حسين أحمد آل درويش
بصراحة وبعيدا عن المجاملات و قريبا إلى الموضوعية العلمية يخطئ البعض من الناس أو يتوهمون تماما بأن مشاكل الدول العربية والإسلامية لا تحل ولا تعالج إلا عن طريق لغة السلاح والعنف والقتل والدمار وهو ما يعني تأصيل ثقافة التشدد والتطرف والعنف والتحريض على الكراهية بمختلف العناوين والمبررات .. كمثال على ذلك بما يدور في أمتنا العربية والإسلامية من نزاعات وانتهاكات صارخة وفظائع عظيمة وكبيرة .. للأسف الشديد أن معظمها ترتكب باسم الإسلام تارة وباسم الوطنية والقومية تارة أخرى .. من هنا يستوجب علينا إعادة النظر في فهمنا لبعض المفاهيم والأساليب ووقف هذا الخلط الخطير ... لذلك فإننا بأمس الحاجة إلى إشاعة لغة الحوار وثقافة الاعتدال والتسامح والتعايش السلمي والانفتاح والاعتراف بالآخر والوقوف بحزم وبشدة ضد تيارات التشدد والتطرف والعنف ولا بد من العناية بتصحيح المفاهيم وضبط المصطلحات الشرعية وتفتيتها مما خالطها من المصطلحات المغلوطة والمشبوهة والحفاظ على خصوصيتنا الثقافية ومميزاتنا الفكرية . ولابد في هذا المجال أن نشير إلى نقطة هامة جدا ألا وهي الانفتاح الإيجابي والتداخل والتفاعل بين الشعوب المتقدمة والمتحضرة والاستفادة منها : بشكل خاص في نجاح وتعزيز النهج الديمقراطي بمفهومه الواسع وليس فقط التركيز على العملية الانتخابية إضافة إلى قضايا حقوق المرأة والأقليات وحقوق الإنسان ونشر ثقافة التداول السلمي للسلطة والتنمية البشرية .. ولنا في التجربة خير برهان - كوريا الجنوبية واليابان- فهذه الدول عندما كانت متشددة ويسودها العنف والتطرف الحزبي والعرقي والديني كان مصيرها التدمير والهلاك والفقر والجوع وعندما توجهت نحو لغة الحوار وثقافة الاعتدال والتسامح والتعايش السلمي وتوقفت الإيديولوجية المتشددة والمتطرفة أصبحت بحق وحقيقة من الدول الاقتصادية الكبرى في العالم وهو ما نتمنى بالفعل أن يتحول هذا الحلم إلى واقع بأن تصبح مجتمعاتنا العربية والإسلامية مثل اليابان وكوريا الجنوبية وغير ها من الدول المتقدمة والمتحضرة .
وخلاصة القول.. أنه لا سبيل غير لغة الحوار وثقافة الاعتدال والتسامح والتعايش السلمي والاعتراف بالآخر كضمان وحيد لتحقيق التقدم والتطور والبناء الاجتماعي العام.ومن أجل تحقيق هذا الهدف السامي ينبغي في الواقع أولا أن يتحاور العرب والمسلمون فيما بينهم   وينفتحون على بعضهم البعض بكل صراحة وشفافية حتى يستطيعون تجاوز حالة التفرقة والتنازع والتصادم والتحارب ويتفقون على بناء مشروع حضاري يخدم شعوبهم أولا وأخيرا   ولا يمكن تحقيقه أبدا إلا عندما تتضافر كل الجهود والإمكانات والطاقات ويستفاد من كل العقول المفكرة والمنتجة في سبيل النهوض الحضاري الشامل.. ومن هنا يمكنهم أن ينطلقوا بروح جديدة نحو إيجاد مناخ مناسب وملائم لانطلاقة حضارية شامخة وعظيمة تنافس وتواكب الأمم المتقدمة والمتحضرة في المستقبل المنظور

JoomShaper