سيدتي - خيرية هنداوي

متلازمة الطفل المدلل.. مصطلح أطلقه علماء طب النفس على الطفل المدلل؛ ذلك الدلال الذي يصل إلى إفساد سلوك الطفل وضعف شخصيته أمام نفسه ووسط أقرانه، وهو ما يحدث عند محاولة الآباء توفير حياة مثالية للطفل؛ فنجدهم يطيعونه ويقدمون له كل مايرغب، ويتسابقون على إرضائه بالهدايا والمال، ورغم أنهم لا يرغبون في تربية طفل مدلل، بل على العكس يحلم جميع الآباء بتنشئة أبناء يتحملون تقلبات الزمن، قادرين على مواجهة الأيام بما تحمله من خير أو شر؛ لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فبعض الأخطاء التربوية التي يصنعها الآباء- من دون قصد- تنشئ أطفالاً أنانيين.

والآن مع الدكتورة سمية سند عبد اللطيف أستاذة علم النفس نتعرف إلى علامات هذا الطفل الذي يعاني من متلازمة الطفل المدلل، وكيف تكون العلاقة مثالية بينه وبين والديه، والأسباب التي تجعلهم يتوقفون عن تدليل أطفالهم كذلك.

9 علامات تدل على وجود متلازمة الطفل المدلل

إذا وجدتِها في طفلك، فعليك إعادة التفكير في طريقة التربية التي تتبعينها معه؛ فهو - مثلاً- غير ملتزم أبداً بما تحدده الأسرة من مواعيد الطعام، واللقاءات العائلية، لديه رغبة دائمة في التميز عن الآخرين، ويبدو سعيداً دوماً لمخالفة الكبار، وعلامات أخرى كثيرة تابعيها داخل التقرير:

مهذب مع الآخرين فقط

يتعامل الطفل مع الآخرين بأسلوب مهذب دوماً، يشكر الجميع ويمتن لما يقدمونه له؛ لكن مع أسرته تختلف الأمور تماماً، ربما يحدث ذلك أحياناً بدون قصد، أو قد يشعر باستحقاقه الدائم لعطايا ومنح والديه، ومن ثم لا يرى دافعاً لتقديم الشكر، وهو ما يحذر منه علماء النفس، فهذه هي أقصر الطرق لتنشئة شاب لا يشعر بالامتنان لمن حوله.

يتهرب من القيام بالمهام المنزلية

على الوالدين تدريب أطفالهم على القيام ببعض المهام البسيطة الملائمة لسنهم منذ سن الثالثة، وفي سن العاشرة يبدأون بالمساعدة في الطبخ والغسيل والمهام الأكبر بما يناسب سنهم.

إذا فشلت جميع المحاولات فاعلمي أن طفلك وصل إلى درجة غير مقبول من التنشئة غير السوية، وعليك البدء في غرس قيم الشكر والامتنان لما يقدم للطفل منذ الصغر.

لا يتوافق مع أقرانه

عند التعامل مع الأطفال الآخرين، تجدين طفلك لا يهتم بمراعاة احتياجاتهم أو الإنصات لرغباتهم؛ وعدم تعاطف الطفل الدائم مع أقرانه، يجعل الأصدقاء يميلون لرفض الطفل ضمن المجموعة.

لهذا فإن رأيت طفلك معزولاً عن أقرانه، ودائم إلقاء اللوم عليهم، فعليك البحث جيداً عن الأسباب، فربما كانت المبالغة في تدليله قد أفسدت طباعه، حتى انفض الأصدقاء عنه.

تنتابه نوبات غضب غير مبررة

هنا على الآباء التفرقة بين نوبة غضب الطفل الصغير، والسلوك السيء لطفل مدلل، فإذا وصل طفلك لسن المدرسة وما زال يتعامل حالة رفض طلباته بنوبة من البكاء والصراخ والاستلقاء على الأرض، ورفض إشاراتك المتكررة بأن ذلك أسلوب خاطئ، فالأمر يستحق المراجعة.

