بقلم : محمد محمود محمد البكوش
• جديد الأهل للعام الدراسي الجديد .
• جديد المعلم للعام الدراسي الجديد .
• جديد الطالب للعام الدراسي الجديد .
بسم الله الرحمن الرحيم
أقبل العام الدراسي الجديد ، وسماه المجتمع و المدرسة والأسر والطلبة العام الدراسي الجديد ، فهل هو جديد حقا وفعلا ؟؟؟ أم أنه قديم مكرر معاد ؟؟
هل استعد الأهل بالجديد للعام الدراسي الجديد ؟؟
أم أنهم لا يزالون كما كانوا { إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم } ؟؟.
هل استعد الأستاذ للعام الدراسي الجديد بالسلوك الجديد والثقافة الجديدة والمعرفة الجديدة  ؟ 
أم أنه لا يزال ذلك المترهل المحبط الباحث عن العمل الخالي من الرسالة ؟؟
وهل استعد الطالب بالجديد للعام الدراسي الجديد ؟؟
 أم أنه لا يزال ذلك الطالب المدلل الخايب ؟ أو ذلك الطالب الذي يعاني مرارة العيش وقسوة الحياة ؟؟ أم أنه ذلك الطالب المحبط الذي لا يرى سقفا يرتفع أعلى من رأسه ولا يرى إلا طريقا مسدودا في نهايته ؟؟   يغني عن جوابي جوابك وعن جوابك المشاهد أمامك ، ولهذا أقدم لك هذه السطور الإرشادية التنموية  ليكون العام الدراسي جديدا حقا .
علينا أن نفكر من جديد في الجديد بالجديد .
 
• جديد الأهل للعام الدراسي الجديد :
1.العطلة انتهت :
أول برمجة جديدة  للأهل يبرمجون عليها أنفسهم ومنازلهم أن يعلموا أن العاطلة انتهت فتجدا أحيانا بعض البيوت لا تهتم لهذا الأمر فتتلازم معها ثقافة العطلة وتلتصق بالعام الدراسي الجديد .
وانتهاء العطلة يعني أمرين  :
أ – تغيير نظام الوقت :
في العطلة لا يهتم الأهل كثيرا بوقت الأبناء فينامون متى ما ينامون ويستيقظون وقت يشاؤون ويلعبون كذلك في أي وقت ويخرجون ويعودون في أي وقت وهذا يجب أن يتغير في بداية العام الدراسي الجديد .
يجب أن ينظم وقت الطالب بما يتماشي مع المدرسة والتعليم   وأهمها النوم المبكر والاستيقاظ المبكر فله الفوائد الصحية والجسيمة المهمة ، فلا يجب أن يكون الطالب كسولا يغالب النعاس في الفصل وربما ينام في حجرات الدراسة نظرا للسهر الطويل ليلا على التلفاز أو على الألعاب .
وكذلك خروج الطالب من البيت والعودة إليه ففي العطلة قد يكون أمرا عاديا أن يسهر الطالب مع أصدقائه أو يذهب إلى متنزه ويغيب عن المنزل لساعات طويلة ولكن هذا الأمر يجب أيضا أن يقنن  فيجب على الطالب لكي يتفوق في دراسته أن يقضي أكثر وقته في المنزل ليتسن له الدراسة والمذاكرة والمراجعة .
ب – تقنين اللعب والترويح :
مع بداية العام الدراسي الجديد علينا أن نفهّم أبناءنا أن دائرة اللعب والترويح قد تقزمت وتعاظمت دائرة الجد والاجتهاد وهذا مما يختلف به العام الدراسي الجديد عن العطلة .
2.     الكشف الصحي :
 وهو أمر يهمله الكثير من أولياء الأمور ولكنه ينبغي على الأهل أن يقوموا بكشف صحي بدني شامل للطالب لمعرفة إذا كان يعاني من أي خلل بدني قد يعثر مشواره التعليمي .
 3.     تغيير نظام المنزل :
 يجب أن نغير من نظام منازلنا في بداية العام الدراسي الجديد وإشاعة جو من العلمية داخل المنزل وترتيب أماكن الكتب وأماكن المذاكرة .
من الأمور المزعجة أن تشاهد في منازلنا غرفة النوم وغرفة الطعام وربما صالة الطعام ولكنك لن تجد غرفة المكتبة أو غرفة المذاكرة .
