د. ﻣﺤﻤﺪ ﺻلاح اﺑﺮاھﯿﻢ
إن أي أﻣﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﻢ لاﺑﺪ أن ﺗﺴﻌﻰ ﻟﺒﻨﺎء ﻣﺠﺘﻤﻌﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺲ ﻗﻮﯾﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻤﺨﻠﺼﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎھﻢ ﻓﻲ رﻓﻊ ﺷﺄن أﻣﺘﮭﺎ وﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻣﮭﺎ.
وﺗﺤﺘﺎج ھﺬه اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ إﻟﻰ ﻣﺤﺎﺿﻦ ﺗﺮﺑﻮﯾﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺨﺮج إﻟﻰ اﻟﺤﯿﺎة وﻗﺪ ﺗﻢ ﺗﺮﺑﯿﺘﮭﺎ ﺗﺮﺑﯿﺔ ﻗﻮﯾﺔ ﻷداء دورھﺎ، وﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺳﺮة ھﻲ اﻟﻤﺤﻀﻦ اﻷول اﻟﺬي ﺗﺘﺮﺑﻰ ﻓﯿﮫ اﻟﺸﻌﻮب واﻷﻣﻢ ﻣﻦ ﺧلال ﺗﺮﺑﯿﺘﮭﺎ ﻷﻓﺮادھﺎ.
وﺑﻘﺪر ﻧﺠﺎح اﻷﺳﺮة ﻓﻲ ﺗﺮﺑﯿﺔ أﺑﻨﺎﺋﮭﺎ ﺗﺮﺑﯿﺔ ﺻﺤﯿﺤﺔ ﺑﻘﺪر ﻣﺴﺎھﻤﺘﮭﺎ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﻣﺠﺘﻤﻌﮭﺎ وﺗﻘﻮﯾﺘه ورﻗﯿه.. أﻣﺎ إذا ﻓﺸﻠﺖ اﻷﺳﺮة ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ ﻓﺈن اﻟﺪﻣﺎر واﻟﺨﺮاب ﯾﺤﻞ ﺑﻤﺠﺘﻤﻌﮭﺎ ﻷن اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻨﺸﺆون ﺑﺼﻮرة ﺳﯿﺌﺔ أو ﯾﺘﻌﺮﺿﻮن ﻟﻤﺸﺎﻛﻞ أﺳﺮﯾﺔ لا ﯾﺘﻮﻗﻒ ﺗﺄﺛﯿﺮھﻢ ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﮭﻢ ﻓﻘﻂ وإﻧﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺤﯿﻂ ﺑﮭﻢ ﻛﻜﻞ.. وﺗﻜﻮن اﻟﻌﻮاﻗﺐ وﺧﯿﻤﺔ، ﻟﺬا وﺟﺐ ﻋﻠﯿﻨﺎ أن ﻧﻨﺒﮫ إﻟﻰ أن اﻟﻤﺸﻜلات اﻷﺳﺮﯾﺔ ﺗﻔﺴﺪ اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ وﺗﻨﺸﺊ ﺟﯿلا ﺿﻌﯿﻒ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ ﻏﯿﺮ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ الاﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ.
إن اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ اﻷﺳﺮﯾﺔ ﺑﺄﻧﻮاﻋﮭﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺆﺛﺮ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻨﺎء، ﻓﻘﺪ ﺗﺆدي إﻟﻰ اﻷﻣﺮاض اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ، ﻓﻤﺜلا إذا رأى الاﺑﻦ أﺑﺎه وأﻣﮫ ﯾﺘﺠﺎدلان ﺑﺼﻮت ﻋﺎل، ﺛﻢ ﯾﺘﻄﻮر اﻟﺠﺪال إﻟﻰ ﺻﺮاخ وﺷﺘﻢ، وﻣﻦ ﺛﻢ إﻟﻰ ﺿﺮب اﻷب ﻟﻸم، أو ھﺠﺮ اﻷم ﻟﻸب، ﻓﻘﺪ ﯾﺼﺎب ﺑﺎﻟﺬﻋﺮ وﯾﺴﺒﺐ ﻟﮫ ذﻟﻚ اﻟﻘﻠﻖ واﻷرق اﻟﻤﺰﻣﻦ، ﺑﺤﯿﺚ لا ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﻧﺴﯿﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎدﺛﺔ رﻏﻢ ﺗﻔﺎھﺘﮭﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸم واﻷب، وﻗﺪ ﯾﺆدي ذﻟﻚ إﻟﻰ ﺣﻘﺪ اϻﺑﻦ ﻋﻠﻰ اﻷب، ﻷن أﺑﺎه ﯾﻈﻠﻢ أﻣﮫ أو اﻟﻌﻜﺲ، وﻗﺪ ﯾﺆدي ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﺴﺮﺣﺎن واﻟﺸﺮود اﻟﺪاﺋﻢ، واﻟلاﻣﺒﺎϻة، واﻹھﻤﺎل، وﺿﻌﻒ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ، ﺣﯿﺚ ﯾﻜﻮن ﻓﺮﯾﺴﺔ ﺳﮭﻠﺔ ﻷﺻﺪﻗﺎء اﻟﺴﻮء، ﺣﯿﺚ ﯾﺠﺮوﻧﮫ ﺑﺴﮭﻮﻟﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﺜﻘﺘﮫ ﺑﮭﻢ إﻟﻰ ﻋﺎداﺗﮭﻢ اﻟﺴﯿﺌﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺘﺪﺧﯿﻦ واﻟﻜﺬب وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ. وإذا ﻛﺎن ﻣﺪار اﻷﺳﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺰوج واﻟﺰوﺟﺔ، ﻓﺈن اﻟﻌلاﻗﺔ اﻟﺰوﺟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻮﺻﻒ ﺑﺎلاﺳﺘﻘﺮار لا ﺑﺪ وأن ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻘﺔ اﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ، واﻟﻤﺤﺒﺔ واﻟﻤﻮدة ﺑﯿﻦ اﻟﺰوﺟﯿﻦ، وھﻲ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ أرﻛﺎن ﻣﮭﻤﺔ ﻟﺤﯿﺎة ﺳﻌﯿﺪة، وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﮭﺪام أﺣﺪ ھﺬﯾﻦ اﻟﺮﻛﻨﯿﻦ أو أﺣﺪھﻤﺎ، ﻓﺈﻧﮫ ﻗﺪ ﯾﺴﻮد اﻟﻌلاﻗﺎت اﻟﺰوﺟﯿﺔ اﻟﻘﻠﻖ واﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﺪاﺋﻤﯿﻦ.
الأﺳﺮة ودورھﺎ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت
- التفاصيل