عدنان بن سلمان الدريويش

أولادنا هم قُرَّة عيوننا، وفِلْذَةُ أكبادنا، ومستقبل أُمَّتِنا، في صلواتنا ودعواتنا، نسأل الله لهم الهداية والصلاح، والتوفيق والبركة في العبادة، والدراسة، وحسن الخُلُق.

إن العاقل منا - أيها الآباء وأيتها الأمهات - يحرص على تربيتهم تربيةً حسنة، على منهج كتاب الله، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ عسى أن ينشأ نشأة صالحة تنعكس على شخصيته، فيكون فردًا فاعلًا في مجتمعه وبين أسرته؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كلُّكم راعٍ ومسؤول عن رعيته؛ فالإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها))؛ [رواه البخاري].

أيها الآباء وأيتها الأمهات، قد يدور في رؤوس بعضنا كمربِّين تساؤلاتٌ وخواطرُ كثيرة عن علاقة أولادنا مع الله سبحانه، ومع سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وكيف نربِّيهم تربية إيمانية؟ وما أهمية التربية الإيمانية في حياتهم؟ لا سيما ونحن نعيش في زمن التِّقْنِية الرقْمِيَّة، وسيطرة الأجهزة الإلكترونية على أولادنا، وما يتخللها من أفكار وقِيَمٍ وترفيه تهدِم ما تمَّ بناؤه من أخلاق وقِيَمٍ حسنة، وأقصد بالتربية الإيمانية تربيةَ المراهق منذ نشأته على الارتباط بالله عز وجل في حركاته وسكناته.

إن التربية الإيمانية هي أمنية كل أبٍ وأمٍّ؛ بأن يحافظ أولادهما على الصلاة والذكر، ومراقبة الله، وتلاوة القرآن، وأن يتحلَّوا بالأخلاق الحسنة، والسؤال هنا: لماذا نحرص على التربية الإيمانية؟ وما الحاجة إليها؟ إن أهمية التربية الإيمانية تكمن في أنها: تؤسَّس على حب الله والسعي لرضاه، والاقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم، وبأن يكون متوازنًا في فكره ومشاعره، حتى يصل إلى الرضا والتسليم، وسلامة فِكْرِهِ من الأفكار الضالة والمنحرفة، ثم التحلي بالأخلاق الحسنة؛ كالصدق والأمانة والإيثار، والثقة بالنفس، والصبر على الابتلاءات، وحب العمل التطوعي، وخدمة دينه ومجتمعه، ووطنه وولاة أمره.

وحتى نربي المراهق تربيةً إيمانية علينا بما يلي:

  • استحضار النية الصالحة بأن يكون عبدًا صالحًا لله؛ لأن التوفيق والبركة بيده سبحانه.
  • الدعاء الصالح، والحرص عليه في كل الأوقات بأن يحفظهم ويهديَهم ويُصلحهم، ومن الجميل أن يُسمِع الأبوان أولادَهما تلك الدعواتِ الصالحات.
  • إصلاح النفس، فصلاح الوالدين سبب في صلاح الأولاد؛ كما قال تعالى: ﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾ [الكهف: 82].
  • أن نتعلم ونبحث ونقرأ ونسمع عن جوانب التربية الإيمانية.
  • أن نُغيِّر من عاداتنا السلبية؛ كالسب والصُّراخ، وترك الصلاة، والكذب، وغيرها.
  • استشارة أهل الخبرة والاختصاص من أهل العلم والتربية، الناجحين في تربية أولادهما، عن طرق التعامل، وبناء القيم.
  • اجعل بيتك تحُفُّه الملائكة، ويعُمُّه الخير بالذِّكر وقراءة القرآن، وصلاة السنن، والأخلاق الحسنة؛ حتى تكونَ قدوة حسنة في عينه.
  • البعد عن الخلافات الزوجية، وخاصة أمام الأولاد، من شتمٍ وضرب، وصُراخ واستهزاء، أو طرد من البيت، فكلها مدمِّرات لشخصية المراهق.
  • الحذر من التهاون في اللِّباس غير المحتشِم، وخاصة من الأم والبنات؛ فإن كشف العورات، وظهور الصدور والأفخاذ طريقٌ لكَسْرِ العِفَّة في نفسه.
  • الحرص على القصص التربوية، سواء بقراءتها، أو سماعها، أو رؤيتها في التلفاز؛ كسيرة الأنبياء والصالحين وأهل العلم.
  • الحرص على تطبيق السنن والأذكار أمامه ومعه؛ كأذكار الطعام، وقراءة القرآن، والمسجد، والنوم، وغيرها.
  • شرح معنى التوحيد والإيمان بأسلوب سهل وشائق، وكيف يجعل الله بين عينيه.
  • تعليمه أن يشكر الله على عطاياه ونِعَمِهِ؛ من طعام ولِباس، وصحة وعافية.
  • تشجيعه وتحفيزه على أداء العبادات في أوقاتها؛ كالصلاة في المسجد، والصيام في رمضان، وصلة الرحم بالكلمة الطيبة، واللمسة الحانية، والدعوة الصادقة.
  • اختيار الصحبة الصالحة والمعلِّم القدوة؛ لأنهما سبب من أسباب الثبات والسعادة.
  • مشاركته في الأعمال التطوعية، ومساعدة الآخرين والمحتاجين من ذوي القربى والجيران، ومن الفقراء والمساكين.
  • حضور مجالس العلم، وحَلَقات التحفيظ، ومجالس الكبار، والبرامج الشرعية.
  • الصبر على أخطائه وتقصيره، فالخطأ وارد مهما كان عمره وعلمه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون))؛ [أخرجه الترمذي].
  • البعد عن القسوة في التعليم والتدريب؛ حتى لا يكره الدين وأهله؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله رفيقٌ يحب الرفق في الأمر كله))؛ [متفق عليه].
  • تذكر أن صلاح ولدك فيه صلاح المجتمع، وصلاح لأولاده في المستقبل، وبرٌّ لك عند كِبَرِك وعند حاجتك إليه.

 

 

أسأل الله تعالى أن يكرمنا وإياكم بكل خير، وأن يعيننا على اغتنام أوقاتنا وأعمارنا، وصحتنا وشبابنا فيما ينفعنا، وأن يجعلنا من المتَّبعين لهَدْيِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يصلح لنا ولكم الذرية، وصلى الله على سيدنا محمد.

JoomShaper