لها اون لاين
لو حاولنا أن نعدد المرات التي اختبرنا فيها صدق الكثير من الإعلاميين؛ لصدمتنا تجربتنا الشخصية إذا أحصينا المواقف التي ضبطناهم متلبسين بالكذب والافتراء، فمن المؤكد أن أكثرنا قرأ مقالا أو استمع لمتحدث لبق في الفضائيات حول قضية من القضايا الهامة، وبعد ذلك يكتشف أن ما قرأه أو ما شاهده كان محض كذب وافتراء!
أحدث هذه المواقف التي تؤكد أن بعض من قدموا أنفسهم على أنهم النخبة المثقفة التي تقودنا، بل وتفكر عنا، حين ظهر في برنامج صباحي بفضائية معروفة، وراح يكيل السباب للإسلاميين، ويرص الاتهامات الجاهزة في رصانة وموضوعية مفبركة! وبعد نهاية البرنامج ظن أنه خرج من الهواء فقال للمذيع: "أنا قلت ما طلبته مني".
كشفت هذه الزلة على الهواء حجم ما يمارسه هؤلاء من كذب وزيف ودجل، حين يخرجون في الشاشات يكذبون ويبتسمون، وشعارهم اكذب واكذب حتى يصدقك الناس! لقد ارتبطت رسالة الإعلام ـ السامية في أصلها ـ بالكذب والبهتان عند الكثير من الإعلاميين للأسف الشديد، وكلما كان الإعلامي لديه الجرأة على الكذب وهو يبتسم كلما حقق نجاحا وتفوقا؛ بل وقبولا ـ مؤقتا ـ لدى الجماهير.

إننا نظن أن هذه الحالة من فشو الكذب الذي صاحب فشو الفضائيات التي تتكاثر كالهواء ليس إلا لضعف الوعي الشرعي لدى هؤلاء الإعلاميين الذين غفل بعضهم أو جهل تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من عاقبة الكذاب، بأن مآله أن يكتب عند الله كذابا، ففي الحديث الشريف: وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا"متفق عليه.

والسنة النبوية المطهرة مليئة بالشواهد المنفرة من الكذب، ومن مآلات الكذابين، فعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه، عن النبي صلى الله علـيه وسـلم: "إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا". متفق عليه.

وقد ضيقت السنة السبل على الكذب وحرمته تحريما قطعيا، ونفى النبي صلى الله عليه وسلم صفة الإيمان عن الكذابين حين سئل: "أيكون المؤمن جبانا؟ فقال: نعم. فقيل له: أيكون المؤمن بخيلا؟ فقال: نعم، فقيل له: أيكون المؤمن كذابا فقال: لا"رواه ابن عبد البر في التمهيد وضعفه الألباني.

وإذا كان بعض الإعلاميين يمارس الكذب ظنا منه أنه من لوازم الحرفة، أو ما يطلقون عليه تجميلا وتضليلا بهارات العمل الإعلامي، فإننا كمتلقين علينا واجب النصيحة ورفض هذا الكذب، لاسيما أن سبل التواصل مع الإعلاميين مفتوحة بشكل مباشر عبر وسائل الاتصال الحديثة، فمن الضروري رفض الكذب والتزييف بالمناصحة والمقاطعة والتحذير منهم ومن افتراءتهم.

إن الإعلاميين الكذابين إذا لمسوا منا جدية في رفضهم ومقاطعتهم؛ سيغيرون من أنفسهم بغير شك، وبذلك نكون قمنا بواجبنا نحوهم، ونهيناهم عن اقتراف خطيئة من أكبر الخطايا التي لا تليق بمسلم، كما لا تليق بأي إنسان

JoomShaper