سيدتي - خيرية هنداوي
عادة ما تختلف طريقة تربية الأطفال من بيت لآخر، ومن بيئة لأخرى، ومن أبوين لأبوين، لهذا توجد عدة أنماط مختلفة لتربية الطفل أبرزها: الأسلوب السلطوي، والأسلوب الاستبدادي، والنمط المتساهل، والنمط غير المستجيب.
وفي هذا المجال توصلت الدراسات الخاصة بأساليب التربية، إلى أن النمط المتساهل، أو التربية المتساهلة تؤدي غالباً إلى انخفاض مستوى السعادة وقلة المهارات الحياتية للأطفال، والذين غالباً ما يواجهون مشكلات، ويميلون إلى الأداء الضعيف في المدرسة.
وتقرير اليوم يلقي الضوء على نمط التربية الذي يعرف بـ "التربية المتساهلة"، أو "النمط المتسامح" بما له وما عليه، والذي يتسم فيه الأهل بالتسامح وعدم فرض قواعد تربوية صارمة على الأطفال، إضافة لاعتماده على التحفيز والمكافأة المفرطة بصرف النظر عن الأخطاء.
والآن اللقاء والدكتور حسام توفيق أستاذ علم النفس وتعديل سلوك الطفل بمركز البحوث.
أسلوب التربية وفقاً لنمط الآباء
1-الآباء المستبدون
يضعون القواعد ويطلبون من أبنائهم التنفيذ وإلا العقاب الشديد
أجريت دراسة على أكثر من 100 طفل في سن ما قبل المدرسة، وذلك باستخدام الملاحظة الطبيعية، والمقابلات مع الوالدين، وبناء على نتائج هذه الدراسة، تم تقسيم الآباء إلى أربعة أنماط، وتم التعرف على كيفية تأثير كل نوع على الأطفال وشخصياتهم حينما يكبرون، وللحصول على هذه النتائج استمرت الدراسة حتى وصول الأطفال إلى منتصف أو نهاية المرحلةالتعليمية الأولى.
مع هذا النمط يتبع الأطفال القواعد الصارمة التي وضعها الوالدان المستبدان؛ لأن عدم اتباعها عادة ما يؤدي إلى العقاب.
والآباء المستبدون لا يفسرون السبب وراء هذه القواعد، ولا يقدمون التوجيهات الكافية لأطفالهم عما ينبغي فعله أو تجنبه.
الآباء والأمهات ممن يتبعون هذا الأسلوب غالباً ما يوصفون بالدكتاتورية، ويتوقعون الطاعة من أطفالهم دون سؤال أو اعتراض.
2-الآباء الحازمون
هؤلاء الآباء يضعون القواعد والمبادئ التوجيهية التي يُتوقع اتباعها من قبل أطفالهم، إلا أن هذا النوع من الآباء أكثر ديمقراطية.
فهم يستجيبون لأطفالهم ويرغبون في الاستماع إلى أسئلتهم، ويتوقعون الكثير من أطفالهم ،فهم يوفرون الدفء والحب والدعم الكافي.
إنهم آباء حازمون، لكنهم ليسوا متطفلين ومقيدين، كما أن أساليبهم التأديبية داعمة وليست عقابية، فهم يريدون أن يكون الطفل مسؤولاً.
3-الآباء المتساهلون
وهو ما يعرف باسم الأسلوب المتساهل للأبوة والأمومة؛ فالآباء المتسامحون الذين يشار إليهم أحياناً بالآباء المتساهلين، مطالبهم قليلة جداً من أطفالهم.
ونادراً ما يؤدبون أطفالهم نظراً لأن لديهم توقعات منخفضة نسبياً عن النضج والتحكم في الذات، كما أنهم يتواصلون جيداً مع أطفالهم، ويكونون أصدقاء لهم.
4-الآباء غير المكترثين
وهي الأبوة والأمومة غير المهتمة- المنفصلة- التي لا تكترث بشيء، ويتصفون بقلة التواصل الأبوي مع أطفالهم، ورغم تلبيتهم لاحتياجاتهم الأساسية .
قد يحرصون على تغذية أطفالهم وأن يكون لديهم مأوى، لكنهم لا يوجهون ولا يضعون القواعد، وفي بعض الحالات القصوى قد يهمل احتياجات أطفالهم الأساسية.
تؤدي الأبوة والأمومة المتساهلة غالباً إلى انخفاض مستوى السعادة والتنظيم الذاتي للأطفال، ومن المرجح أن يواجه هؤلاء الأطفال مشكلات في السلطة ويميلون إلى الأداء الضعيف في المدرسة.
ودائماً ما يحتل نمط الأبوة غير المهتمة المرتبة الأدنى في جميع مجالات الحياة، وأطفالهم يفتقرون إلى ضبط النفس، ولديهم تدنٍّ في احترام الذات، وأقل كفاءة من أقرانهم.
نمط الآباء المتساهلين
الآباء المتساهلون محبون لأطفالهم لكن من دون فرض قواعد أو حدود
غالباً ما يكون الأبوان المتساهلان محبين لأطفالهم بشكل كبير، لكنهم لا يطبقون كثيراً من القواعد المفترض اتباعها مع أطفالهم.