وإذا شعرت بانتصار طفلك عند الموافقة على طلبه، فهذا لا يعني أنك أمام طفل صغير يريد شيئاً ما؛ لكنك تواجهين طفلاً مدللاً سيحطم كل القواعد المنزلية والخلقية ليحصل على ما يريد.

طفل لا يحب المنافسة

الطفل المدلل ليس لديه استعداد للخسارة؛ لذا فهو يفضل عدم التنافس من الأصل، وقد يقع الآباء في فخ بعض طرق التربية الإيجابية، التي تربي الطفل على حتمية الفوز الدائم في المدرسة، والنادي، وفي الأنشطة والمهارات.

ولكن الحقيقة أن الخسارة واردة في كل مجالات الحياة، لا أحد يكسب دائماً، ويجب تربية الطفل على تقبل الخسارة، وأن ذلك لا يقلل من جهده وقدراته ولا يعكس فشله.

لا يعرف كيفية احترام والديه

يتعامل الطفل المدلل مع والديه وكأنهم أقرانه، وهذا ليس نتيجة لعلاقة الصداقة التي تربطهم مع الطفل؛ لكن الأمر يتعلق بغياب الدور الأبوي والسلطة الخاصة للأسرة أمام سلطة الطفل، وبالطبع هذا ليس خطأ الطفل؛ لكنه متعلق بطرق التربية التي يتبعها الوالدان.

يعاني من تدني تقدير الذات

أجمع علماء النفس أن محاولة الآباء إقناع أطفالهم دوماً بأنهم الأفضل أو أنهم يتصرفون بشكل أكثر تميزاً، وتستطيعون حل جميع العقبات التي تواجههم، لن يجعلكم أبطالاً في عيون أطفالكم.

فأنتم هنا ستحرمون الطفل من بناء ثقته بنفسه عبر التعلم من أخطائه، فعندما يواجه العالم بدون دعمك له، سيكتشف أن الأمور لا تسير بذات الطريقة، ومن ثم سيصبح دوماً مفتقداً للثقة في نفسه وقدراته.

يريدك أن تدور في فلكه

لا يجب أن يدور عالم الأسرة بأكمله حول احتياجات الطفل، من المهم إعطاء الأطفال الاهتمام؛ لكن عليهم أيضاً الانتباه أن لأفراد الأسرة أوقاتهم الخاصة.

لا يفهم قيمة المال

على الطفل أن يعلم حقيقة أن المال لا يأتي من العدم، وأن رغباته ليست أهم من ميزانية الأسرة، ويجب أن يعرف الطفل جيداً قيمة الجهد المبذول وراء المال، وإذا لم يستوعب طفلك تلك الأمور، فأنت أمام طفل مدلل بكل المقاييس.

أساسيات العلاقة المثالية بين الطفل ووالديه

لا تستسلمي لرغبات طفلك

    اجعلي طفلك يثق بك ويعتمد عليك في مشاكله، وكوني القدوة بالنسبة لطفلك؛ فالأم هي الركيزة الأولى في تربية الطفل، نظراً للوقت الأكثر الذي تمضيه معه مقارنة بالأب، ما يجعله يثق فيها ويحبها.

    دعيه يتفهم أن أقصى عقاب يصل إليه، أنك ستمتنعين عن الحديث معه لفترة يوم أو اثنين، بسبب أى فعل خاطئ يفعله، كما يمكن حرمانه من الشيء الذي يحبه.

    قومي بالامتناع عن تقديم المكافآت بشكل مفرط، فهي تجعل الطفل مادياً، و أكثر ميلاً للأنانية، وينتظر مردوداً أو مصلحة وراء كل شيء يفعله،مع تجنب المدح المبالغ فيه أيضاً.

