عفراء محمد
بعدما ظن الجميع أن تأثير «نور»، «مهند»، «لميس» و»يحيى» قد بلغ الذروة في سوريا كما في الدول العربية الأخرى، أتى مسلسل «قصر الحب» التركي المدبلج ليظهر أن «حسام» و»مرام» قد تقدما بأشواط على أقرانهم السابقين، خصوصاً في مدينة حلب السورية. فما إن بدأت قناة» أم بي سي 4» بعرض المسلسل الذي تدور أحداثه - كما جرت العادة - حول قصة حب تجمع بين «مرام» و»حسام» فتعترضها منغصات تفرق الحبيب عن حبيبته لفترة ما، لتعود النهاية السعيدة وتذلل العواقب، حتى اجتاحت المدينة موجة هدفها تغيير أسماء العائلات لتصير، كما في المسلسل، «آغا» و»بيك» و»خانوم».
بعيداً عن السوية الفنية للعمل، الذي يجسد فيه الفنان التركي أوزكان دينيز شخصية «حسام» الذي ورث ثروة طائلة عن والده الآغا، وتؤدي الفنانة نورغول يسلاسي دور «مرام» الرسامة الموهوبة من طبقة متوسطة التي تمتزج شخصيتها بالعصبية وطيبة القلب في آن، نجح «قصر الحب» بتصدر لائحة المسلسلات الأكثر متابعة بين الجمهور السوري.
غير إن الحلبيين الذين تابعوا المسلسل بشغف شديد لم يسرحوا فقط بخيالهم في عالم الأحلام، بل استقطبتهم الألقاب وتحولوا بها إلى أرض الواقع بهدف الحصول على ألقاب مماثلة للأسماء في المسلسل المذكور. في هذا الاطار، شهدت دائرة السجل المدني في حلب الكثير من الدعاوى من أجل تغيير ألقاب تحمل معاني غير مستساغة مثل طرطور، مخلوطة، عدس، مخللاتي، الحافي، البردان ، الأكتع (نسبة إلى عاهة جسدية)، الجربان، الجدية، مسلوخ، ثفنكجي (نسبة إلى تجار البنادق)، جلموق وغيرها وحلت الألقاب التركية كبديل عنها. يعلق محمد الحافي أحد الذين تقدموا بطلب لتغيير كنيته: « لقب الآغا والباشا له وقع جميل على الأذن ويعلي كذلك من شأن حامله» مؤكداً ان رغبته في تغيير كنيته ازدادت بعدما شاهد «قصر الحب» و»رأيت كم للألقاب التركية ترنيمة موسيقية رائعة».
سهولة إجرائية
منحت السلطات المعنية في سوريا العائلات التي لا تعجبها ألقابها فرصا لتغييرها منذ سنوات، على ان تبقى تواريخ المواليد كما هي. ولم تكن تلك العائلات مهتمة بتغيير ألقابها إلى إن جاء «قصر الحب « وجعل للقب «طعمه الخاص» عند الحلبيين كما يقول عمر الجربوع الذي يعمل كدهان: «صحيح إنه كان بإمكاني تغيير اللقب قبل «قصر الحب» لكن لم أشعر بجمال لقب «الآغا» إلا عندما سمعته في الدراما التركية التي تعرض حالياً».
هكذا، وما ان تأكد البعض من إمكان تغيير اللقب والإستعاضة عنه بلقب تركي أو أي لقب مرغوب فيه، حتى بدأ كثيرون بتحضير أنفسهم للمهمة التي لا تحتاج إلى موافقة الجهات العليا. إذ يكفي تقديم طلب لتغيير الاسم على ان يكون مرفقاً بإثبات النسب من خلال بعض الأقارب أو الأصدقاء. وفي هذا السياق تقول هلا العلي، أستاذة القانون في محاكم حلب: إن لقب «لأغا» التركي نال الدرجة الأولى من حيث الشعبية لكونه يشير إلى الثراء وعلو الجاه ووقعه ثقيل على الأذن، أي انه يعطي هيبة لصاحبه برأي بعض الحلبيين». وتنوه العلي إلى ان إجراءات تغيير اللقب تأخذ وقتاً طويلاً في أيامنا برغم السهولة النظرية، كما انها مكلفة: «ليست وحدها الألقاب موضوعة على جدول التغيير، بل أصادف الكثيرين ممن يرغبون في تغيير نمط عيشهم لصالح النمط التركي» تضيف العلي.
إلا ان عمران مخلوطة مثلاً، الذي تقدم بطلب لتغيير لقبه، ينفي ان يكون لـ «قصر الحب « علاقة في حثه على تغيير كنيته: «لا علاقة للمسلسل بالأمر، هي محض مصادفة، فقد اكتشفت أثناء زياراتي إلى تركيا خلال أيام الفطر والأضحى ان أصولنا تركية لذا تقدمت بطلب للخلاص من لقبي المزيف والحصول على اللقب الأصلي» على حد تعبير مخلوطة. وفي السياق ذاته، يرفض الدكتور هيثم أبو حمود، أستاذ علم الاجتماع في جامعة حلب السورية، مقولة ان الدراما التركية هي سبب تغيير الألقاب الحلبية: «ربما لعبت الدراما التركية دوراً غير مباشر في التحفيز على التغيير، إلا انه لدى الكثيرين رغبة قديمة في استبدال ألقابهم الحالية لكونهم يشعرون بالخجل منها نظراً للمعاني المشينة لبعضها». ويضيف: «ربما هؤلاء يتحججون بالقول إن الدراما التركية هي السبب في التغيير، لكنها في حقيقة الأمر مجرد مسوّغ كي لا يظهروا للعيان خجلهم وحنقهم من ألقابهم الحالية».
وعن سبب تفضيل الحلبيين الألقاب التركية دون غيرها، يجيب أحمد الباشا صاحب لقب طرطور سابقاً: «أتى الأمر بحكم الجيرة مع أخواننا الأتراك وبحكم تشابه العادات والتقاليد، ولأني أعشق كل ما هو تركي سواء كان لباساً أو مآكـــلاً أو مشرباً انتــــهاء بالدراما التركية «قصر الحب»، بسبب كل هذا أفضل الألقاب التركية».
المصدر : السفير