هذه الغرفة الغائبة حتى على أذهان المهندسين .
لماذا لا يكون من برمجة العام الدراسي الجديد غرفة للمذاكرة تعلق عليها من الخارج كلمة مكتبة تحوي بداخلها طاولة مثل طاولة الاجتماعات وعدد من المقاعد المريحة وكل مقعد مزود بمصباح الإنارة للمذاكرة ومن خلفها المكتبة المنظمة التي تحوي الكتب المدرسية والكتب العلمية وغيرها .
يجب أن يكون لأبنائنا مكانا مخصصا للدراسة والمذاكرة جيد الإنارة والتهوية منظم طيب الرائحة يحوي بعض النباتات الخضراء ملونة بطلاء جميل ويفضل في الطلاء اللون الأبيض فهو أبعث على الانشراح .
مكان المذاكرة لأبنائنا أهم في نظر العاقل من أماكن النوم وأماكن الضيافة  وأماكن الأكل .
 
4.     البيت المعسكر الأول :
على الأب والأم أن يجعلوا طيلة العام الدراسي الجديد البيت بمثابة المعسكر التدريبي الذي يعلم الطالب التفوق والنظام والسلوك القويم الحسن والتفوق الدراسي والنجاح الحياتي ، وذلك لأن المدرسة والبيت كلاهما مكمل للأخر من الناحية النتشيئية والتربوية أي من حيث البناء بلفظ أعم حيث يجب أن توضع قوانين نظام للطالب لا يتعداها بداية من ترتيب أموره المنزلية وتدبيرها بنفسه وتنظيف غرفته وترتيب ثيابه ونظافته الشخصية  وتحسين سلوكه وترتيب نظامه اليومي وتخصيص ساعات معينة له تكون هي وقت الدراسة .
وبالجملة على الطالب أن يعيش في منزله وكأنه معسكر تأديبي تربوي يربيه على أعلى درجات صور الانضباط .
وهذا الأمر لا يخلو من ساعات الترويح واللعب والمتعة ويحبذ ألا تكون متواصلة ومتلاحقة بل يكون يوم واحد في الأسبوع وهو يوم العطلة يتنفس فيه الطالب الصعداء من الجهد والاجتهاد والعناء  ، وهو مكافأة له إذا أحسن وإذا قصر واستمر في التقصير فيكون حرمانه من يوم عطلته نوع من العقاب .
5.     المتابعة والمراقبة :
 من البرمجة الجديدة التي ينبغي أن تكون لدينا في العام الدراسي الجديد متابعة الأبناء في داخل المنزل وخارجه ومراقبة تصرفاتهم من غير أن نشعرهم أننا نقوم بذلك فإن شعورهم بأننا نراقبهم يشعرهم بالنقص اتجاه أنفسهم فلا يبلون بلاء حسنا .
بالمراقبة تكون بمهارة وبحنكة ، أراقب ابني من غير أن أشعره بذلك وأتابع أحواله أول بأول المدرسية والصحية والنفسية والعاطفية والاجتماعية ، فربما قد يكون لديه مشكلة في جانب عاطفي أو في جانب نفسي أو في جانب تعلمي فبالمتابعة يمكن تلافي الموضوع من الأول .
وكذلك متابعة زملاءه من الطلبة وميولاته العلمية والأدبية وتنمية مواهبه من شعر أو غناء أو تأليف أو تجسيم أو نحت أو رسم أو إلقاء .
وهنا يكون دور الأم أعظم من دور الأب كما أننا لا نعفي الأب من هذه المهمة ولكن الأم الدور عليها أكبر من حيث المراقبة والمتابعة .
والبعض يظن أن المراقبة والمتابعة تكون خارج المنزل فقط وهذا خطأ ، بل يجب أن تكون المتابعة والمراقبة داخل المنزل أكبر من خارج المنزل ، وخاصة عندما يكون جهاز التحكم في يديه ويقلب في التلفاز ، حتى أنواع الرسوم والبرامج التي يحب متابعتها لها مردود نفسي عليه فيجب أن يراقب الطفل أربعا وعشرين ساعة وكلما نمى الطفل وكبر تكبر المراقبة وتزداد ، فالعلاقة بينهما طردية .
فبعضنا يفرح بيفاعة ابنه ويقول : ها قد بلغ سن الرشد '' سن المراهقة '' ويستطيع الآن ابني الاعتماد على نفسه .
