الدستور - رنا حداد
توجهت والدة الطفلة "رغد" الى مدرسة ابنتها بعد ان طفح بها الكيل جراء فقدان طفلتها للوازمها المدرسية ومصروفها بصورة يومية. جواب طفلة الصف الاول لوالدتها كان يتكرر "الاولاد يسرقون حاجياتي". الوالدة فوجئت بكلام المرشدة الاجتماعية في المدرسة عن دوافع أطفال بعمر الورود للسرقة.
وكما قالت لها المرشدة الاجتماعية "انهم أي الاطفال يجهلون في هذا العمر معنى الملكية". بل وبحسب المرشدة التربوية "هم لا يعتبرون اخذ ممتلكات الغير من اقرأنهم أمرًا مشينًا ولا مذمومًا لأن نموهم العقلي والاجتماعي لا يمكنهم من التمييز بين مالهم أو ممتلكاتهم وما ليس لهم أو ممتلكات الآخرين ، ومثل هذا الطفل لا يمكننا اعتباره سارقًا".
لا يدركون معنى الملكية
حل المشكلة من وجهة نظر المرشدة التربوية كان بتوجيه الطفلة "رغد" اكثر نحو الحفاظ على أغراضها وممتلكاتها والايعاز لمعلمات الأطفال التنويه الى هذه المشكلة باعتبارها سلوكا خاطئا خلال الحصص الصفية. الا ان كثيرا من الاباء والامهات قد لا يقبلون بهذا الامر عذرا لتعدي اخرين على ممتلكات ابنائهم وبالتالي الاستحواذ عليها.
فمثلا اعتبر "وليد حسين" تعدي اطفال على حاجيات ابنائه سلوكا اجتماعيا مشينا ناتجا عن تقليد ومحاكاة لسلوك وتربية الوالدين.
واضاف "انه لا بد من النظر الى البيئة التي ينشأ فيها الطفل قبل البحث عن اعذار لمثل هذا التصرف".
الاخصائية الاجتماعية رند ايوب اكدت ان المرشدة الاجتماعية بررت "سرقة الاطفال" بمبرر تربوي سليم ولم تعارض ولي الامر "وليد حسين" فيما ذهب اليه من حيث اهمية دور البيئة والتنشئة الاجتماعية في خلق "لصوص صغار".
واشارت الاخصائية الاجتماعية الى ان الطفل يلجأ الى السرقة بدوافع مختلفة منها حب الاستطلاع والاستكشاف والعبث والغيرة فقد يسرق الطفل زميله في المدرسة لأنه يغار منه لأن زميله متفوق او حصل على هدية تميز وتقدير من معلمه فيلجأ للسرقة بدافع الانتقام والتشفي واغاضة الطرف الاخر.
دور الاهل
وبينت ايوب ان الطفل قد يسرق في بعض الأحيان بدافع الانتقام حتى من اسرهم ، فقد يسرق الطفل والده لأنه صارم وقاسْ في معاملته له ، وقد يسرق الطفل والديه إذا وجد أنهما انصرفا عنه وأهملا رعايته وشؤونه ، فيلجأ الطفل لسرقة والديه كرد فعل لتجاهلهما له والسرقة هنا انتقامية.
واشارت الى حادثة كانت تخص طفلا كان يسرق حاجيات الآخرين متباهيا بها ومتفاخرا امام زملائه على انها هدايا تشجيعية من والديه.
وسردت الاخصائية ايوب قصة طالب كان يسرق مصروف زملائه أثناء ذهابهم لحصة الرياضة وقد تكرر ذلك عدت مرات ومع مراقبة الصف بعد خروج الطلاب عرفت هوية الطالب وبعد الجلوس معه تبين أنه يسرق بسبب عدم إعطائه مصروفا في البيت وانه يعاني شعورا بالنقص وتم التغلب على مشكلة الطالب بالتعاون مع الأسرة.
وذكرت ايوب ان الام التي تسرق من محفظة زوجها امام صغارها والرجل الذي يتباهى امام ابنائه بما جنى بطرق ملتوية آلات ممتازة وفعالة لصنع لصوص صغار.
وأضافت ان الاهل يعززون هذا السلوك لدى الطفل في حال التغاضي عن غرض قد يأخذه من المتجر دون دفع ثمنه او السكوت عن إحضاره الى البيت حاجات وأغراض ليست له من المدرسة.
الفقر والحرمان
وعن الظروف الاجتماعية القاهرة ودورها في توجيه سلوك الطفل نحو السرقة قالت انها من الدوافع لا سيما ان رافقها ضعف في الأخلاقيات وتربية لا تستند الى قيم ومبادئ دينية واجتماعية سوية. ولكن ايوب بينت ومن خلال حالات تم رصدها ان طلبة ميسورين قاموا ايضا بالسرقة والدافع هنا لم يكن حرمان او فقر بل كانت له مسببات اخرى منها الاهمال العاطفي وحتى التمييز بين الاشقاء في المعاملة.
واضافت الاخصائية الاجتماعية ان الطفل قد يلجأ للسرقة لشراء شيء أو حاجة هو محروم منها بسبب فقر أسرته أو بخل اهله الشديد ، فيسرق الطفل إما لشراء طعام يشتهيه: لأنه جائع ، وليس معه نقود ، أو يسرق ليشتري لعبة هو محروم منها ، وقد يسرق في بعض الأحيان لإشباع هواية لديه: فقد يسرق لتأجير درَّاجة يركبها ، أو لدخول مدينة الملاهي للاستمتاع باللعب الموجودة فيها.
وشددت على ان علاج هذه المشكلة يتطلب جهودا مترابطة من قبل الاسر والمدارس وحتى ادوات ومؤسسات المجتمع المحلي بما فيها وسائل الاعلام والمراجع الدينية والاجتماعية والنفسية والتربوية. وبينت ان اولى خطوات العلاج هي الاعتراف بوجود الخلل وعدم التغاضي عنه حتى لو كانت مادة السرقة ممحاة او مسطرة،،.
لصوص صغار على مقاعد الدراسة
- التفاصيل