كيفية تكوين علاقة إيجابية.. تحمي الطفل من الدلع

الطفلة المدللة تفتقد الثقة بالنفس

    علموا أطفالكم مهارات تحمل المسؤولية؛ بتكليفهم ببعض المهام داخل أو خارج المنزل، وكيف يكون الانضباط وقت الشدة، حتى ينشغل الطفل بنفسه، ويستثمر ساعات يومه.. على أن تكون سلوكيات محببة لديه.

    ابتعدوا عن أي أسلوب يعتمد على الصراخ والضرب، فهما غير مجديين وقد يتسبّبان بأذى أكبر للطفل على المدى الطويل، بجانب الجوّ النفسي السّامّ الذي يخلّفه هذا الأسلوب.

    ركزوا على التأديب الإيجابي، بهدف تنمية وبناء علاقة صحية مع طفلك، مع إفهامه المطلوب منه ؛ وذلك بدلاً من العقاب أو الدلع الزائد والتهاون في توضيح حجم ما ارتكبه الطفل.

 

أسباب تجعلك تتوقفين عن تدليع طفلك

المدلل أكثر عرضة للتنمر

إفراط الاهتمام والعناية = تدليل للطفل.. كثيراً ما يكون التركيز من جانب الوالدين، على الطفل فيما يفعل وما يقول- فيما يرتدي وماذا يشاهد على الفضائيات، من هم أصدقاؤه وعددهم ونوعيتهم- سبباً لشعور الابن بالاهتمام الزائد، ما يعطيه الفرصة للدلال على والديه، ورفض الاستجابة لطلباتهم وسرعة تلبيتها، وهذا يدخل في باب الدلع.

الطفل الوحيد.. ليس سبباً للتدليل الزائد..ومرات كثيرة يرجع سبب تدليل الطفل لكونه طفلاً وحيداً، أو جاء بعد سنوات طويلة من الزواج، وفي مقابل هذا نجد الآباء يتلهفون على تلبية حاجاته، بل وتقديم الكثير والمبالغ فيه من الهدايا والامتيازات بمناسبة ومن دون مناسبة، ما يعطي الطفل الشعور بالتميز والأهمية، والتي قد تصل إلى حد الغرور والنرجسية، فيصبح طفلاً مدللاً.

الطفل المدلل.. يتنمرون عليه..كثير من الآباء يضعون العمل والترقي الوظيفي أول اهتماماتهم، وبالتالي يهملون أطفالهم أو يلبون جميع احتياجاتهم، وبشكل زائد عن الحد، حتى لا يشعروا بالذنب أو التقصير أولاً، وحتى لا يشعر الطفل بأن والديه لا يعطيانه الوقت كما ينبغي

هنا على الآباء التوقف وبحزم، مع رغبة شديدة في إصلاح ما أفسدوه بانشغالهم وتفضيل مهام العمل عن الاهتمام بأطفالهم، ويتم ذلك بتحديد ساعة يومية للحوار مع الطفل والسؤال عن حاجاته واهتماماته.. بدلاً من أن يصبح الطفل المدلل.. عُرضة للتنمر عليه والاستهزاء به.

جميع الأهل يشتركون في تربية طفلك.. يحدث أن يتدخل كثير من الأهل في أسلوب تربية ومعاملة الطفل؛ ربما كانت الجدة تعيش معه وسط المنزل أو أحد الأعمام، مما يجعل التربية والتوجيهات مشتتة بين أهل البيت ومن يسكنه معهم، فيقع الطفل بينهم، ولا يعرف إلى من ينحاز ومن منهم الأصح.

يتجه الطفل بذكائه لمن يستجيب لطلباته.. فيأخذ منه ما يريد، وفي النهاية يصبح طفلاً مدللاً.. وهنا على الآباء التوقف، وعلى الجميع أن يلتزموا بأسلوب واحد، حتى لا يصبح هناك تعارض يستغله الطفل.

JoomShaper