د. غنام عبدالعزيز الغنام
الطفل صفحة بيضاء يمكن ان ننقش عليها ما نريد وعلى الرغم من ذلك نسمع ونشاهد ونقرأ عن بعض انحرافات الابناء داخل المجتمع ناتجة من اساليب تربوية خاطئة بعضها صادر عن نوايا طيبة ضلت الطريق بسبب الجهل وبعضها صادر عن ممارسات تسلطية، في هذه الصفحة نعرض بعض المشاكل التي تواجه المربين في محاولة سريعة وبسيطة لايجاد الحلول لها.
أتعجب من تصرفات ابني (6 سنوات)، فعلى الرغم من صغر سنه فإنني لاحظت أخيراً من سلوكياته أنه يتكبر على الآخرين، ويشعر بأنه أفضل منهم، وينظر إليهم نظرة ترفُّع، ويقول لهم عبارات مثل: أنا أفضل منكم، والدي أفضل من والدكم، أمي تشتري لي ألعاباً أجمل من ألعابكم، بيتنا أجمل من بيتكم!
صار يحرجني بسلوكه هذا، علماً بأنني ووالده نكره التكبر، ونشجع على التواضع، ونعرف بين الأقارب والأصحاب بالتواضع ولله الحمد. فماذا يمكن أن يكون سبب تصرفه هذا؟ وماذا أفعل لأعوّ.د ابني على التواضع؟
أختي الفاضلة:
يتوقف مدى تكيف اي انسان مع ظروفه وعائلته ومجتمعه الى حد كبير على مدى انسجامه مع من هم في عمره في السنوات الأولى من حياته. فإذا قام الأبوان بتربية طفلهما على احترام الآخرين والتعاون معهم والتواضع، بغض النظر عن المحيط الذي ينمو فيه، فإن القيم ترسخ في نفسه، ولو شذ عنها بعض الوقت خلال مرحلة بلوغه. أما إذا كان الأبوان غير راضيين عن المحيط الذي ينمو فيه ولدهما، ويذكرانه باستمرار بأنه مختلف عن هذا المحيط، أو أنهم أفضل منهم، فإنه سيلقى صعوبة في الاختلاط بالناس في حياته المقبلة.
الطفل يتطور وينمو خلال الفترة الواقعة بين الثالثة والسادسة من عمره من خلال حبه لأبويه، فهو لا يراهما كما يراهما الآخرون، بل يمجدهما ويبالغ في قوّتهما. فالولد يرى أباه مثالاً له ويقلده في تصرفاته، وفي الوقت نفسه ينمي علاقة حب قوية مع أمه. لذا يجب أن ننتبه كآباء لتصرفاتنا وأقوالنا، لأن هناك شخصا يخزن ما يراه ويسمعه منا، وبناء على ذلك يتصرف ويقلد وينمي قيمه.
وفي هذه السن يشعر الطفل بأنه مركز الكون، ويوسع مداركه للعالم بحب نفسه وعائلته وحتى خادمته وكل الأشخاص في عالمه الحالم، لذلك يكون دائماً بحاجة الى تطوير قدراته بالتعامل مع الآخرين. وقد يكون سلوكه، الذي نجده متكبرا ومتعاليا، محاولة منه ليكسب اهتمامهم، أو ليؤسس هويته الاجتماعية لأول مرة.
وقد يكون دافع طفلك لهذا السلوك عدم قدرته على التكيف مع الآخرين، أو لافتقاده الثقة بنفسه وفي علاقته مع أصحابه.
فحاولي:
أولاً: التعرف على مشاعره لتعرفي ما الذي يدفعه الى هذا التصرف. وعلّميه أن الإنسان يجب أن يعتز بأفعاله الحسنة، لا بما يملك من اجهزة أو منزل أو ملابس.
ثانياً: احكي له قصصا كثيرة عن القيم الأخلاقية كالتواضع والتعاون وحب الخير للآخرين.
ثالثاً: علّميه القيام ببعض الأعمال المنزلية الروتينية الخفيفة كترتيب ألعابه أو غسل كوبه.
رابعاً: ضعي قاعدة صارمة، واخبريه ان قوله انه أفضل من الآخرين غير مقبول، وأنه سوف يؤذي مشاعر الآخرين بذلك. لكن في الوقت نفسه انقلي له أنه ولد طيب ومحبوب، لكن عليه تغيير بعض سلوكه ليتجاوز هذا الأمر. فالمصدر الأساسي للتأديب الصحيح هو أن ينشأ الطفل في أسرة محبة وودودة، ليكون محبوباً ويتعلم كيف يحب الآخرين.
خامساً: الاطفال، خاصة في السنوات الاولى، سيتغلبون على المشكلات بصورة افضل بالتربية العاطفية. فمتى أحس الطفل بحب والديه له - ليس بما اشتروه له– ستولد لديه طاقة مماثلة ليحب الآخرين، وهي تعتبر أساسية أيضاً لتحسين العلاقات الإنسانية، ولن يحتاج ليجرح أحدا أو يصرح بأنه أفضل منه.
سادساً: حرّ.كي لديه عاطفة مساعدة الآخرين من خلال تقديم مساعدته لفقير.
معادلة اليوم
من المفيد جداً النظر إلى كل سلوك يقوم به أبناؤنا على أنه جزء من نموهم وتطورهم، فيجب أن نكون صبورين وأن نرشدهم إلى الطريق الصحيح.
د. غنام عبدالعزيز الغنام
استشاري تربوي واجتماعي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
ابني يتكبّر على الآخرين
- التفاصيل