سيدتي - خيرية هنداوي
أساليب التربية ليست نصائح وإرشادات تتكررعلى لسان الآباء، أو صوت عال وصراخ لزوم الترهيب. كل أب - ولي أمر- يعتبر نفسه مرجعًا تربويًا وعلى أبنائه السير على قواعده؛ فهي مُجربة ونتائجها مضمونة. والحقيقة أن هذه النصائح النظرية - التربوية - أكثر ما يغلب عليها الطابع الموروث، دون دراسة تُثبت كفاءتها من عدمها، وفي الكثير من الأحيان يُستهان بالآثار الجانبية التي تُخلفها على نفسية الطفل وتوازنه النفسي.
وتقرير اليوم عن بعض الأساليب التربوية السيئة، والتعرف على علاماتها. اللقاء مع المرشد التربوي ياسين الهلالي للشرح والتوضيح.
العلامة الأولى: ضغط وسيطرة تمنع استقلالية الطفل
ضغط وسيطرة الآباء تمنع استقلالية الأبناء
توجيه الأبناء، سيدي الأب وسيدتي الأم، لا يعني السيطرة على كل ما يخصهم، لا يقصد بها متابعتهم في كل ما يفعلون ثم الاعتراض عليه، بل ينبغي منحهم بعض الاستقلالية في اتخاذ بعض القرارات، وتحمل جزء من المسؤوليات، ما قد يُعزز ثقة الطفل بذاته وعدم الاعتمادية.
وهذا بالفعل ما أكدته الدراسات التربوية مؤخرًا، وكان مفادُها أن الآباء والأُمهات الذين يُسيطرون نفسيًا على أبنائهم يخلقون نتاجًا سلبيًا على الطفل، من أهمها انعدام ثقته بنفسه وعدم اعتماده على الذات.
نصيحة: منح الطفل - خاصة المراهقين - الاستقلالية قد يكون أمرًا جيدًا، يُساعده في حل نزاعاته وعلاقاته الشخصية، بالإضافة إلى ذلك فأن منح المزيد من الاستقلالية للطفل، يزيد من قدرته على مقاومة ضغط الأقران.
العلامة الثانية: كثرة الصُّراخ تؤثر على نفسية الطفل
لا تكثر من الصراخ واللوم والتأنيب..حتى لا تتأثر نفسية الطفل
وفي هذا الشأن أُجريت دراسة في جامعة بيتسبرغ، وجدت أن التأديب اللفظي القاسي أو الصراخ واستخدام أسلوب الإهانة، قد يضر بجودة نفسية الطفل على المدى البعيد.
والمواظبة على استخدام التوبيخ اللفظي القاسي، كان مَدخلاً رئيسيًا لاكتئاب الطفل، وبالتالي تعد الدراسة دعوة للآباء للتركيز وعدم الانجراف في دوامة الصراخ التي تدفع الطفل إلى تكرار السلوكيات نفسها مرارًا وتكرارًا دون توقف.
نصيحة: الصراخ لا يؤدب! ويمكنك استخدام الصراخ - فقط - لوقف تصرف يقوم به طفلك الآن ويُعرضه للخطر.
3-العلامة الثالثة: التدخل الزائد..ما يسبب قلق الطفل
من الجيد جدًا - بلا شك - أن يكون الأهل حاضرين في حياة أطفالهم، ولكن الإفراط في التدخل في تفاصيل الطفل؛ كطائرة الهليكوبتر فيمكن أن يكون سببًا للقلق والاكتئاب لدى الطفل.
وهذا ما أكده عدد كبير من طلاب الجامعة، الذين أبلغوا عن السيطرة المفرطة من قبل الأباء عليهم، وقد سجلوا في المقابل مستويات مُرتفعة جدًا من الاكتئاب وعدم الرضا عن الحياة بشكل عام.
نصيحة: تدخل وأعرف كل ما يحيط بطفلك، ولكن بشكل غير مباشر، وحاول الاقتراب منه لتوعيته وتقديم النصح له، بدلًا من ملاصقتك لكل خطوة يخطوها..ما يحفزه على فعل الشيء في السر..وربما وجد متعة وجاذبية بما يفعله.
العلامة الرابعة: لا وجود لقرار حاسم لوقت النوم
ضرورة ضبط ساعات نوم الطفل اليومية
وجد الباحثون أن هناك صلة بين عدم انتظام وقت نوم الطفل، والعشرات من سوء السلوك مثل: فرط النشاط، صعوبات عاطفية، وعدم الاندماج مع الأقران. وعلميًا، إن اضطراب أوقات النوم، وخاصة في مرحلة النمو المُبكر للطفل، له تأثيرات على الصحة والدماغ مدى الحياة؛ حيث أن نمو الطفل في المرحلة المُبكرة يترتب عليه تأثيرات على مدى الحياة.
