتهم.
ويذكر حسام الذي يعمل في شركة استثمارية: إنه وفي إحدى المرات كان يتحدث عن مدى حبه وتشجيعه لأحد فرق كرة القدم العالمية في كأس العالم وقد واجه نقدا بسبب تشجيعه لهذا الفريق بسبب انه يضم لاعبين غير ملتزمين اخلاقيا وعليه يجب الا يشجعهم..
كما أن "ديما سعيد" مدرسة لغة عربية ، تواجه نفس المشكلة مع مجموعة من زميلاتها اللواتي لا يحترمن رأيها في كثير من المواضيع التي تطرحها في اجتماعات العمل مشيرة الى أن الاقتراحات التي تناقشها :عادة ما تكون مبنية على أسس علمية ومنهجية وبالتالي فانها تجد بأن انتقادها أو رفضها يكون في غير محله وبعيدا عن المنطقية.إلا أنها تلاحظ وفي كثير من المرات تكرار انتقادها من أشخاص معينين ممن يحاولون تفنيد اقتراحاتها لمجرد أنها طرحت الفكرة ، مؤكدة ان النقد يكون لشخصها: كونها صاحبة الفكرة وليس لما تقوله.
فرض الرأي
ومن ناحية اخرى ذكرت ديما بأن الأشخاص الذين لا يحترمون رأيها يحاولون فرض رأيهم ووجهة نظرهم عليها كمحاولة منهم لفرض رأيهم على انه هو الصواب وأن ما يقولونه هو الذي سيحقق مصلحة لها وللجميع.وأشارت الى أنها وعلى المستوى الشخصي تحترم رأي الاخرين ولا تتدخل في قناعاتهم حتى إنها في كثير من الجلسات العائلية لا تحب أن تقمع رأي أحد حتى وإن كان رأيه ظاهرا للجميع بأنه خاطىء ، موضحة أنها تحتفظ برأيها وقناعاتها في أي موضوع لنفسها حتى وإن تدخلت في طرح وجهة نظرها فإنها تطرحها بطريقة مهذبة وبعيدة عن التجريح او أسلوب المبارزة الكلامية والذي عادة ما تشاهده في كثير من المواقف بين الناس سواء في العمل أو بين أفراد الاسرة او في وسائل الاعلام وتحديداعلى الفضائيات التي تطرح برامج حوارية يفترض أن تكون موضوعية وتحترم وتقدم الرأي والرأي الاخر بشكل راق ومنطقي.
كما عبر "مصطفى أبو بكر" تاجر عن إستيائه من تجريح البعض له بطريقة غير مهذبة بسبب طرحه لموضوع أو تعبيره عن وجهة نظره التي يراها صائبة والتي عادة يكون مقتنعا بها بسبب تجربته لها أو بسبب معرفته التامة لها.ويذكر أبو بكر: إنه يتعرض للهجوم اللفظي من قبل أشخاص يحاولون إقناعه وإقناع كل من يتواجد بأن فكرته خاطئة دون أي تبرير يفندها.
وأشار الى أنه وفي جلسة جمعته بمجموعة من الاصدقاء وبعض الأقارب كان يتحدث عن فكرة مساعدة الزوج لزوجته في اعمال المنزل كونها تبذل مجهودا كبيرا في تربية الاطفال وتدريسهم خاصة اذا كانت موظفة وقد اعترض ثلاثة من الحضور على فكرته والتي اعتبروها تقلل من قيمة وكرامة الرجل وقد طالبوه بعدم تشجيع الازواج على هذه الفكرة حتى لا تطالب بها الزوجات كحق مكتسب لهن.
ويستغرب أبو بكر من فرض البعض لآرائهم التي تكون على الاغلب غير مقنعة وفي نفس الوقت لا يحترمون آراء ووجهة نظر الآخرين ويعتبرونها مغلوطة أو أنها تتنافى وطبيعة حياتهم: وبالتالى فإنها تتنافى مع طبيعة باقي البشر.
أسباب شخصية
ويرى الدكتور حسين الخزاعي استاذ علم الاجتماع أن هناك اشخاصا يحاولون فرض آرائهم لمجرد أن يستعرضوا أمام الناس من خلال مقاطعة هؤلاء بالكلام. وأشار الدكتور الخزاعي إلى أن من أدب الحوار: الإستماع والإنصات للآخرين وعدم التداخل في أحاديثهم الا بعد أن ينتهوا من كلامهم. ويعتبر الدكتور الخزاعي مثل هذه الفئة أنهم يفتقدون إلى الوعي الإجتماعي واللطف في المعشر والتربية السليمة.
أدب الحوار .. فن لا يجيده كثيرون !
- التفاصيل