لا يختلف اثنان على حقيقة أن الصيام ليس مجرد امتناع عن تناول الطعام فحسب، إنما من شروطه أيضاً الامتناع عن مجموعة كثيرة من الأمور التي تعد من المفطرات، والتي قد تجعله باطلاً ومجرد تجويع للنفس، ومنها النميمة والكذب والرياء والتلفظ بالكلام البذيء ومراقبة الآخرين وارتداء اللباس غير المحتشم، وغيرها الكثير الكثير.
لكن، مهما حاول الإنسان أن يسمو في صيامه، يظل يصادف أموراً قد تجعله يستعيذ بربه مردداً عبارة «اللهم إني صائم» فمتى تنطق بها أيها الرجل؟ ومتى ترددينها أيتها المرأة؟ أينما وجدت الفتيات المثيرات ردد أحمد عبارة «اللهم إني صائم» و«خاصة إذا ما كانت الفتاة تضع المكياج الصارخ» بحسب ما يقول لافتاً إلى أن «كل ما هو حرام ابتعد عنه في رمضان» أما علي (شقيق أحمد) فيوافقه الرأي تماماً، ويقول: «بصراحة، المرأة هي السبب في كل ما يفسد الصيام» ويشير إلى أنه «لو كانت المرأة حريصة على مظهرها في نهار رمضان، لما كنا في حاجة إلى تكرار عبارة اللهم إني صائم عشرات المرات يومياً».
أما أبو فراس وهو موظف، فلديه سبب آخر لترديد هذه العبارة حيث يقول: أنا عصبي المزاج، وعندما يأتي رمضان تزداد عصبيتي وعندما أتعرض لموقف يثير غضبي أحاول أن أكتم غيظي وأقول: «اللهم إني صائم» وخصوصاً عندما أشاهد بعض الأخطاء المرتكبة في عملي.
وأيضاً عادل الموظف، فلديه معاناة في رمضان وهي كثرة النميمة في بيئة العمل وهو يعبر عن ذلك بالقول: «أتضايق كثيراً عندما أدخل المكتب صباحاً وأجد الزملاء في جلسة نميمة مشتركة تجمع الرجال والنساء أحياناً» ويضيف: «هذا ما يزعجني وقد حاولت كثيراً أن أنبههم إلى خطر ذلك على صيامهم، ولكن تنبيهاتي غالباً ما تكون بلا فائدة، لذلك أصبحت أتجنبهم في رمضان وأكتفي بترديد عبارة «اللهم إني صائم». أما «محمد» فهو يعترف من دون خجل بأنه لا يستطيع غض البصر في رمضان يقول: «أردّد اللهم إني صائم ولكن بعد فوات الأوان، فأنا أعاني في رمضان من النظر إلى الفتيات وخاصة إذا كانت الفتاة التي تمر من أمامي فاتنة». ويضيف: «لقد حاولت كثيراً أن أتخلص من هذا السلوك ولكن من دون جدوى، مع العلم أنني حريص على الصيام وأسأل الله أن يقبل صيامنا جميعاً».
«كل ما هو ضد الدين وما يحذر منه العلماء» يبتعد عنه مصطفى حيث يقول: «ثمة أشياء كثيرة لا تعجبني في رمضان، إلا أني أشيح بنظري عن كل ما قد يكون من مسبّبات فساد الصيام» لافتاً إلى أن «ديننا الإسلامي وضع القواعد المنظمة لحياتنا، فالحرام معلوم والحلال معلوم ومن الأفضل لنا أن نبتعد عما قد يجعلنا نفسد صيامنا».
أما النساء، فيتفق بعضهن مع بعض في آراء الرجال في الموقف من اللباس الفاضح وتبرج المرأة الزائد في رمضان، وهذا ما قالته عُلا: «بطبيعة عملي أستقبل المراجعين من الجنسين يومياً، وكثيرة هي المناظر التي لا أملك أمامها إلا أن أقول: اللهم إني صائمة، فالحقيقة أنها مناظر مؤذية ولا تليق بحرمة الشهر الفضيل».
بدورها تتدخل صديقتها منى في الحديث قائلة: «إن أكثر ما يضايقني في رمضان النميمة لذلك، أنا أفضل الابتعاد قدر الإمكان عن الجلسة التي تغلب عليها النميمة».