وهذا خطأ لأن ابنك الآن في أخطر مرحلة من حياته وهي سن المراهقة التي ترسم له طريق المستقبل والتي يتكون منها اتجاهه في الحياة ، فأغلب الناس اليوم الذي تجاوزوا الأربعين عندما يبحثون في ملفات حياتهم المؤرشفة يجدون أنهم اليوم نتاج اختياراتهم في سن المراهقة .
 6.     ماذا يريد الأبناء من الآباء ؟؟ :
 وهذا من أهم الأمور في برمجة العام الدراسي الجديد ، أن تجلس مع ابنك وتسأله ماذا تريد ؟؟؟
من منا يذكر أنه طرح هذا السؤال على أبنه في بداية العام الدراسي الجديد ؟؟
اجلس مع ابنك جلسة المودة والصداقة والمؤاخاة واسأله :
أي بيني حبيبي وقرة عيني ... وزد له في تعبيرك عن حبك له ومكانته عندك ....
أنت ابني المتفوق الناجح الذكي الشجاع الذي احرز البطولة في كرة المضرب وختم جزء عم من المصحف .... وتحدث له عن إنجازاته وذكره بها وأثني له عليها ....
وأنا أريد لنجاحك هذا أن يستمر ويزداد وأريدك في هذه السنة أكثر تميزا من السنة الماضية ،، فماذا تطلب مني وماذا تريد ؟؟ ،، يجب أن اعقد اتفاقية أنا وأنت يقول فيها كل واحد منا ماذا يريد من صاحبه خلال هذا العام الدراسي ونتفق عليها .....
قد يخجل الابن إذا كان خجولا فلا يجيب في اللحظة عينها ، وقد يكون متسرعا فيضع شروطا يلغيها ويعدل فيها بعد ساعات ، فأمهله على الأقل ثلاثة أيام ...
وبعد ثلاثة أيام سنعقد أنا وأنت المؤتمر - إذا كان صغيرا جدا فيعجبه هذا النوع من اللعب ، وإذا كان كبيرا فخاطبه بالجدية المتناهية – وسنقرر فيه اتفاقيتنا بوجود الوسيط المحايد الذي يرعى هذه الاتفاقية ويحفظها وهي أمك  .
لاحظ أخي أن أكثر ما يضعه الابن في هذه الاتفاقية هي أحلام وطموحات وسيبذل قصار جهده للحصول عليها ، وبالمقابل ضع أنت شروطك وقوانينك وتعاليمك وماذا تريد أنت منه وكافئه علي ما يقدم من نجاح بما يرغب هو فيه وإن زدت فخير ، واحرص على ألا يضيع لك معه عهد فإن له مردود سلبي كبير جدا .
وانتبه فقد يخرق بعض قوانينك وهي طبيعة أغلب الأطفال من حيث عدم وفائهم بجميع قوانين الاتفاقية ونبه عليها ولكن لا تحرمه ما طلب وما يريد لأجل خرقه لبعض قوانين الاتفاقية .
 7.     وازن في حرصك :
 بعض الآباء قتلهم الحرص على أبنائهم لدرجة أنهم أصابوا أبناءهم بأمراض نفسية إذا أتاه ابنه بالجيد جدا ضربه وبطحه وسلخه وقطعه لماذا لم تأت بالممتاز ؟
وإذا أتاه بالممتاز ربطه وعلقه وشنقه وذبحه لماذا لم  تأت بالأول ؟؟
فيكفر الطالب المسكين بالعلم والتعليم والمدرسة وبأبيه وبأمه ويصاب بالرهاب المدرسي وهو مرض عانى منه بعض التلاميذ من أمثال هذه الأسباب .
وإذا ما انتقلت للضفة الأخرى من الوادي لوجدت الأمر المغاير من أناس تركوا الحرص بالكلية فلا يدري حتى على ابنه يقرأ في أي سنة و لا يعرف حتى مكان مدرسة ابنه ولا ماذا يقرأ ولا أين ، بل زيادة عليه يلعنه ويشتمه ويوبخه ويقول له بصريح العبارة : والله ما هو صاير منك .
هذا بدلا من أن يدعو له كما قال النبيء صلى الله عليه وسلم لابن عباس وكان صغيرا : ' اللهم فقّه في الدين وعلمه التأويل '.
