الدستور - إسراء خليفات
على الرغم من التقدم التكنولوجي والتطور السريع في عصرنا الحالي ومواكبتنا له ، الا أننا نجد كثيرا من الناس ما زالت زيارة العيادة النفسية أو العصبية في نظرهم بمثابة وصمة اجتماعية يحاول المريض أو أهله التستر عليها أو إنكارها وعدم الاعتراف بها معتقدين أنها ستجر لهم عقبات سلبية يمكن أن تؤثرعلى سمعة المريض أو أسرته أو تعرقل بعض مشاريع الزواج لأي فرد من أفراد الأسرة.
وأشارت نور الى أن الفتاة بخاصة غير المتزوجة قد تكون زيارتها الى الطبيب النفسي بعيدة كل البعد عن تفكيرها أو تفكير أسرتها لأنها ترى أن زيارتها تلك إن علم بها الخاطبون بعد ذلك فمن المؤكد أنهم سيغضون الطرف عن الارتباط بها ويبحثون عن غيرها. وتذكر ان ذلك الموقف حدث مع إحدى بنات أعمامها. حيث أبعد فكرة الزواج عنها لإعتقاده إنها تعاني من مرض نفسي صعب أو أنها مصابة بخلل عقلي ، وبرأيه قد يؤثر على أولاده في المستقبل.
ثقافة
وأكد رامي أنه لا يجد أي عيب في زيارة الطبيب النفسي ، فتلك ثقافة كغيرها من الثقافات. فمن يحرج من الزيارة مهزوز الثقة في نفسه لأنها بنظره كزيارة طبيب أسنان ، معتبرا أنه ليس كل من يزور الطبيب النفسي شخصا مختلا. فأحيانا قد يكون قد شاهد حادثا مروعا أو أصابه الخوف الشديد أو أنه يعاني من قلق لأيام حتى فارقه النوم ووصل الحال به الى الأرق. أو يكون فاقدا لشخص عزيز عليه. فهذه الحالات جميعا تحتاج الى طبيب نفسي لمعالجتها. قائلا إننا بحاجة لطبيب اختصاص نفسي أكثر من أي طبيب آخر بخاصة في ظل الظروف المحيطة بنا ، مضيفا أن الجميع مصاب بأمراض نفسية عديدة ، لو آمنا بحقيقة وجودها وضرورة علاجها ، لاقتنعنا فعلاً بأهمية زيارتنا إلى الطبيب النفسي ، لأن العلاج النفسي في كثير من الحالات يفوق العلاج العضوي.
وتقول ناريمان محمد إن عدم زيارتي للطبيب النفسي لا تعني أنني قليلة الثقافة والتطلع الى الأمام وعلى التطور الكبير في الديمقراطية ونظرتي لمن يزور الطبيب النفسي أنه شخص جريء وواثق من نفسه ، لكن يبقى الخوف من نظرة المجتمع بعد حصوله على العلاج. حيث يصبح التعامل معه كأنه ضعيف أو يعاني من بعض نوبات الجنون التي تجعل الآخرين يتعاملون بخوف شديد مع صاحب المرض ، وهذا ما يجعل البعض يبتعد عن طريقة العلاج هذه ويلجأ لطرق أخرى حتى وان كان بها ضرر لكنها تكون بعيدة عن أعين الأشخاص الآخرين.
وعبر أحمد عن المعاناة التي مر بها قبل فترة قصيرة حيث أنه راجع أطباء كثر بسبب حالة الخوف التي عاشها. وقد تسببت له بكثير من الألم والتدهور في حياته حيث أنفق نصف ما يملك من المال على زيارة الأطباء وفي نهاية الأمر كانت النتيجة أن مشكلته نفسية ، مبينا أنها لم تكن تلك المشكلة بعد وقت من الزمن ولكن الأغرب في الأمر أن الطبيب الذي أخبره بذلك لم ينصحه بالذهاب الى طبيب نفسي حيث قال له من الأفضل ألا يذهب. لأنه قد يزيد حالته ومعاناته من نظرة المجتمع له معتبرا ان ثقافة العيب ما زالت متواجدة بين أفراد المجتمع على الرغم من التطور والتقدم التكنولوجي والديمقراطي الذي تم التوصل إليه.
رأي الطب النفسي
ويؤكد د. محمد الدباس استشاري الطب النفسي انه حصل تطور هائل في علاج وتشخيص الأمراض النفسية في السنوات الأخيرة. كما دلت الدراسات على ان المرض النفسي هو عبارة عن مرض عضوي لا يقل اهتماما عن بقية الأمراض الأخرى مثل الضغط وغيره ، ويقول د. الدباس ان المرض النفسي بشكل عام هو اختلال في الناقلات العصبية في الدماغ. ويضيف على الرغم من التقدم والتطور الكبير والوعي الذي وصل إليه الأردن بشكل خاص والعرب بشكل عام إلا أن النظرة السلبية في زيارة الطبيب النفسي ما زالت موجودة لغاية الآن ولا يقتصر هذا الأمر على الأشخاص العاديين بل يشمل - للأسف - القطاعات الطبية أيضا حيث يتردد الأطباء من غير المستشارين النفسيين في تحويل أو إبلاغ المريض الذي يراجعه بأن عليه الذهاب الى الطبيب النفسي.
واشار د. الدباس الى أكثر الزائرين للطبيب النفسي هم من فئة الشباب والشابات كما ان النساء نسبتهن أكثر من الرجال بثلاثة أضعاف وذلك نتيجة ثقافة العيب عند الرجال حسب اعتقادهم بأن ذلك يمس رجولتهم امام المجتمع ، وآخرون لا يذهبون الى الطبيب النفسي خشية إعطائهم الأدوية النفسية التي قد تسبب الأدمان وهذا قول غير صحيح بتاتا.
وينصح د. الدباس كل شخص يعاني من ظروف صعبة عدم التردد في زيارة الطبيب النفسي لأن ذلك دليل على قوة الوعي والثقافة للفرد.


JoomShaper