وائل بن إبراهيم بركات
كثير من الناس يرتدي ثياب العبوس والتجهم والكآبة، تنسدل عليه من قمة رأسه إلى أخمص قدميه.. يضرب كفا بكف . ويتململ من دفة إلى دفة، ساخط  ضجر.. يرفع عقيرته.. الحياة.. الحياة.. ونسي أو تناسى أن الحياة ما هي إلا أعمالنا وأقوالنا، فنحن نصنعها، وليست الحياة تصنع نفسها!!
إننا في هذه الحياة الجافة الخشنة، والظروف المتقلبة لسنا بحاجة الى الضجر والسخط، وإنما بحاجة الى من ينتزعنا الى جمال أوسع، ورحابة تمتد مد الفضاء.. ولن يكون هذا الجمال، وهذه الرحابة.. وتلك السعة إلا في تلك الحركة اللطيفة الخفيفة التي ليست بحاجة إلى من يتحدث عنها أو يصورها فهي تتحدث بنفسها عن نفسها فتحمل معان كثيرة ابتداء من كونها صدقة، مرورا بجمال الروح وإشراقاته. وعروجا إلى أسر الآخرين.  وما تفيض به من معان وما يتولد منها من مشاعر .. فتنفض غبار الغفلة.. وتجلو صدأ القلب .. فكم من إنسان يحبك بمجرد هذه الحركة المتلألئة على شفتيك حتى لو لم يكن يعرفك من قبل. هذه الحركة الخفيفة اللطيفة الآسرة هي "الابتسامة" التي كانت من خلق النبي صلى الله عليه وسلم  في حله وترحاله، في بيته، ومجتمعه، بين أهله، وبين الناس، فينبغي علينا أن نتخلق بهذا الخلق الكريم "التبسم".
ولقد نوه وأشار صلى الله عليه وسلم  منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام الى أهمية البسمة للمبتسم أولا، ولمن حوله ثانيا. وإلى أثر ودور البسمة في العلاقات الأخوية والتجارية والعامة.
كما أرسى النبي صلى الله عليه وسلم  مبدأ التربية بالبسمة، فكما ربى صلى الله عليه وسلم  بالقدوة، والقصة، وضرب الأمثال، والترغيب، والترهيب، والأحداث، والعقوبة كذلك ربى صلى الله عليه وسلم  بالبسمة قال جرير البجلي رضي الله تعالى عنه: "ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت. ولا رآني إلا تبسم في وجهي" ( رواه مسلم 2475).
هذا بالإضافة إلى جعل الابتسامة لغة من لغات اختيار الزوجة المتبسمة الضاحكة ففي رواية لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال لجابر : فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك! أو قال: "تضاحكها وتضاحكك " (رواه مسلم :715).
فلنرسم الابتسامة على وجوهنا، فالكون مشرق، ولولا ظلمة الليل لما رأينا القمر والنجوم اللامعة .
فلنرسم الابتسامة بريشة قلوبنا  لنفتح العالم.. ونأسره بقيمنا وأخلاقنا.
فلنرسم الابتسامة فهي دواء لأرواحنا من الصدأ.. وعلاج لأجسادنا من العلل ..
فلنرسم الابتسامة فإنها صدقة ... "تبسمك في وجه أخيك صدقة " (رواه الترمذي :1956) وصححه المنذري و الألباني.

JoomShaper