علينا أن نوازن في حرصنا على أبنائنا بلا نقص ولا رجحان .
بدون الحرص الشديد القاتل ، وبدون التسيب البليد الغافل .
 8.     غرس الرسالة في نفوس الأبناء :
 من البرمجة الجديدة للعام الدراسي الجديد أن نغرس الرسالة في نفوس أبنائنا ونعلهم العمل لصالح أمة محمد وأنهم من أبناء هذه الأمة المرحومة المختارة وأنهم يجب أن يكونوا منها حقيقة وعملا لا نسبا فقط ، ويجب أن يعملوا لها ويبنوا أنفسهم البناء الصحيح من أجلها ، وأن كل هذا التعب والدراسة والجد والاجتهاد من أجل نفع أمة محمد صلى الله عليه وسلم و الارتقاء بها والارتقاء بالبلاد نحو الأفضل من خلال الارتقاء بأنفسنا نحو الأفضل .
ولأكون معكم أكثر صراحة : هذه الرسالة يجب إن يحملها الأب والأم من أجل غرسها في الأبناء ويجب أن تكون في قلوبنا وفي منازلنا قبل أن تكون في قلوب أبنائنا .
 9.     التشجيع الدائم المستمر :
 كما شجعت ابنك على المشي صغيرا فعليك أن تشجعه باستمرار على المشي في مستقبله وتخطي عثرات الحياة .
من عناصر البرمجة الجديدة للعام الدراسي الجديد أن نشجع أبناءنا التشجيع المستمر وأن نثني على نجاحاتهم وأعمالهم ونبي سويا طموحاتهم .
أول ما يعود الولد من المدرسة يحب أن يتكلم عن أعماله التي قام بها في المدرسة ويحب أن يكون الأب والأم من المستمعين لها حتى يشعر أنهم شاركوه العمل والنجاح وقد علموا بها وسمعوا بها من البطل نفسه القائم بها وإن فاتتهم المشاهدة العينية .
وهنا يسعد الطالب والابن ويفرح لوجود من يستمع إليه ويشاركه نجاحاه واهتماماته .
ويصاب بالخيبة والألم النفسي العميق عندما لا يستمع له والده ولا أمه ولا يعيرون له أي اهتمام .
يأتي الولد سعيدا : أمي أمي ! لقد قرأت أنا القرآن في الصباح في الإذاعة المدرسية وقرأت من سو.... تقاطعه الأمة هيا أخرج من المطبخ واغسل يديك ورجليك جيدا وبدل ملابسك لتأكل معنا الغداء !!
الابن : أبي أبي ! كنت أحدث أمي أنني اليوم الصباح كنت أنا الذي .... يقاطعه الوالد : اصمت اصمت رأسي يريد أن ينفجر من يوم عمل شاق أحضر لي كوبا من الماء لآخذ الأسبرين .
إنها خيبة أمل وألم في نفسية هذا الولد الذي لم يجد أحدا يخبره بما نجح فيه وبأعماله وإنجازاته .
أضحكني أحد أصدقائي عندما قال لي مرة : لو كان سيدنا يعقوب عليه السلام من بيئتنا وأتاه ابنه وقال له : يا أبتي إني رأيت احد عشر كوكبا ،، لقال له اذهب سلم أوليدي أحكيها لأمك وخليني نسمع النشرة .
فضحكت وقلت له : ' الله أعلم حيث يجعل رسالاته ''
 اجعل ابنك يتكلم عن إنجازاته واستمع إليه جيدا وأرشده وشجعه ،
انظر إلى سيدنا يعقوب عليه السلام كيف أنصت لحلم وفسره واهتم به من ولده الصغير فما بالك إذا ما تكلم لك أبنك عن الحقيقة التي عاشها فضلا عن الرؤية التي حلم بها .
وقد يكون الولد من النوع الذي لا يتكلم عن إنجازاته فاسأله آنت وتكلم معه فيها ، وكن له مشجعا ومؤدبا ومربيا .
علينا أن نغرس في نفوس أبنائنا وتلاميذنا :
أنهم عنصر من عناصر النجاح ، وهم خلطة كيمياء السعادة والتفوق ، ورموز معادلة التميز ، وتيار الحب المستمر الغير متردد ، ونجوم السماء المنيرة ، وكما أنهم أبيات شعر النور في قصيدة الحياة الذهبية .

 

JoomShaper