الدستور _ اسراء خليفات
كلنا نعلم بأن الأمثال عند كل الشعوب تعد مرآة صافية لحياتها يأخذونها بصدق كما هي ودونما شائبة دون علمهم اين يجب تطبيقها، حيث تنعكس عليها عادات تلك الشعوب وتقاليدها، وعقائدها وسلوك أفرادها ومجتمعاتها، وهي تعتبر في نظر الاجيال ميزانا دقيقا لهم في رقيها، وبؤسها ونعيمها، وآدابها ولغاتها.
يذكر عباس وصفي ان الامثال الشعبية تتداول بين الاجيال حيث تعد وكأنها عبارة موجزة يستحسنها الناس شكلا وليس مضمونا، كما انه تنتشر فيما بينهم، ويتناقلها الخلف عن السلف دون تغيير فيها او التفكير بمضمونها مبررا ان ذلك انما هو نتيجة كونها من أكثر هذه العناصر تداولا في الحياة اليومية بالنسبة للفرد والمجتمع، مؤكدا انه لا يكاد يمر يوم على الإنسان إلا وقد سمع فيه مثلا أو أكثر في مناسبة معينة او موقف مشابه للمثل، والامثال لها أهمية بالغة في الدراسات العلمية المختلفة، حيث يرتبط المثال بالكثير من الأمور التي تهم الناس.
العقل الجماعي
وحسب رأي نسرين فيصل ان الكثير من الاشخاص يؤمنون بهذه الامثال نتيجة ايمانهم الكبير في اجدادهم وابائهم بأنهم هم القدوة لهم وتجد ان هذه المعتقدات أفرزها العقل الجماعي منذ آلاف السنين، وأصبحت تمثل فكرا مشتركا لأفراد المجتمع ، وثقافة من الصعب القضاء عليها في وقت بسيط . مبينة: ليس من السهل ترك اقوال ماضيهم وسلفهم، مشيرة الى انها كثيرا ما تسمع صديقاتها يرددن عبارات امهاتهم او السيدات الكبيرات في السن مؤمنات بأن قولهم نابع من خبرتهم وتجاربهم في الحياة.

ومن جهة اخرى يجد امجد حكيم انه بالرغم من الحكم والجوهر للمعنى العظيم الذي تحمله الأمثال الشعبية والتي تعكس خلاصة تجارب من سبقوهم في الحياة على أرض الواقع، مشيرا الى انها أصبحت تندثر شيئا فشيئا و أصبح استخدامها لا يتعدى حدود الاستدلال بها في محاولات الإقناع عند الحديث بمعنى أن دخول مثل هذه الأمثال قد يساهم في إقناع أي طرف بوجهة نظر كان يرفضها أو تساهم في تغيير قناعات بعض الأشخاص. الا ان القيام بالعمل بها وتطبيقها فيعتقد انه أصبح شبه معدوم لأنها في الأساس منسية و لا تذكر إلا في مناسبات الأحاديث قائلا ولو أنني أرى أنها مهمة للغاية ليس لشيء وإنما تساعدنا في مواجهة تقلبات ظروف الحياة مع الاستناد على تجارب سابقة.


تنطبق على تصرفاتنا وحياتنا
أما فايزة خالد فتشير الى ان مدى صحة الامثال وحقيقة تطابقها على تصرفاتنا وحياتنا كبيرة حيث تعتقد أن الحكم المطلق على أمر ما بأنه صواب أو خاطئ يكون حكما غير صحيح بدون الاستناد الى مثل معين. مبينة ان الامثال الشعبية المقتبسة من اسلافنا هي نابعة عن حكمة وتجربة. ولا تنكر فايزة الحكمة التي كان يتمتعون بها اجدادنا مبررة ان الأمثال تعبر إلى حد كبير عن أمور صادقه حتى وإن كانت غير مباشرة.

اشار سلطان راتب أن اختلاف وسائل العصر الحالي تجعل من المقارنة بين هذا الواقع والماضي أمرا مستحيلا إلا أنه بإمكان البعض ان يقوم بالقياس على بعض الحالات التي نجد فيها أجواء متشابهة بحيث يمكن إيجاد حلقات وصل بين المواقف أو الظروف بدرجة نسبية معقولة.


جهل بمعانيها
وقالت أميرة موسى 53 عاما ان هناك نسبة كبيرة من الجيل الحالي تجهل معاني الأمثال الشعبية القديمة. مؤكدة انه مع تقدم الاجيال الزمنية سوف يتم ملاحظة ان الاشخاص الذين سبقونا لديهم وعي كبير بأمور الحياة وسبب طرح الامثال وكذلك بالمثل سوف نكون نحن ايضا على معرفة اكبر من الجيل القادم وان كنا نرددها وهذا الأمر يجعل من البعض اعادة المثل من دون معرفة سبب طرحه او المناسبة التي تليق له او دواعي ذكره خصوصا فيما يتعلق بالمصطلحات القديمة حيث تجد انهم يقومون بذكر الأمثال وهم في واقع الحال لا يفقهون لها تفسيرا وكثيرا ما يقودهم ذلك إلى استخدامها في غير أماكنها .

امثال بسيطة
ونوه عايد ضاري ان الكثير من الامثال تطابق جدول حياتنا كما انها ترافقنا طوال يومنا مضيفة وإن اختلفت الحالة من شخص إلى آخر فروح الردع والتوعية هي مسار واحد يسير فيه الجميع وتبدأ مع الساعات الأولى ليومنا. ويذكر على سبيل المثال ان الذين يلجأون لاستخدام طرق غير مقبولة للمجتمع بناء على مثل (العين بصيرة واليد قصيرة). ومثل الدائنين والمدينين ايضا يرددون (على قد لحافك مد رجليك) وهذين المثلين هما مثال بسيط لجيل ذهب وتبقت لنا منه تجاربه وحكمه لأن التاريخ يعيد نفسه. اما شيماء نزار تقول: تختلف الأمثال وتختلف ألفاظها نظرا لتغير الوقت والعصر ولكن يبقى مضمونها واحدا يسعى لتقيم أبعاد المواقف الانسانيه.متسائلة عن سبب اختفائها وتلاشيها. موضحة انها قد لا تصل للأجيال القادمة لقلة عدم ذكرها عند البعض .

رأي علم الاجتماع
وأشار الدكتور سري ناصر اختصاص علم اجتماع في الجامعة الاردنية الى ان المثل هو فن قديم، قد يصاغ انطلاقا من تجارب وخبرات عميقة، يحملها تراث أجيال متلاحقة ويتناقلها الناس شفويا أو كتابة، مؤكدا الدكتور سري ناصر الى انها تعمل على توحيد الوجدان والطبائع والعادات، ولذلك يعدها البعض حكمة الاجداد، وينبوعها الذي لا ينضب، مبينا انه قد يقوم في هذا المجال بدور فعال في دفع عجلة المجتمع إلى الأمام باتجاه التطور والبناء. ولذلك ينظر إليها باعتبارها وثيقة تاريخية، واجتماعية نشأت مع نشوء الكتابة.