نصيحة: النوم ضروري لنمو الطفل، حيث يساعد النوم الطفل على استكمال نموه بشكل صحيح. لذا، ينصح خبراء تربية الأطفال بتحديد ساعات محددة للنوم لكل طفل حسب عمره، بمراعاة أن هناك اختلافات في ساعات النوم بين المراحل العمرية. وبناءً على ذلك، يُوصى بوضع جدول زمني منتظم لنوم الطفل.
العلامة الخامسة: السماح بمشاهدة التلفاز في عمر صغير جدًا
أوقات سعيدة بين أفراد الأسرة..تكتمل بمراعاة سن الطفل في المشاهدة
دراسات عدة في هذا الشأن تؤكد: أن تعريض الأطفال قبل سن الثالثة لشاشة التلفاز قد يكون سببًا رئيسيًا لعدة مُشكلات؛ منها: التأثير اللغوي، تأثير في المهارات الاجتماعية، ما يجعلهم أكثر تنمرًا على زملائهم لحظة دخولهم رياض الأطفال.
كما أن هناك ارتباط واضح ووثيق بين الإكثار من الجلوس أمام الشاشات ومشاكل التركيز، وضعف القراءة وإتقان الرياضيات. البرامج التعليمية مثل "شارع سمسم" أو "بارني" مفيدة للأطفال في الفئة العمرية من سنتين ونصف إلى خمس سنوات فقط.
و يُمكننا إضافة الألعاب الإلكترونية لقائمة المحظورات، حيثُ أن إدمانها وتعريض الطفل للشاشة قبل سن خمس سنوات من شأنه أن يُدمر في الطفل 3 مهارات دماغية: التركيز، القدرة على الحفظ، ومهارة التذكّر.
نصيحة: مشاهدة التليفزيون متعة، والجلوس أمام الشاشات الحديثة أكثر متعة وجاذبية، ولكن لصحة الطفل النفسية والاجتماعية والدراسية ضعي روتين خاص لساعات جلوس الطفل.
تعرفي على كيفية تنمية مهارات الطفل
العلامة السادسة: أنهم آباء مُستبدّون
هناك ثلاثة أنماط أساسية من الأبوة والأمومة: المتساهلة، المستبدة، والسلطوية.
الأسلوب المستند إلى الثقة والاحترام هو الأمثل؛ حيث يكون الآباء والأمهات منفتحين وعقلانيين في توجيهاتهم لأطفالهم.
أما الأسوأ، فهو الأسلوب المستبد الذي يتمثل في الآباء والأمهات الذين يكونون متطلبين للغاية ومُثبّطين لأي نقاش مفتوح مع أبنائهم. فهم يطالبون أبناءهم بأداء عظيم وتحقيق نجاحات مدرسية فقط.
نصيحة: كن من هؤلاء الآباء العقلانيون الذين يُبررون لأبنائهم ضرورة التقدم العلمي والعلامات المتقدمة، التي من شأنها أن تبني له مستقبلًا أفضل، بدلًا من الأمر والتسلط والضغط من أجل النجاح وإحراز أعلى الدرجات.
العلامة السابعة: مشاعرهم بعيدة عن أطفالهم
يتشاجران ويصرخان ويتلفظان بما لا يليق..دون شعور بمن يسمع
من الصعب فرض مُعادلة دقيقة تضمن نتائج تربوية سليمة 100%، ولكن يبدو أن هُناك علاقة طردية واضحة تربط بين دفء الوالدين ولطف توجيهاتهم وعقلانيتها، وانعكاس ذلك على سلوك أطفالهم.
حيث أن انخفاض مستوى الدفء وبرود العلاقة بين الآباء والأبناء، تُسهم في بناء مشاكل سلوكية، إلى جانب عدم الإحساس بالأمان والميل إلى العُزلة.
نصيحة: الأطفال الذين يفتقرون إلى الثناء الأبوي، هم أكثر عُرضة للقلق والاكتئاب والانسحاب من المجتمع.
العلامة الأخيرة: يلجئون للضرب كعقاب
العقاب بالضرب يعد أسوأ أنواع الألم النفسي للطفل
البعض يعتقد أن الضرب على مؤخرة الطفل هو العقاب الألطف والأقل ضررًا. إلا أن استمرار استخدام هذا النوع من العقاب مع الطفل قد ارتبط بمشاكل مختلفة مثل فرط النشاط والعدوانية والتنمر تجاه الأطفال الآخرين.
وقد وجد أن أطفال الصف الأول الذين يعاقبهم آباؤهم بهذا النوع من الضرب؛ كانوا أكثر عُرضة لافتعال المشكلات مع زملائهم. حيث أن الضرب على المؤخرة يرتبط ارتباطًا واضحًا بمشكلات الصحة العقلية، والصعوبات المعرفية لدى الطفل. وقد أظهرت الدراسات أن ذكاء هؤلاء الأطفال ينخفض بنسبة 5 درجات في سن الخامسة.
نصيحة: الضرب بكل أشكاله مرفوض، لأنه يفتقر إلى إنسانية التعامل وعقلانية التوجية.