الدستور - ماجدة ابو طير
عندما يقول الأب «لا» لابنه، قد تسارع الام لتقول «نعم» والعكس صحيح؛ شكوى تتردد بين الزوجين في البيوت، حيث يرى كل طرف بأن شريك حياته لا يحترم ولا يقدر قراراته التربوية امام الابناء، وضع معيش في الكثير من البيوت التي تفتقر الى التناغم التربوي. وتشتكي سهاد أحمد من زوجها قائلة: يلغي زوجي دائما اوامري لابنائي فمثلا عندما أطلب من ابنائي الذهاب للنوم كي يستيقظوا مبكرا في الصباح للذهاب الى المدرسة يطلب زوجي منهم الجلوس بجانبه لمتابعة المباراة معه.
بين الدلال والقسوة
يقول كريم عبد الرحيم عندما اقول لابني حان الآن موعد الدراسة بعد أن جلس أمام التلفزيون ساعات طويلة مثلا، او اي امر فيه مصلحة له او حتى ليساعدني في أعمال التصليح في المنزل او المساعدة في حمل المشتريات الثقيلة تبادر زوجتي بالتدخل الى صف ابني، مطالبة مني عدم تحميل ابني فوق طاقته، وان اتركه يعيش حرا. هي تراني متشددا وانا اراها تفيض عليه بالدلال والاهتمام الزائد به.
اخطار الشارع
أما لانا عمر فتؤكد بانها عندما تطلب من ابنها الذهاب الى البقالة القريبة في محاولة منها لزرع فيه الاستقلالية والثقة بقدرته على تلبية حاجات المنزل كما تقول يتدخل الزوج رافضا ان يمتثل الابن لطلب أمه بحجة ان في ذلك خطورة عليه من قطع الشارع، وغيرها من الاخطار التي قد تواجه الابن في طريقه، وتقول: يطرب ابني لكلام والده ويبقى مسترخيا في كرسيه في كسل وتثاقل.
ما زال صغيرا
تقول احدى السيدات عندما ادعو ابني لصلاة الفجر واحثه عليها واذكر له فوائد الصلاة، يرفض زوجي ذلك، ويقول لي امامه انه ما زال صغيرا على الصلاة، زوجي مخطىء ويتخذ ولدي كلام ابيه كعذر له ليتكاسل عن الصلاة.
الحيرة بينهما
عندما تقول الأم لطفلها «نعم» في حين يقول الأب «لا» او العكس، سلوكيات تعكس فقدان التناغم بين الزوجين في اساليب التربية كما تؤكد الاستشارية التربوية في مركز السلسلة الابداعية رولا خلف، وتقول: هذا يسمى بازدواجية التربية او الفصام التربوي متمثلا في التناقض في قرارات الوالدين فأمامهم الام تعطي قرارا والأب يعطي قرارا معاكسا ويقف الابن حائرا بين الاثنين.
اساليب ملتوية
وتؤكد رولا خلق بأن هذا الاسلوب يجعل الطفل غير قادر على تحديد ما هو مقبول وما هو مرفوض وما هو صحيح وما هو خطأ وأحيانا لا يميز بين الحلال والحرام، وقد يزرع هذا الاسلوب الكذب والاساليب الملتوية في نفسية الطفل خاصة اذا قامت الام بالسماح لطفلها بممارسة عمل كان الاب قد رفضه بالخفية والتحايل.
شخصنة الأوامر
وعن اسباب الاختلاف بين بين الأب والأم في التربية كما تبين رولا هو خوف الأم على ابنها من ممارسات قاسية للأب، أو خوف الأب من أن يؤدي الدلال المفرط للأم في التأثير على سلوكيات الابناء، وقد يكون بسبب «شخصنة المواضيع» بين الأب والأم تنعكس على طريقة تربية الأولاد.
الهوة الثقافية
وتقول رولا بأن الاختلاف الواسع في الثقافة والمستوى التعليمي بين الأب والأم يعكس اختلافاً في الأفكار والرؤى حول الكثير من القضايا الخاصة بتربية الأبناء، وكذلك اختلاف البيئة التي ينتمي إليها الأب والأم، كأن تكون بيئة أحدهما محافظة جداً، والأخرى أكثر انفتاحاً، أو أن يكون أحدهما من بلد او مدينة تختلف عن الأخرى، وكذلك بسبب فقدان الحوار بين الزوجين. ناهيك عن الجهل بخطورة هذا الاسلوب الذي يسيء الى الابناء ويترك اثارا تبقى عالقة في اذهانهم.
نقاش سري
وحول حلول هذه المشكلة تؤكد رولا بأن الحل يكمن في الحوار والنقاش المسبق بين الوالدين على ألا يكون النقاش أمام الابناء بل ان يتخذ شكل السرية ليصلوا فيه الى حل وإقناع الابن سبب رفض الأب أو الأم لطلبه. وتقول رولا: نلاحظ أن الطفل من خلال نموه النفسي يحتاج لنموذج الاب والأم معاً فيحتاج لهم بنفس القوة كحاجة الطائر للجناحين فإذا انكسر واحد يميل ويفقد توازنه وهكذا الطفل فهو يكتسب من الام الصفات الانثوية والعاطفية ومن الاب الصفات العقلانية والقدوة والحماية والحزم والأمور المادية فكل منهما يكمل الاخر.
الاحترام المتبادل
تؤكد رولا اهمية احترام الاب لرسالة الام التي توجهها لطفلها والعكس صحيح احترام الام لرسالة الاب لابنائه، وتضيف قائلة مثلا الاب يجلس مع ابنه لمتابعة مباراة وجاء موعد النوم فتقول الام للأبن ان ينام فعلى الاب ان يحترم رغبة الام ويقول مثلا عشر دقائق ويذهب للنوم كما قالت ماما بذلك يحترم كلام الام أما اذا قال دعيه هذه مباراة لو تأخر غير مهم فهنا يحدث التناقض. وتشير رولا الى اهمية تحليل لغة العيون بين الأهل فلينظر الأب بوجه الأم أو العكس فيستطيع ان يقرأ الرفض او القبول ويتصرف على أساسه.
لا محاباة
تشير رولا الى اهمية عدم المحاباة او تمييز الاب او الام لبعض الاولاد في تلبية مطالبهم يعني اذا كان اصغر واحد في البيت فتسمح له بالخروج وتعطيه مصروفا زيادة دون علم الاب أو العكس يحضر الاب بعض الالعاب والحلوى لابنه المفضل عنده أكثر من اخوانه وغيرها من الممارسات التي فيها الكثير من المحاباة والمفاضلة. وتختم رولا حديثها بالتأكيد على اهمية مراقبة الله عز وجل في تربية الابناء والاتفاق مسبقا على طرق التفاهم والتعامل مع الطفل. وتقول: من الواجب ان يكون هنالك اتفاق مبدئي بين الاب والأم على عدم قيام أي طرف منهما بتوجيه رسالة تربوية مخالفة للرسالة التي وجهها احدهما الى الابناء خاصة أمامهم وان كان ثمة ملاحظات او اعتراضات على تلك الرسالة فيجب ان تؤخر الى حين المشاورة والمحاورة بعيدا عن اعين الابناء.
الآباء يختلفون والأبناء يتيهون!
- التفاصيل