ظاهرة غريبة وسلوك عجيب لا نتنبه له ويعد أحد تناقضاتنا الاجتماعية ويتمثل برفضنا ومبالغتنا في تحديد مبلغ المهر حين يطلب الشاب ابنتنا عروسا له، بينما نتحايل على أهل الفتاة ونسعى الى تخفيض قيمة المهر لمجرد ان العريس هو ابننا.
هذا السلوك يثير تساؤلات حول منظومتنا الاجتماعية التي تبدو متسامحة أحيانا ومتصلبة احيانا اخرى.
وقد عبرت اروى خلف أم لثلاثة اولاد وفتاة واحدة عن رأيها في هذا الموضوع قائلة، انه يتقدم لابنتها الكثير من العرسان ولكن والدها يرفض لعدم ايجاد الشخص الذي يلبي جميع طلباته، مضيفة : زوجي يرغب بحفل زواج ضخم يحضره جميع الاقارب واشتراطاته في تقديم الذهب بما لا يقل عن خمسة الآف دينار وقليل من يوافق على ذلك. مبررة ان ابنتهم هي الوحيدة لهم ويريدون ان تتزوج بالذي يليق بهم ويرونه مناسبا لها.
مضيفة من جهة اخرى: لا اعتقد انه عندما نريد تزويج ابننا ان يطلب أهل العروس مثل تلك الطلبات و نوافقهم الرأي؛ بل سوف نحاول التقليل منها قدر الامكان.
الزواج يسر
اما عبد السلام محمود والد لاربعة ابناء وثلاث بنات فيشير الى ان الزواج يسر وليس عسرا ويرى ان جميع الاهالي يريدون لبناتهم وابنائهم الافضل ولذلك يّفضل عندما يريد احد ان يزوج ابنه من فتاة ان يقدم لها كما يريد لابنته.
مبينا انه قبل عامين زوج ابنه وقد قدم كما طلب لابنته من زوجها حاليا ولم يفكر بتاتا بأن هناك فرقا بين زوجة ابنه وبين ابنته.
وتقول شادية خليل: ان والدي على العكس تماما مما ذكر،حيث انه ان تقدم احد لخطبة احد من اخوتي فإنه يساعده ويقلل في الطلبات قدر الامكان وفي نفس الوقت لا يقلل من قدرهن، على خلاف ما يفعله ان ذهب لطلب يد فتاة للزواج لاحدى اخوتي الشباب فانه يزيد على طلبات اهل العروس من نفسه وذلك حسب رأيه ان زوجة الابن هي ابنته اما ابنته الفعلية فهي لأهل زوجها في النهاية.
ويرى سعيد داوود ان الاهالي يطلبون لبناتهم الكثير على العكس مما يقدمون للبنات الاخريات وذلك؛ لان بعض الاهالي ما يزالون يفكرون بالطريقة التقليدية القديمة.
شروط
ويذكر علي يوسف، قبل وقت معين ذهب ليطلب فتاة للزواج، الا انه وجد نفسه أمام اشتراطات كبيرة لا يستطيع توفيرها وخاصة المهر حيث يجد انها طريقة تعجيزية للأسف. وحجتهم في ذلك بأنهم يريدون تأمين حياة ابنتهم مبررين بعبارة ( ابنتي ليست رخيصة )، مستغربا من هؤلاء الاهالي كيف يفكرون، متسائلا هل عندما يستدين الرجل لدفع طلباتهم ومن بعد الزواج يصبح هو وزوجته ينشغلان في امور كثيرة من اجل دفع الديون المتراكمة عليهما، هل بذلك تكون ابنتهم بخير ؟
ومن جهة اخرى تنازلت اروى جميل عن الكثير من حقوقها لاتمام الزواج على الرغم من الدهشة ورفض الاهل القاطع للامر، وتقول : في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وما صاحبها من عجز الكثير من الشباب عن توفير مستلزمات الزواج التي تتطلب تكاليف باهظة من سكن مؤثث وحفل عرس وشبكة ومهر وغيرها من متطلبات يقتضيها المظهر الاجتماعي، موضحة انها لا تبحث عن مظاهر وانما عن شخص ذا سيرة ناصعة البياض ويقدر قيمة المرأة.
وتضيف مرام مصعب ان الزواج يجب ان يكون فيه تعاون كبير وتخفيف المتطلبات نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة ولكن من ناحية المهر لا يمكن التنازل عنه؛ وذلك لاعتقادي به يعزز مكانتي عند زوجها وهذا لا يعني أنني مادية ولكنه شيء متعارف عليه فالمهر ليس ركنا لصحة الزواج ولا يضمن السعادة ولكنه يرمز إلى تقدير قيمة المرأة والزواج.
رأي علم الاجتماع
واشارت الدكتورة فاطمة الرقاد اختصاص علم اجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية الى انه يجب ان يكون هناك اختيار مناسب لشريك العمر حتى لا يذهب البعض للمأذون مرتين، كما انه ينبغي أن يأتي قرار الزواج في الوقت المناسب. وغالبا ما يكون قرار الزواج بيد الرجل، فهو من يقرر كم يدفع وما يملكه هل يتناسب مع متطلبات العروس واهلها أم لا.
مبينة انه تتغير متطلبات الزواج وتختلف من زمن لآخر ومن مكان لآخر ومن شخص لآخر. فهي ترتفع وتنخفض تبعا لظروف اجتماعية أو اقتصادية أو شخصية.