سيدتي - ميسون عبد الرحيم
لا زلنا نردد أن أطفالنا غراس تنمو بالرعاية، وأن الطفل يتعلم بالممارسة ويتربى بالقدوة، ولذلك فنحن نخطئ كثيرًا في حق أطفالنا في حال أننا لم نكن قدوة لهم، ولأننا نقوم بأساليب خاطئة في تربيتهم وتعليمهم المبادئ والقيم التي سوف يسيرون عليها في حياتهم، وتكون هي اللبنة الأولى في نجاحهم في المستقبل.
من الضروري أن ينشأ الطفل في بيئة داعمة، وتعرض الطفل للتهديد وأسلوب التربية الخاطئ والخالي من الحب والحنان، يحوله إلى طفل يتصف بصفات سيئة ويصعب علاجها، ولذلك فيجب أن نلقي المسئولية أولًا علينا كآباء حين يكون الطفل كاذبًا ويشتهر بذلك، وقد التقت بناء على هذه الأهمية التربوية "سيدتي وطفلك" وفي حديث خاص بها بالمرشدة التربوية لبابة عبد المنعم حيث أشارت إلى الأسباب التي تؤدي لأن يكتسب الطفل الصفات السيئة من والديه وهي تصرفات يقوم بها الوالدان خلال تعاملهما معه ويعتقدان أنها صحيحة، ومن هذه الصفات التي يكتسبها الطفل الكذب والجبن والغيرة وغيرها في الآتي:
طفل يبدو عليه الكذب
توقعي أن يتعلم طفلك الكذب لكي يهرب من مواجهتك؛ وذلك لأن رد فعلك أمام كذبه أول مرة يكون أكبر من المتوقع، والمفروض ألا تبالغي في ردة فعلك حين تكتشفين كذب الطفل، وكذلك يجب أن يفعل، وفي حال اكتشفت كذب طفلك فيجب أن تعرفي كيفية التعامل مع الكذب عند الأطفال فيجب أن تعاقبيه على قدر الكذبة وتجعليه يشعر بمخاطر الكذب، وذلك عن طريق أمثلة وبأن الكذب هو أساس كل الأخطاء لأن الإنسان حين يكذب فهو يقوم بتصرفات أخرى خاطئة لكي يخفي كذبه، وحين يكذب مرة ويكتشف الآخرون كذبه فلن يصدقه أحد بعد ذلك.
أوقعي بطفلك عقابًا مناسبًا وفي نفس الوقت دون مبالغة لكي لا يتخذ الطفل من الكذب وسيلة للهروب من ردة فعلك وعقابك، وتذكري أن الطفل قد يلجأ إلى الكذب بسبب خوفه من العقاب المبالغ فيه، وفي نفس الوقت يصبح لدى الطفل ضعف في شخصيته، فهو غير قادر على المواجهة والاعتراف بخطئه، وفي هذه الحالة تقع مسئولة الوالدين عن تعلم الطفل لعادة الكذب، خاصة في ظل وجود أب قاسٍ ومتسلط ولا يترك وقتًا لكي يدافع ابنه عن نفسه بل يوقع به العقاب لمجرد سماع الذريعة من الآخرين.
الطفل الجبان
توقعي أن يكون طفلك جبانًا ولا يمتلك أي قدر من الشجاعة حتى للدفاع عن نفسه، وعليك في هذه الحالة ألا تتوقعي أن يستطيع طفلك الدفاع عن إخوته الصغار، أو حتى حماية ممتلكاته الشخصية في المدرسة مثلًا، رغم أن هناك طرقًا فعالة لتدريب طفلك على الحفاظ على مقتنياته الشخصية منذ صغره، ولكن لن يستطيع الطفل أن يفعل ذلك، وسوف يكون من السهل أن يتعرض للابتزاز من التلاميذ الكبار، وسوف يستغلونه ويوصم بأنه طفل جبان؛ لأنك السبب في تحوله إلى هذه الصفة، بسبب أنك تفرطين في حماية طفلك وتخافين عليه بشكل مفرط، وبالتالي فهو يتوقع الخطر في كل لحظة ولا يشعر بالأمان إلا مع الوالدين، ويصبح طفلًا جبانًا غير قادر على مواجهة المجتمع.
عودي طفلك أنه سوف يخرج من إطار الأسرة ويصبح لديه حياة اجتماعية ويجب أن يتعلم كيف يتعامل مع الآخرين، وأن دورك يكون حمايته فعلًا ولكنك لن تكوني بجواره في كل لحظة، كما أنه سوف يصل إلى السن التي يعتاد فيها أن يدافع عن نفسه بنفسه، كما أن إسرافك في حمايته وخوفك عليه لأنه الطفل الوحيد مثلً،ا سوف يحوله لكائن متقوقع لا يغادر حضنك وسوف يؤثر ذلك كثيرًا على بناء شخصيته.
