دبي - دلال جويد
(ذات يوم عدت من عملي إلى البيت، وما أن دخلت البناية حتى وجدت طفل جيراني الذي لم يتجاوز الثانية من عمره واقفا أمام المصعد لا يعرف أين يذهب، حملت الطفل صعدت إلى الطابق السادس والعشرين وحين طرقت الباب فوجئت جارتي بصغيرها خارج البيت؛ فهي لم تنتبه إلى أن الباب كان مفتوحا، وأن الصغير خرج يتبع أخاه ذا السنوات الست، حاولت إفهامها أن ترك الطفل خارج البيت من دون مراقبة يشكل خطرا عليه، وأن ابن السادسة لا يخرج وحده أبداً، لكنها أجابتني أن طفلها ذكي، ولا يخاف عليه).
يصف محمد يحيى موقفه من تلك الجارة أنها نموذج للأم المهملة، التي لا تهتم بحماية أطفالها، ولا تدرك المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الطفل حين يكون خارج البيت من دون رقابة، وهو أمر صحيح، إذ إن على الأمهات معرفة أن الامان الحقيقي للطفل يكون بوجود مراقب أمين عليه داخل البيت وخارجه، والأخبار التي نقرأ عنها، ونشاهدها في وسائل الإعلام يشكل الإهمال الأسري سببا أساسيا فيها. ومن الامور الحسنة أن كثيرا من الأمهات يدركن أهمية رعاية الطفل، وعدم تركه من دون مراقبة خارج وداخل البيت؛ فسماح جميل يعقوب ـ ربة بيت ـ تقول: (أنا أم لطفلة وحيدة عمرها خمس سنوات، وهي لا تفارق عيني أبدا، وقد عودتها ألا تبتعد عني في الاسواق أو أماكن التنزه، وكذلك أعلمها ألا تكلم أحدا غريبا إلا بوجودي، وحين يكلمها أحد عليها أن تناديني، وأنا لا أسمح لها بالذهاب إلى بيوت الاصدقاء أو الجيران، إلا حين أكون معها، لأن الطفل لا يترك وحده حتى مع الاطفال الاخرين، وهذا الموضوع يشمل الأقارب لأن حماية طفلتي هي مسؤوليتي أنا، وعلي أن أكون دقيقة جدا فيها، وهناك برامج توعوية أتمنى من الأمهات مشاهدتها للتعرف إلى المخاطر التي تحيط بالطفل، إذ إن على الام معرفة الكرتون الذي يشاهده الصغير، وبرامج الاطفال التي تأتينا من ثقافات أخرى، وبالنتيجة حرص الام على أطفالها هو الذي يحميهم من المخاطر داخل البيت وخارجه).
الاعلامية لولوة ثاني، تقول: (أنا أم لثلاثة أولاد، وأعتقد أن الحرص على الولد لا يقل أهمية عن الحرص على البنت، إن لم يفوقه، وأنا ضد ترك الأطفال خارج البيت أو المدرسة وحدهم، مهما كانت الإغراءات بمستوى الأمان؛ ففي مناطق الألعاب توجد أماكن يترك فيها الأطفال، لكني لا أترك أطفالي وحدهم، لأني لا أثق في مستوى الأمان الذي يوفر لطفلي خاصة حين اللعب مع أطفال أكبر سنا، أو بوجود عاملين من جنسيات أخرى قد يشكلون خطرا على الطفل، فنحن مهما حاولنا تعزيز الوعي لدى الطفل ربما تغريه قطعة حلوى أو نقود ليثق في أشخاص لا يدرك أنهم وحوش يتربصون بالصغار، ومع ذلك أهتم بتعريف أطفالي بمحيطهم، وبما يجوز وما لا يجوز، فحتى لو لم يدركوا أهمية هذا الأمر الآن يمكن أن يشكل هذا الأمر قاعدة للمستقبل يتعلمون فيها كيفية التعامل مع الاخرين، كذلك أعرف الطفل بأن جسده خاص به، ولا يجوز لأحد لمسه ما عدا أمه والمربية حين تنظفه، وهذه الأمور من الضرورات التي تعرف الطفل بأي أمر غير طبيعي يمكن أن يتعرض له، والمخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الطفل كثيرة تصل إلى الحوادث المرورية، وعنف الأطفال الاكبر سنا، وغيرها من الأمور، التي يمكن أن تخرب صفاء الطفولة وتعرضها للأذى).
