القاهرة - أحمد عدلي
الأمومة حلم يراود كل امرأة بمجرد ارتباطها بشريك العمر، لكن هل تعلم الأم كيف تتعامل مع طفلها الأول؟ حول الأخطاء الشائعة التي تقع فيها الأمهات في السنة الأولى مع الأمومة وكيفية تفاديها تدور السطور التالية.
توضح رشا شكري (مُعلمة لغة إنكليزية) أن قدوم طفلها الأول غمرها بفرحة كبيرة، إلا أن صغر سنها وعدم خبرتها في التعامل مع الأطفال دفعاها إلى الاستعانة بالإنترنت والمواقع المتخصصة بالأمهات ومتابعة البرامج التلفزيونية المتخصصة لتعلم أفضل الطرق التي تخولها فهم متطلبات مولودها الجديد.
في هذا الإطار، تلاحظ د. نجوى أحمد (اختصاصية في الصيدلة) أن مفهوم الأمومة يختلف تماماً حين يأتي الطفل الأول إلى الحياة، كان لديها اعتقاد بأن التعامل مع الطفل سهل ويقتصر على الطعام والشراب وتهيئته للنوم، إلا أن طفلها الأول أثبت لها أن الموضوع أكبر من ذلك بكثير. وقعت نجوى في حيرة بين تربية طفلها بالطريقة نفسها التي ربتها بها والدتها وبين الطرق الحديثة التي تتناسب مع العصر الذي نعيش فيه، لذا لجأت إلى والدتها وصديقاتها اللواتي مررن بالتجربة قبلها للاستفادة منهن.
أمان وخوف
توضح إيمان منصور (ربة منزل) أن الطفل الأول أعطى لحياتها قيمة كبيرة ومنحها الاستقرار وجعلها أكثر هدوءاً وحباً للحياة، وأن الأمومة هي الإحساس الوحيد الذي يضفي الشعور بالأمان لأنك تجد من تحبّ، وبالخوف لأنك تجد من تخاف عليه أكثر من نفسك.
بدورها، تشير شيرين لطفي (ربة منزل) إلى أن معنى الأنوثة بالنسبة إلى أي فتاة لا يكتمل إلا بوجود طفل في حياتها، مؤكدة أن مفاهيم المرأة عن الأمومة قبل الزواج تكون غير حقيقية، وأن أكبر حبّ بالنسبة إليها هو حبها لمولودها الأول، خصوصاً أنه يملأ عليها حياتها، إذا كانت ربة منزل ولا تعمل، كونها تمضي وقتها كله إلى جواره.
تضيف لطفي أنها تابعت مع الطبيب حالة طفلها الصحية منذ بداية الحمل وحتى الولادة، ومع استشاري الأطفال الذي قدم لها النصائح حول كيفية التعامل مع الطفل.
مشاكل زوجية
يشير د.أحمد يحيى (أستاذ علم الاجتماع في جامعة قناة السويس) إلى أن الطفل الأول يمثل تأكيداً للعلاقة الإيجابية بين الزوج والزوجة، يقول: «ثمة أمهات لا يستطعن الملاءمة بين حقوق الطفل الأول وحقوق الزوج، فتتحول حياتهن إلى سلسلة من المشاكل بسبب شعور الزوج بأنه مهمل».
يضيف يحيى: «تكمن المشكلة الحقيقية في عدم خبرة الأم في التعامل مع طفلها الأول وتركه لدى أقاربها، بعد انتهاء إجازتها، أو في الحضانة أو مع المربية، لافتاً إلى أن ابتعاد الأم عن الطفل في أولى سنوات عمره قد يسبب له مشاكل نفسية.
يطالب يحيى بضرورة نشر الثقافة الأسرية في المدارس الثانوية والجامعات لأن ثقافة الأسرة والصحة الإنجابية وأهمية الرعاية الأسرية وكيفية التعامل مع المتغيرات التي تواجه الأسرة... كلها عوامل غائبة عن المجتمعات العربية.
في سياق متصل، يرصد د.محمد سعد عبد اللطيف (استشاري التغذية في جامعة القاهرة) اخطاء شائعة تقع فيها الأمهات، لا سيما اللواتي ينجبن مولودهن الأول، ومن أبرزها مشاهدة الأطفال التلفزيون فترات طويلة، وتعرضهم للبرمجيات والأجهزة الإلكترونية مثل الهاتف المحمول والكمبيوتر، ما يؤدي إلى خلل في الجهاز المناعي وفي النمو وأمراض خطيرة مثل السكري بسبب انبعاث الأشعة الخطيرة.
يضيف أن من أكثر الأخطاء الشائعة، إيقاظ الأمهات أطفالهن من النوم للجلوس معهم أطول فترة ممكنة، ذلك أن الطفل يحتاج في السنة الأولى إلى فترة نوم لا تقلّ عن 18 ساعة يومياً وفي السنة الثانية إلى 16 ساعة لينمو بشكل سليم.
يشدد عبد اللطيف على ضرورة تعرض الأطفال إلى أشعة الشمس من 20 دقيقة إلى ساعة يومياً للحصول على الفيتامين C وعدم إطعامهم الألبان أو المواد الاصطناعية في الأشهر الستة الأولى من عمرهم، لافتاً إلى أن الأمهات يتسرعن في تغذية أطفالهن بطعام دسم، وهذا خطأ لأن الطفل في عامه الأول لا يحتاج إلى هذه النوعية من الطعام، بل إلى الزبادي الطبيعي الطازج الممزوج بالعسل أو العصائر الطازجة.
شخصية مستقلة
تقول د. فاطمة الشناوي (خبيرة العلاقات الأسرية والزوجية واستشاري الطب النفسي): «ثمة وسائل تساعد الأم في التعرف إلى كيفية التعامل مع الأطفال من بينها الكتب ووسائل الإعلام، واطلاعها على هذه الوسائل إحدى الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها»، مشيرة إلى ضرورة تنظيم مواعيد طعام الطفل ونومه وغيرها من أنشطة يقوم بها، مشددة على أن هذا التنظيم يكون سر انتظام حياتها الأسرية.
كذلك ترى الشناوي ضرورة أن تمنح الأم طفلها الاستقلالية في الشخصية منذ صغره، فتتركه في حجرة خاصة به منذ عمر ستة أشهر، ولا تسمح له بالنوم وسط أبويه وتعتمد لغة الحوار معه كي لا يشعر بالوحدة، إذ «يساعد الحديث مع الأطفال على تنشئتهم بطريقة سليمة ويؤدي إلى إسراع الطفل بالكلام وشعوره بأن ثمة من يسانده ويقف إلى جانبه دائماً».
أخيراً، تشدد الشناوي على ضرورة مشاركة الأب في التربية لأن الأبوة ممارسة والأمومة غريزة، «فالفتاة تولد وفي داخلها غريزة الأمومة، أما الأبوة فتأتي عن طريق الممارسة»، مشددة على ضرورة جلوس الأب مع طفله فترات طويلة كي يتعرف إليه أكثر ويقترب منه.
جريدة الجريدة