هبة عمر
يقدر عدد من اعتنق الإسلام في ألمانيا ومنذ الثمانينات حوالي 25 ألف شخص. ولم تتفاعل في أغلب الأحيان العائلات ايجابيا مع الذين فضلوا الدخول في الإسلام. فما هي الدوافع الكامنة وراء تغيير الدين؟ وكيف يتفاعل المجتمع معهم؟
عندما قررت نيكولا أن تعتنق الإسلام كانت في أواسط العشرينيات من عمرها. وتقول عن بداية اهتمامها بالدين: "لقد ترعرعت وسط أجواء لا تهتم بالدين. و لما بلغت سن الرابعة عشر عاما عُمدت في الكنسية، لأني كنت مهتمة بالدين"، كما تقول الأم لطفلين. ولكن وبمرور الزمن بدأت أفكار نيكولا لا تتطابق مع الفكر المسيحي. عن ذلك تقول نيكولا والبالغة من العمر حاليا 28 عاما " لقد كانت إجابات القساوسة عن تساؤلاتي دوما ( أن الأمور هكذ!ا)". وتضيف نيكولا " لكني وجدت أن الأمور في الإسلام أكثر وضوحا، والمرء يجد إجابات وقواعد لكل شيء". نيكولا قرأت الكثير من الكتب عن الإسلام عن ذلك تقول نيكولا" كل ما قرأته أثار إعجابي وتعاطفي مع الدين". وتوضح " لقد باتت الصورة واضحة بالنسبة لي وبشكل كامل". أما بشأن موقف عائلتها فوصفته بالايجابي طالما لا أظهر أمامهم بالحجاب الإسلامي، فهذا أمر لا يمكنهم تحمله. فالحجاب، وحسب تعبير نيكولا،  يغذي الصورة النمطية لدى العائلة الألمانية والتي تشير إلى نفي المرأة في الإسلام إلى المطبخ. وتشعر المسلمة الألمانية نيكولا، حسب قولها، بنوع من الارتياح إزاء كل ما تفعله في حياتها اليومية. وتبرر ذلك بالقول" عندما تعرف لماذا تفعل شيئا ما، فإنه عليك الالتزام بقواعد معينة لفعل الشيء".

اعتنقت الإسلام بعد الزواج من مسلم لسنوات عديدة
يزداد الاهتمام بالقرآن في المانيا فيما يخص نصوصه وتفسيرهBildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift:  يزداد الاهتمام بالقرآن في المانيا فيما يخص نصوصه وتفسيرهأما الألمانية توليا فاعتنقت الإسلام أيضا عندما كانت في عمرها الـ35 ولكن بعد سنوات من الزواج من رجل مسلم. و تقول توليا عن تلك الفترة " لم أكن مهتمة بالدين عموما وترعرعت بعيدة عن الدين. و لكن بعد أن تعرفت على زوجي وهو من أصل سوري والذي بدأ هو الآخر الاهتمام بالدين الإسلامي وبتطبيقه في حياته اليومية، ظهر اهتمامي بتعليمات الدين الإسلامي وبدأت بالتعرف عليها تدريجيا". وتشير توليا إلى ان الكثير من القيم الإسلامية معروفة لديها من خلال تربيتها العائلية او من خلال محيطها الاجتماعي. وتضيف توليا أن " مبادئ الأخوة والنزاهة والالتزام الأخلاقي  وكل ما هو جيد في الإنسان معروفة لدي منذ سنين طفولتي ومن خلال تربية أبويَ". لكن توليا واجهت صعوبات جمة في البداية، حيث لم تتطابق أفكارها مع تعاليم الدين الإسلامي وكان من الصعب عليها هضمها واستيعابها، على حد تعبيرها. لكنها تشير إلى أن زوجها بدأ يوضح لها بعض المظاهر العلمية والعجائب الطبيعية التي تم ذكرها في القرآن. وتقول توليا " لقد ابهرني الإسلام عندما علمت أن القرآن ذكر تفاصيل نشؤ الجنين في رحم الأم وذلك قبل أكثر من 1400 عام وفي وقت لم تكن هناك وسائل علمية إيضاحية متوفرة".