وتسعى بعض الامهات الى تعويد أطفالهن على الخروج من المنزل في سن مبكرة، لأنهن يعتقدن أن هذا الامر يبني شخصيته، لكن الاختصاصيين النفسيين يرون أن الأمر لا يكون بهذه الطريقة، يقول الدكتور خليل الكرخي، اختصاصي الامراض النفسية: (أعتقد أن علينا أن نعطي للطفل الحرية في التصرف، تحت مراقبة قريبة من الاهل، ففي المدرسة يكون الطفل تحت مراقبة المشرفين التربويين والمعلمين.
وفي البيت يكون تحت مراقبة الوالدين، لكن المساحات التي تكون خارج هذا الإطار يجب ألا تترك من دون مراقبة؛ فالطفل لا يستطيع حماية نفسه خارج البيت إذا ما تعرض للخطر، لذا ينبغي أن تكون هناك مراقبة عن قرب يشعر الطفل فيها بالأمان، وتمنع عنه أي أذى متوقع.
وطبعا مستوى تلك المراقبة يختلف من بيئة إلى بيئة، لكن في المجتمعات المختلطة مثل مجتمع المدينة في الامارات ينبغي أن تكون المراقبة مكثفة، حتى في حالة اللعب المشترك مع الأطفال الأخرين، وحتى حين يصل الطفل إلى مرحلة المراهقة ويرغب في الاستقلال والتمرد لا يترك من دون مراقبة.
ولكنها تكون مراقبة عن بعد تعطيه مساحة من الحرية وفي الوقت نفسة تكون هناك معرفة كافية بتصرفاته وعلاقاته. وخلاصة القول إنه لا ينبغي ترك الطفل وحده خارج البيت تحت أي مبرر من المبررات).
وهناك توجيهات ينبغي على الأهل معرفتها لحماية أطفالهم من المخاطر، تشير إليها الاختصاصية الاجتماعية، سحر الهاشمي، قائلة: (على الأهل منذ وقت مبكر توعية الطفل بالغرباء، وكيفية التعامل معهم بحذر، كذلك تعريفه بشكل مبسط بالمناطق الحساسة في جسده، وأنها من المناطق ممنوع اطلاع الاخرين عليها أو لمسها، كذلك معرفة مصدر أيه هدية يحصل عليها الطفل، أو أي تغير في جسده أو ملامحه، والتأكد من سلامته وسلامة مناطق جسده الحساسة.
وفتح قنوات صراحة مع الطفل تجعله يخبر والديه بكل ما يمر به، وما يصادفه في يومه في البيت، أو المدرسة، وعلى الأم ألا تترك طفلها يخرج وحده من البيت من دون مراقبة، ولا تسمح له بالابتعاد في مناطق الالعاب أو مراكز التسوق، كذلك يجب توعية الطفل بوجود الخير والشر في الحياة ليدرك أن هناك أشخاصا أشرارا ينبغي الحذر منهم، وعدم الاقتراب إليهم، أو الصراخ بمجرد أن يشعر الطفل بالخطر).
مراقبة
يقول د. خليل الكرخي: علينا أن نعطي للطفل الحرية في التصرف، تحت مراقبة قريبة من الاهل، ولا ينبغي ترك الطفل وحيدا تحت أي مبرر من المبررات لأنه غير قادر على حماية نفسه.
تقول سحر الهاشمي: يجب توعية الطفل بوجود الخير والشر في الحياة ليدرك أن هناك أشخاصا أشرارا ينبغي الحذر منهم أو الصراخ بمجرد أن يشعر بالخطر.
تعريف
هناك برامج توعوية على الأمهات مشاهدتها للتعرف إلى المخاطر التي تحيط بالطفل، لأن حرص الام على أطفالها هو الذي يحميهم من اغتيال براءتهم.
البيان