الطفل الغيور
توقعي أن يكون ابنك مصابًا بداء الغيرة، وهي صفة سيئة وتؤثر على شخصية الطفل وعلاقته بالآخرين، وسوف تظهر الغيرة عند طفلك حين ترينه بنفسك، وحين يقوم بإيذاء المولود الجديد، أو الحصول على أغراض خاصة بإخوته أو أنه يقوم بضربهم وتحطيم ألعابهم، وكذلك يحاول أن يكتم صوتهم ويعلي من صوته حين يتحدثون؛ لكي يلفت الأنظار إلى نفسه، وهذه كلها من علامات الطفل الغيور، ويجب عليك قبل أن تعرفي كيفية التعامل مع الغيرة بين الأطفال وإلى متى تدوم؟ أن تعرفي أنك قد تكونين السبب في تكوين طفل غيور في بيتك؛ لأنك باختصار تشعرينه باستمرار بالمقارنة بينه وبين الآخرين، ولا تدعينه يعيش في إطار قدراته، ولا تقدرين الفروق الفردية بين الأطفال حتى لو كانوا توائم، كما أنك حين يأتي المولود الجديد تجعلين طفلك الأكبر يشعر بهذه المقارنة دون وعي منك حين تبدأين في ذكر صفات ومحاسن الطفل الجديد أمامه.
اعلمي أن أسلوب المقارنة بين الأطفال من الأساليب الهدامة والمدمرة للأطفال، وتؤدي لمشاكل نفسية، من أهمها أن ينشأ الطفل ولديه شعور بالنقص، ويأتي دورك أن تعززي من شعور طفلك بذاته، وتقديرك لما يمتلك من صفات ومزايا، وأن تشعريه بقيمته وأهميته في الأسرة؛ لأن الغيرة لا تنتهي عند الأطفال عند سن معينة، بل على العكس فهي تتأصل لديهم ويتحول الطفل لإنسان منبوذ؛ لأنه يقع بأخطاء نحو أشخاص آخرين يشعر أنهم يتفوقون عليه حين يكبر.
الطفل عديم الثقة بنفسه
توقعي أن يكون طفلك عديم الثقة بنفسه، ولديه شخصية مهزوزة، ومن السهل السيطرة عليه من قبل الآخرين، بحيث لا يكون لدى طفلك أفكاره ولا آرائه الخاصة، وتبدأين في البحث عن طرق لتقوية ثقة طفلك بنفسه وأنت لا تعرفين أنك تسهيمن مع الأب في تعزيز فقدان الثقة لدى الطفل، في حال أنكما تقومان بدور النصح والإرشاد المباشر باستمرار، بدلًا من تشجيع الطفل، ففي هذه الحالة يشعر الطفل أنه مجرد آلة يقوم الأب والأم بتشغيلها وإدارتها حسب ما يريدان كما يشعر الطفل أنه مخطئ على الدوام وغير قادر على اتخاذ أي قرار بنفسه.
اهتمي بتشجيع طفلك لكي تعززي من ثقته بنفسه، ولا تقومي باستمرار بدور الناصح، ولا تتصيدي له الأخطاء لانه سوف يخطيء ويصيب مثله مثل اي انسان سواء كان كبيرا او صغيرا، ولكن المهم أن توجهي الطفل عن بعد ولا تكوني معه بكل خطوة بحيث لا تتركي له الفرصة لكي يتنفس وفي هذه الحالة سوف يكون طفلًا عديم الشخصية ويستمر كذلك ويصبح موضع سخرية الآخرين بسبب تصرفاتك معه.
الطفل المنطوي توقعي أن ينشأ طفلك منطويًا وكثير الصمت وقليل الكلام، وتبدأين بوصفه بأنه طفل كتوم، والحقيقة أنه طفل يتعرض للقمع من الأم والأب، ومن الطبيعي أن يتحول إلى طفل منطوي، ولذلك فتصرف الأب والأم مع الطفل بحيث أنهما يقمعان الطفل، ولا يتركان له فرصة لكي يعبر عن نفسه، كما أنهما يشعرانه بأنه عديم القيمة وعليه أن يصمت، ففي هذه الحالة يجب ألا تتفاجأ الأم أن طفلها ينظر بعينيه فقط، وأصبح كثير الصمت ولا يشارك بالحياة الاجتماعية، بل إنه يرفض الخروج في زيارات عائلية.
اهتمي بأن يعبر طفلك عن ذاته، واتركي له مساحة لكي يتحدث ويعبر عما يشعر به، ولا تقومي بالسخرية منه ومن آرائه؛ لأن الطفل المنطوي سوف يصبح مشكلة كبيرة في الأسرة، ويتعرض لمشاكل نفسية، إضافة لانسحابه من الحياة ويؤثر ذلك على مستواه الدراسي، فإتاحة مساحة للطفل لكي يعبر عن نفسه يجعله يشعر بقيمته في الأسرة، ولكن ليس إلى درجة أن يفرض رأيه بصفته طفلًا مدللًا.