أما صديقتها رنا، فلديها سبب آخر يجعلها تستخدم عبارة: اللهم إني صائمة كثيراً في رمضان، وهو عندما أتعامل بحكم وظيفتي مع إنسان عصبي وصوته مرتفع بلا سبب، فلا أملك حينها إلا أن أقول: «اللهم إني صائمة وأكتم غيظي حتى أحافظ على صيامي».
ومن المواقف الأخرى التي تردد فيها رنا هذه العبارة، عندما تعود من العمل وتجلس مع والدتها، حيث تشير إلى أن «والدتي تكثر من طلباتها قبل موعد الإفطار بوقت قصير، وحرصاً مني على ألا أغضبها أو أن أرفض ما طلبت، أكتفي بالقول: «اللهم إني صائمة» فأريحها وأرتاح أنا أيضاً.
سماع الأغاني، هو من الأشياء التي ترفضها أميرة في رمضان حيث تقول: «عندما أجد الناس يسمعون الأغاني في رمضان: أقول: «اللهم إني صائمة» لأن الشهر الكريم لا يأتي إلا مرة واحدة في العام، ومن ثم لا يجوز خلاله أن نضيع وقتنا في سماع الأغاني، إنما علينا أن نكثر من قراءة القرآن لأن ثواب من يقرأ القرآن كبير جداً في رمضان».
لكن ثمة دافع آخر لترديد عبارة «اللهم إني صائمة» لدى سلام تختصره بالقول: «عندما أرى شاباً وفتاة في وضع غير لائق في مكان ما أو في مركز تجاري أو حديقة، عندما أرى هذه المناظر أبتعد عن المكان، ولا أملك إلا أن أذكر نفسي بأني صائمة» ومن الأشياء التي تستفزها أيضاً في رمضان «المرأة التي تضع المكياج الصارخ، لأنها لا ترتكب المحرمات وحدها فقط، ولكنها تؤثر في ضعاف النفوس من الرجال، الذين لا يترددون في التحديق في جسدها، بل مطاردتها في بعض الأحيان، وهو ما أراه بأم عيني كثيراً» بحسب ما تقول.
أخيراً يجب على كل إنسان أن يصنع الضوابط التي تحكم سلوكياته العقلية والنفسية والشخصية في رمضان، وغير رمضان، لأن الإنسان، حتى خلال الأيام العادية، يتعرض لمظاهر ومشاهد كثيرة، منها ما هو طبيعي تعوّد عليه منذ صغره، ومنها ما يندرج في العادات والتقاليد كالعري والعلاقات غير الشرعية والوشم والتبرج بطريقة لافتة للانتباه.
كما لا يوجد إنسان عصبي في رمضان أو غير رمضان، إذ إن الإنسان يتحكم في مراكز النطق في الدماغ، وبعد ذلك يعطي إشارات تجاه الموقف أو الكلام الذي يسمعه، فإذا تعامل هذا الإنسان مع شخصيات غير محبوبة إلى قلبه تجده غاضباً متعصباً ولا يهتم بتصرفاته أما إذا كان هؤلاء الأشخاص مقربين إليه فإنه يستمتع ويتغاضى عن أعمالهم مهما كانت غير صحيحة.
لكن مع تعديل السلوك، يستطيع الإنسان التحكم في انفعالاته والرقي بنفسه إلى درجات عالية من العصبية إلى درجات أقل بحيث يستطيع أن يحمي نفسه منها ويتخلص من درجاتها القصوى.
كما أن على الرجل الذي يشكو عدم مقدرته على غض البصر أن يبتعد ما استطاع عن الأماكن التي يكثر فيها وجود المرأة أو اختلاطها بالرجال كما يجب أن يقوي نفسه روحياً وأن يستغل وقت الفراغ فيما ينفع أمور الدين والدنيا، وألا يترك لنفسه الفراغ من أجل أن يفكر بالمرأة والنساء، كما على الرجل أن يهتم بالرياضة والمطالعة وأن يصاحب الأخيار الذين يذكرونه ويذكرهم ويعينونه ويعينهم.

JoomShaper