اعتناق الإسلام ليس عن حب فقط

منير عزاوي ناشط إسلامي في مدينة آخن بغرب ألمانيا وتولى خلال السنوات العشرة الماضية رعاية حوالي 300 ألماني رغبوا في اعتناق الإسلام. ويلخص منير تجربته في هذا السياق بالإشارة إلى أن غالبية معتنقي الدين الإسلامي من الألمان اتخذوا قرارهم نتيجة قناعة راسخة بالدين الجديد. و الأمر الحاسم في هذا السياق هو الاحتكاك بالمسلمين في المدرسة، حسب قول منير. ويستطرد الناشط الإسلامي منير بالقول" هناك بعض من الذين يعتنقون الإسلام نتيجة علاقة حب مع مسلم أو مسلمة. وهو أمر يعبر عن رغبتهم في الحصول على قبول العائلة لوجودهم بينها". لكن منير يؤكد أن غالبية الألمان يعتنقون الإسلام عن قناعة راسخة بتعاليمه.



لا توجد إحصائيات واضحة عن عدد المسلمين الألمان

المسلمون في ألمانيا يفتقرون إلى المؤسسات البنيوية كالكنائس Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift:  المسلمون في ألمانيا يفتقرون إلى المؤسسات البنيوية كالكنائس عدد المسلمين الألمان غير معروف بشكل دقيق. فاعتناق الدين الإسلامي لا يستوجب إجراءات قانونية أو تقديم بيانات شخصية لجهة ما، حسب قول منير عزاوي. كما أن المسلمين في ألمانيا يفتقرون إلى المؤسسات البنيوية كالكنائس والتي تقوم بتنظيم جماعاتها الدينية وتربطهم بشبكة من الاتصالات والنشاطات المختلفة، حسب ما يوضح منير. من جانبه لا يستطيع سالم عبدالله الناشط في مركز التوثيق الإسلامي في مدينة سويست إعطاء أرقام دقيقة عن عدد المسلمين في ألمانيا. لكنه يقدر عدد الألمان الذي اعتنقوا الدين الإسلامي حاليا بحوالي 25 ألف شخص. وينفي سالم عبدالله بعض الظنون التي تفيد بأن النساء الألمانيات يعتنقن الإسلام كي يتزوجن رجلا مسلما. في هذا السياق يقول سالم عبدالله " إن تجربتي في هذا السياق تؤكد أن النساء الألمانيات المتزوجات من رجال مسلمين يدخلن المساجد و يعتنقن الإسلام بعد مرور عشرة أو خمسة عشرة عاما على علاقاتهن الزوجية. لا بسبب ضغوط من أزواجهن المسلمين، وإنما بسبب قناعة راسخة بالدين الإسلامي".



اعتناق الإسلام مشاكل وفرص

يقول منير عزاوي إن بعض العائلات الألمانية تقطع صلتها بمن يعتنق الإسلام من أفرادها. ويضيف " عندما يعتنق احدهم الإسلام فيكون هو الشخص الوحيد في العائلة الذي خطى هذه الخطوة. وهذا يعني ظهور مشاكل وأزمات داخل العائلة. ولذلك يحتفظ المسلم الجديد بدينه الجديد لنفسه ويظهر إسلام هأمام عائلته ومحيطه الاجتماعي تدريجيا". لكن أئمة المساجد يدعمون المسلمين الألمان فيما يخص تقوية العلاقة مع الوالدين وبالعائلة عموما، كما يشير إلى ذلك منير. فالإحسان إلى الوالدين واحترامهم ورعايتهم مبدأ أساسي من مبادئ الدين الإسلامي. وعموما لا يعتبر منير عزاوي اعتناق الألمان للدين الإسلامي مجرد تغيير دين أو معتنق ديني. فهو يعتقد أن مهمة كبيرة تقع على عاتق المسلمين الألمان ويوضح ذلك بالقول " يستطيع المسلمون الألمان بناء جسور التفاهم في المجتمع بين المسلمين وغير المسلمين في عموم المجتمع وذلك بسبب لغتهم الألمانية وهي لغتهم الأم ولإلمامهم بثقافة المجتمع الألماني".



هبة عمر/حسن ع. حسين

مراجعة:هبة الله إسماعيل


JoomShaper