حمدان الحاج
لا يوجد في الحياة ما هو اهم من الام والاب فهما حلقة التعليم والحياة والجهل والخوف والحماية والامن والابداع والتكريم والتقدم نحو المعالي ان هم احسنوا او اذا احسن الطفل الذي يصبح فيما بعد شابا فأبا فشيخا فعجوزا الى نهاية المطاف.

وهنا لا بد من التذكير ان الام التي ترعى وتطعم وتسهر على راحة الابناء لا تستحق الا التكريم الذي يليق بشيء من جميلها وهي تكرر عطاءها دونما منة او تردد او حتى شعور بالاحباط بل انها مستعدة لان تقدم كل شيء من الصبر والاحتمال والانتظار حتى ترى ابنها يكبر امام ناظريها وهي لا تلتفت الى شيء في حياتها سوى انها تريد ان يشق ابنها طريقه الى ملاعب الصغار وفسحات امل المستقبل وهي ترمقه بعيونها فخارا وانبهارا وهي التي ترعاه باهداب عيونها وتغلق عينيها رحمة ورافة بالابن رافعة اكف الضراعة الى العلي القدير ان يحفظ ولدها وان يريها ابناءه وقد كبروا.

هذه الام التي تنسى نفسها وتنسى ايام حياتها لا تستحق الا ان الرعاية الحميمة صباحا ومساء وان تشعر ان جهدها في التربية واخلاص العطاء على مدى السنوات لم تذهب هدرا بل انها تريد ان تشعر ان تعبها وخلاصة دأبها موضع التقدير والمتابعة والاحترام والاكبار حتى تعطي الافضل والاجمل مما لديها من كلمات عذبات تدعو بها العلي القدير ان يحفظ الابناء والبنين وان يختار لهم الاحسن في حياتهم العملية والعلمية والاجتماعية وان يوفقهم الى ما فيه خيرهم وخير مستقبلهم فتتنهد الام تنهيدة الرضا والارتياح والغبطة الممتدة مدى الحياة.

وفي المقابل هناك صور في الحياة تؤلم العيون وتدمي القلوب وتكسر الفرح وتحطم رهف الاحساس فقد تفاجأ مصلون في مسجد ابن مكتوم بالزرقاء وقد حضرت جنازة ام متوفاة ولم يحضر معها أحد من ذويها فلا ابناء ولا بنات ولا اخوان ولا اخوات ولا اعمام ولا عمات ولا اي واحد من الأهل او المعارف او الاصدقاء او من معارف هذا الجيل او من ذاك الجيل فتنهار القيم وتتلاشى الاخلاق وتنحدر العادات وتنتهي التقاليد ولا شيء يبقى الا ما يعكر الصفو ويقود الى العقوق الذي يعطي صورة مؤلمة عن مستقبل لا ينذر بخير لدى التقدم في سن كثيرين ممن يجحد ابناؤهم تواجدهم او خيرهم او جميلهم فهل جزاء الاحسان الا الاحسان ام ان جزاء الاحسان العقوق والتنكر للاخلاق والاحساس بالانسانية.

جثمان عجوز يعتقد ان عمرها وصل المائة من الاعوام الثقيلة عليها وعلى المجتمع وعلى الانسانية عندما يتركها اقرب الناس اليها ولا يسألون بها ولا يودعونها ولا يرسلونها الى ما يليق بالموت والنهاية كأم وكانسانة فاي ضمير يحمله الابناء او البنات او حتى ابناء الحي او الجيران عندما يدفعون بالجثة الذابلة وقد احضر الجنازة موظفون من إحدى دور رعاية المسنين في الزرقاء وهناك صلى عليها المصلون الحضور في المسجد وسط استهجانهم وذهولهم عندما شاهدوا غياب أبنائها أو اي من اقاربها.

وداعا للجثمان والرحمة لروح المتوفاة على امل ان يتغمدها الله بواسع رحمته وان يدخلها فسيح جناته ولنا العبرة في اجيال لم يكتمل خلقها وانتفت انسانيتها وتلاشت المعاني السامية في حشرجات نفوسها لانها باعت الوفاء وارتضت براحة نصف ساعة على لعنة ابدية ستطاردهم كثيرا طوال حياتهم التي يستحقونها وهي تصب عليهم حمم نكران الاخلاق والقيم وهذا اقل ما يلاقونه في دنياهم من الناس والمجتمع.

JoomShaper