وعادة ما يقترن هذا النمط بقلة الطلب على ضبط النفس أو النضج، لكن مع التركيز بشكل كبير على التنشئة، لا يوصي باتباع هذا النمط في التربية.
الآباء المتساهلون لا يتدخلون بشيء يخص الأطفال، ومن ثم لا يكون بوسعهما متابعة التفاصيل أو التطورات الحياتية التي تخصهم.
هذا النمط يتسم بتسامح الأبوين في كثير من الجوانب التي تخص أطفالهما؛ إذ لا يضعون لهم أيَّ حدود.
لا يوفرون لأطفالهم هيكلا تنظيمياً، ولا يوجهونهم عادة تجاه المسؤولية الذاتية، والاعتماد على النفس، أو تنظيم العواطف والمشاعر بشكل صحي
الوالد المتساهل:
يستجيب عاطفياً لأطفاله ويتناغم معهم.
يتعامل بقدر كبير من التساهل بشكل عام.
لا يميل للتأكيد على العواقب.
لا يبني شخصية أطفاله ولا يعودهم على تحمل المسؤولية.
يترك المساحة لأطفاله كي يُعلموا أنفسهم بأنفسهم.
لا يقوى على تعليم أطفاله أنواع المهارات الوظيفية والتكيفية التي يحتاجونها.
عدم الميل لإزعاج الطفل بفرض الحدود والقيود المختلفة.
تأثير التربية المتساهلة على الطفل
التربية المتساهلة تجعل الطفل أقل انضباطاً
نقص كبير في المهارات الحياتية
إحباط بعض المهارات التنموية الهامة التي يحتاج الأطفال لتطويرها.
اكتساب عادات أكل سيئة قد تنتج عنها مشاكل صحية فيما بعد.
عدم الانتظام في روتين نوم معين.
إهمال الواجبات المدرسية.
زيادة الوقت الذي يتم تمضيته على الأجهزة والشاشات.
عدم امتلاك عادات اجتماعية متطورة.
هل أساعد طفلي في واجب المدرسة. أم أتركه؟
مستوى أقل من الانضباط
إنّ عدم وجود قواعد سلوكية صارمة يؤدي إلى تطوير شخصية الطفل غير المنضبطة، حيث يفتقر إلى حدود وقواعد توجيهية في حياته اليومية، ما يمكن أن ينعكس في تصرفاته وقدرته على التحكم في نفسه.
تنمية صفات أنانية
تُشكّل تلبية جميع رغبات الطفل تكوينًا لشخصية أنانية، حيث يتوقّع دائمًا الحصول على كلّ ما يُريده دون وجود حدود، ممّا يمكن أن يؤثر هذا على قدرته على فهم احتياجات الآخرين ويزيد من أنانيّته.
مستوى أعلى من الحرية
يعيش الطفل في جو من الحرية من دون قيود، وهذا يشجعه على تنمية شخصية ترفض السيطرة والقواعد، ممّا يمكن أن يؤدي إلى صعوبة التكيف مع بعض البيئات التي تفرض قواعد وتوجيهات
تنمية الاعتمادية والاتكالية
يعتمد الطفل على الآخرين في تلبية احتياجاته في هذه الحال، ممّا يؤدي إلى تطوير صفات اعتمادية لديه، والتي تظهر لاحقًا في قلة التحفيز الذاتي والقدرة على التطوّر في المستقبل.
ضعف المهارات الفردية
لا يتعلم الطفل تطوير مهاراته الفردية في ظل هذا النمط، مما يؤثر سلبًا على نموه الشخصي، حيث يمكن أن يكون لديه صعوبة في التكيف مع المواقف التي تتطلب قدرات خاصّة مستقلة.
تنمية شخصية قوية في المنزل وضعيفة في الخارج
يمكن أن يكون لدى الطفل الذي تربّى بتساهل شخصية قوية في المنزل، ولكن ضعيفة خارجه، ما يُظهر ضعفًا في التكيف مع أفراد المجتمع وعدم القدرة على إثبات الذات.
عدم الاعتياد على النظام
في هذا الأسلوب، يعيش الطفل في بيئة بلا نظام وروتين، ممّا يجعله يفتقد إلى الاعتياد على الهيكل والتنظيم في حياته، وهذا ما يُعزّز العشوائيّة والفوضى في سلوكه ويُظهره غير مسؤول.
التقليل من هيبة الوالدين
قد يؤدي اعتماد هذا النمط إلى التقليل من هيبة الوالدين في نظر الطفل، مما يؤثر على الاحترام المتبادل بينهما، حيث يمكن أن يشعر بالتقدير المفرط، ممّا يؤدي إلى عدم احترام السلطة الأكبر أي أولياء أمره.
توضح تأثيرات التربية المتساهلة أن هذا النمط يتسم بالتسامح الزائد وقلة القيود، مما ينعكس على تطور شخصية الطفل بشكلٍ سلبيّ