د. علي الحمادي
يحسن بمن يود النجاح في تعامله مع الآخرين أن يتعلّم فنون الإقناع، وأن يدرك أن للكلمة الطيبة والابتسامة الصادقة أثراً كبيراً في إقناع الآخرين، كما يحسن بنا الإشارة إلى بعض المبادئ والفنون التي يمكن ممارستها من أجل إقناع الآخرين، ومنها ما يلي:
1- على المرء أن يحسن معاملة الطرف الآخر، وأن يسعى لكسب مودته ومحبته وثقته، فإن ذلك يؤدي – في الغالب – إلى قبول الطرف الآخر لآراء ومقترحات الطرف الأوّل واقتناعه بها بسهولة ويسر، بينما تشكل سوء المعاملة عائقاً رئيساً لقبول الآراء والاقتناع بها، وبمعنى آخر؛ إنّ هناك ارتباطاً وثيقاً بين القلب (العاطفة) والعقل.
2- الطلاقة اللفظية لها تأثير كبير على الإقناع، فالمتكلم البارع والخطيب المفوّه الذي يتقن اختيار الكلمات ويحسن استخدامها والتفوه بها أقدر على الإقناع من غيره.
ومما يُروى في ذلك أنّه كان هناك شخصان، أحدهما ذكي والآخر ساذج، كانت لديهما مشكلة، فكلاهما كان يدمن التدخين، وكان يقضي جل يومه متعبداً ولا يستطيع البعد عن التدخين.
اتفق الاثنان على عرض هذه المشكلة على رئيسيهما ليفصلا فيها في غضون أسبوع، وعندما تقابلا ثانية سأل الذكي صاحبه الساذج عن النتيجة فأجابه بقوله، كارثة، لقد وجهت لرئيسي سؤالاً: هل تأذن لي في التدخين أثناء فترة الصلاة؟ فغضب وعاقبني على عدم الاحترام؛ ولكنني أراك سعيداً يا أخي، فما سر سعادتك؟
فارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي الرجل الذكي وهو يقول: لقد وجهت إلى رئيسي سؤالي قائلاً: هل تأذن لي بالتعبد أثناء التدخين؟ فلم يأذن لي فقط ولكنه حياني لورعي وتقواي!
3- ينبغي أن يفهم الإنسان الموضوع الذي يريد إيصاله للآخرين، وأن يدرك جوانبه المتعددة، وأن يقتنع هو به أوّلاً، لأنّها هي الخطورة الأولى لإقناع الآخرين، إذ إن فاقد الشيء لا يعطيه، وكل إناء بما فيه ينضح.
4- ينبغي على الإنسان أن يدفع الآخرين للتعمق في فهم الموضوع أو الاقتراح أو الرأي الذي يطرحه، لأنّ الذي لا يفهم رأياً لا يمكن أن يقتنع به، لذا ينبغي للإنسان أن يشرح رأيه أو اقتراحه بوضوح تام ويطلب من الآخرين أن يفهموه بدقة.
5- على الإنسان أن يدلل على رأيه أو اقتراحه، وأن يأتي بالبراهين التي تدعمه، فالدليل والبرهان أفضل وسيلة لإقناع الآخرين، أما الكلام العاطفي الإنشائي الذي لا يسنده دليل ولا يؤيده برهان لا يمكن أن يقتنع به العقلاء والمفكرون.
6- الإنسان الذي يتحمس لاقتراحه أو رأيه أقدر على إقناع الآخرين والتأثير في آرائهم وتفكيرهم.
7- على الإنسان أن يكون مرناً في طرح آرائه، وأن يقبل التنازل عن بعض الأمور الفرعية الهامشية في اقتراحاته من أجل إقناع الطرف الآخر بالأهم.
8- يحسن تجزئة الموضوع إلى عدة موضوعات فرعية؛ وذلك لإقناع الطرف الآخر خطوة خطوة بهذه الموضوعات الفرعية (التدرج).
9- حُسن الإنصات من أهم العوامل التي تساعد على الإقناع.
10- على الإنسان أن يربط رأيه أو اقتراحه بحاجات ورغبات واتجاهات ومصالح الطرف الآخر، فإن ذلك أدعى للإقناع.
يقول "ديل كارنيجي": "من هواياتي أن أصطاد السمك، وبمقدوري أن أجعل الطعم الذي أثبّته في السنارة أفخر أنواع الأطعمة، لكني أفضل استعمال طعوم الديدان على الدوام، لماذا؟ ذلك أنني لا أخضع في انتقاء الطعوم إلى رغبتي الخاصة، فالسمك هو الذي سيلتهم الطعم، وهو يفضل الديدان، فإذا أردتُ اصطياده قدمت له ما يرغب فيه".
11- حُسن اختيار وقت طرح الموضوعات من العوامل المساعدة على سرعة وسهولة الإقناع.
12- على الإنسان أن يحسن الدخول إلى الموضوع، فلا يبدأ بالأمور التي تثير الخلاف وتعيق الإقناع.
13- ينبغي إدراك أن فتح مغاليق القلوب والعقول هو محض توفيق الله عزّ وجلّ، لذا فالدعاء من أفضل الوسائل لتيسير عملية الإقناع.
مبادئ في فن الإقناع
- التفاصيل