قسم المجتمعيات
لها أون لاين
"رمتني بدائها وانسلت!".. هكذا قالت العرب، وهكذا يمكننا القول إزاء صراخ الغرب وإلحاحه الكثيف تجاه قضايا المرأة، وما يرددونه حول ما تعانيه من عنف واضطهاد!
ويبدو أن هذه الحالة التي تتلبس المجتمع الغربي لها أكثر من وجه، أبسطه وأسهله ذلك الوجه الذي يتقصد فساد مجتماعتنا ونسائنا بشكل مباشر، أما أعقده وأصعبه، فهو ذلك الشكل الذي ينطلق من عقدة الذنب التي يشعر بها الغرب تجاه المرأة وأنه ظلمها وأهانها كثيرا!
وتكون المشكلة أكثر تعقيدا حين يمارس الذهن الجمعي الغربي عملية الإزاحة، وإحالة الأزمة على العرب والمسلمين ليعتبرهم أساس مشكلة المرأة وعذاباتها، فيبرئ نفسه ويبحث عن ضحية بديلة، فيربكنا ويربك المنهزمين من قومنا معه حين نعتبر أن كل ما يقوله الباحثون والمفكرون الغربيون من المسلمات، حينها تصدق مقولة العرب "رمتني بدائها وانسلت".
إن لحظات الإشراق والصدق من النفس تكون قليلة، بل وعابرة في حياة الذين تعودوا رمي التهم على الآخرين، وتبرئة أنفسهم، ولا يخلو الأمر من إنصاف الغربيين أنفسهم حين يثبتوا أنهم من أهان المرأة، وأنهم يتمسكون بأشكال ظاهرية توحي باحترامها، لكنهم في الواقع أشد من يسومها الإهانة والاحتقار!
وهذا بالفعل ما أثبتته الباحثة في علم الاجتماع وعضو الكاديمية الفرنسية "فرنسواز هيريتيه"، حين ذهبت إلى أبعد من نقد المجتمع الغربي الحديث المتقدم والمتحضر، لتركز على التحليل الأنتروبولوجي والعلمي لخلايا الدماغ للإنسان الغربي، لتؤكد أن نظام الحياة الغربية، وإن كان يعتمد فيما يبدو على النصوص الدستورية أوالقانونية الجميلة والدعايات والتزويق والإبهار في الحديث عن نخب فكرية وسياسية ومدنية تسكن حالياً المدينة الكبيرة في حين أن النظام الاجتماعي يشبه ذلك الذي كان يعمل فيه منذ 300 ألف سنة.
فمتى يقدم باحثو الاجتماع المسلمين الإسلام كنموذج للحياة الطيبة السعيدة التي يحصل فيها جميع الناس على حقوقهم ذكورا كانوا أم إناثا؟
إننا نقف مشدوهين أمام الغرب الذي يبحث ويبحث بجدية وإخلاص فيما يتعلق بالحياة الاجتماعية والنفس البشرية، لكننا نتألم ونحزن حين يعود الباحثون الغربيون صفر اليدين، ويكون الألم أشد والحزن أكثر لأننا نعرف بالسليقة وبالفطرة جوانب كبيرة من أسرار هذه الحياة السعيدة التي نلمسها في ديننا وفي نظامنا الاجتماعي الذي يحتفي بالإنسان ويقدره، ولكننا لا نمد أيدينا بالنصيحة لهذا الغرب المحروم من الحياة السعيدة، إما لشعورنا بأننا أقل منه أو لعدم ثقتنا في منهجنا وما لدينا من نعم اجتماعية هائلة، فتتعلق عيوننا بالغرب الفاشل، لعله يجرب طريقة جديدة تنفعنا وتنفعه! ويجرب على المساكين ويعودون كما ذهبوا وهكذا دواليك!!
فمتى نمتلك شجاعة الجهر بما لدينا من قيم وكنوز اجتماعية قادرة على انتشال العالم البائس الذي جرب كل شيء وفشل، ولم يبق أمامه إلا أن يجرب نظام الإسلام، غير أن أكثر من يمثلون النظام الاجتماعي من المسلمين يصدورن صورة مضللة عن هذا النظام تجعل الانطباع الأول عنه منفرا.
فيا أيها المسلمون صدروا الصورة الإيجابية؛ بل الحقيقية للمجتمع المسلم أو تنحوا عن طريق العالم يرحمكم الله!
لدماغ الغربي العنيف.. رمتني بدائها وانسلت!
- التفاصيل