هل يمكن أن يتحول إستخدام شبكة المعلومات العالمية المعروفة وباسم (إنترنيت) إلى إدمان مرضي مثل الإدمان على الكحول والمخدرات من قِبَل بعض المستخدمين لها؟ كان هذا السؤال الإفتراضي محور الدراسة التي أجراها أحد الباحثين بجامعة "بتسبرج" على نحو أربعمائة شخص من الرجال والنساء.
وقد اكتشف الباحث انّ إدمان الإنترنيت يجعل الناس يمضون 40 ساعة أو أكثر أسبوعياً على الخط أمام أجهزة الكمبيوتر ومعظمهم يقضي كثيراً من الساعات الطوال في ممارسة الألعاب أو الإشتراك في المناقشات الدائرة فيها.
واضطر أحد الآباء إلى إدخال ابنه المراهق البالغ من العمر 17 عاماً إلى مستشفى يعالج مدمني المخدرات والكحوليات لمدة عشرة أيّام لإعادة تأهيلة وعلاجه من إدمانه الشديد لشبكة الإنترنيت.
وفي حالة إمرأة كان يصفها الأصدقاء والأقارب بأنّها (أُم وربة منزل) ممتازة أصبحت من شدة إدمانها للإنترنيت مهملة لبيتها وزوجها وأطفالها لدرجة جعلتها لا تقوم بالطهي والتنظيف والغسيل وكانت تقضي 12 ساعة يومياً تتحدث مع معارفها على الشبكة من خلال الكمبيوتر.. وأمام هذا الأمر اضطر زوجها لتخييرها (بينه وبين الكمبيوتر) فاختارت الكمبيوتر وتم طلاقها.
ووجدت الباحثة "كيمبرلي يونج" أستاذة علم النفس المساعدة بجامعة "بتسبرج" التي اجرت الدراسة أن 76 في المائة من الذي شملتهم الدراسة يمضون في المتوسط 100 ساعة أسبوعياً على الخط مع شبكة الإنترنيت..
وكانت الدراسة قد شملت 396 شخصاً من المستخدمين للإنترنيت بشكل مدمن منهم 157 رجلاً و239 إمرأة وكان الرجال أصغر عمراً من النساء حيث كان متوسط أعمارهم 29 عاماً بينما كان متوسط عمر النساء 43 عاماً.
وكانت المجموعة الأكبر من المستخدمين المدمنين للإنترنيت من الأشخاص الذين لا يعملون خارج المنزل مثل ربات الأسر والطلاب والمعاقين أو المتقاعدين.
وطبقا للدراسة التي تم عرضها في الإجتماع السنوي للرابطة الأمريكية لعلماء النفي في "تورنتو" فقد قال المستخدمون المدمنون للإنترنيت أنهم انجرفوا إلى هذا الإدمان ببطء وبصورة تدريجية.
وأشارت الدراسة إلى أنّ هذا الإدمان ليس قاصراً بالتحديد على شبكة الإنترنيت وحدها فق وإنما يشمل أي نظام مماثل (على الخط) مثل (أمريكا اون لاين) و(كمبيوسيرف) و(بروديجي) و(كمبيوتر بوليتان بورد سيسيتمز) التي يمكن الدخول إليها من جانب المشتركين.
وقد اختارت الباحثة الأفراد الذين شملتهم الدراسة ممّن ينطبق عليهم معيار الإدمان والذين أجابوا بالإيجاب على أربعة من عشرة أسئلة تم نشرها في الصحف تتضمن ما يلي... الإنشغال بالتفكير الشديد في الإنترنيت أثناء إغلاق الخط... الشعور بالحاجة إلى إستخدام الإنترنيت فترات أطول من أجل الشعور بالرضى... عدم القدرة على السيطرة في الرغبة في إستخدام الإنترنيت وفي هذه النقطة قالت الباحثة: "إنّ بعض الأشخاص يستيقظون في منتصف الليل لإلقاء نظرة على الإنترنيت".. الشعور بعدم الراحة أو الغضب عندما محاولة قطع الخط أو المنع من إستخدام الإنترنيت. إستخدام الإنترنيت كوسيلة للهروب من المشكلات. الكذب على أفراد الأسرة أو الأصدقاء لإخفاء مدى الإهتمام والإنشغال بالإنترنيت. وفي هذه النقطة وجدت الباحثة انّ بعض الأشخاص كانوا مرضى إلى درجة تمنعهم من العمل ولكنهم مع ذلك كانوا يستطيعون إستخدام الإنترنيت. وفي بعض الحالات كان بعض الأشخاص يذهبون مبكراً للعمل حتى يتمكنوا من الاطلاع على الإنترنيت من خلال شركتهم.
خطر التعرض لفقد علاقة مهمة أو وظيفة أو فرصة تعليمية بسبب الإنترنيت. الإصرار على العودة إلى إستخدام الإنترنيت حتى على الرغم من إنفاق مبالغ باهظة كرسوم. وفي هذه النقطة وجدت الباحثة ان أحد الأشخاص كان يدفع 1400 دولار شهرياً لفاتورة الإنترنيت.
الشعور بالإحباط والقلق عند إقفال الخط. إستمرار البقاء على الخط مع الشبكة أكثر من المدة المقررة أصلا.
وقالت الباحثة انّها اكتشفت أنّ إستخدام الإنترنيت يمكن أن يعطل تماما الحياة الدراسية والإجتماعية والوظيفية للمستخدمين المدمنين لها تماما مثلما يحدث لمدمني المخدرات والكحوليات والمراهنات والمقامرين.
وأشارت إلى أنّه يجب إعتبار مدمني إستخدام الإنترنيت من المرضى النفسيين وخاصة في ضوء تزايد وباء إدمان إستخدام الإنترنيت.
وللإنترنيت سيِّئاته أيضاً
- التفاصيل