القاهرة - وفاء هيكل
الخجل عاطفة سلبية مكبوتة تنشأ نتيجة الخوف من موقف معين وتحرج المرء أمام الآخرين وتولّد لديه شعوراً بالضيق والرغبة في الانعزال، ما ينعكس سلباً على صحّته النفسية. «الجريدة» ترصد تجارب مختلفة مع الخجل وتقدّم نصائح الخبراء لتخطي هذه المشكلة النفسية.
الخجل، بالنسبة إلى هدير حسن (طالبة جامعية)، مشكلة تعاني منها باستمرار فهي طالما تمنت التفوه بأمور والقيام بأفعال معينة إلا أن الخجل كان يمنعها من ذلك، بالإضافة إلى عدم قدرتها على تكوين صداقات، توضح: «فجأة أدركت أنني سأعيش حياتي سجينة الخجل إذا لم أتغلب عليه، وبالفعل بدأت أقاوم هذا القلق النفسي عبر الاندماج مع الآخرين».
رافق الشعور بالخجل عبدالله محمد (مترجم) منذ مرحلة الطفولة مروراً بالمراهقة لغاية اليوم، واكتشف أن خجله أعاقه عن الاستمتاع بلحظات مميزة كان من الممكن أن تحوّل حياته إلى الأفضل على رغم أن مبررات الخجل كانت واهية ومصطنعة بالنسبة إليه ومصدرها الوحيد ضعف ثقته بنفسه، «لذا بحثت عن طرق للتغلب على هذه المشكلة ووجدت أن الاندفاع والتصرف بتلقائية هما الأنسب للخروج من الحالة التي أتخبط فيها».
يضيف محمد: «لا شكّ في أن لهذا الاندفاع تبعات سيئة لكني لاحظت، عندما تصرفت على طبيعتي، أنني شخص محبوب عكس ما كنت أظن».
ارتباك
في المقابل، لا تعاني مونيكا نبيل (مصممة غرافيك) من الخجل في التعامل مع مَنْ حولها، لكنها ترتبك أحياناً عند محادثة أشخاص لهم أهمية في حياتها، تقول: «في أحد الأيام تحدثت مع شخص أشعر بإعجاب نحوه فاعتراني خجل شديد وخوف من أن أظهر بمظهر الغباء أمامه، لذا بدأت أتحدث بسرعة جنونية ولعثمة ما أعطى انطباعاً عميقاً لديه بأنني بلهاء، بعد ذلك تجنبت الحديث معه، لكني أحاول أن أتخطى ذلك الشعور بين الحين والآخر».
يشعر أحمد جمال (مندوب مبيعات) بالخجل، لكن لم يمنعه ذلك من الحصول على الفرص بالتالي لم يؤثر الخجل عليه ولم يكن من المعوقات في طريقه، يقول: «يرجع ذلك إلى البيئة المحيطة ومكان عملي الذي يفرض علي التعامل اليومي مع الناس، بالإضافة إلى أن كلمة خجل ليست موجودة في قاموس المجتمع العربي عند تعامله مع الطفل. لذا تخلُّصي منه كان حتمياً».
رأي علم النفس
يرى د. أحمد عبدالله (أستاذ الطب النفسي في كلية الطب في جامعة الزقازيق) أن الخجل الاجتماعي مرض يمكن الشفاء منه لأنه نوع من القلق أو التوتر، «هنا يجب أن نفرّق بين الخجل العادي والخجل المرضي الذي يمنع المصاب به من القيام بأمور أساسية في حياته».
يضيف عبدالله: «ثمة أدوية تعالج الجزء البيولوجي من المرض أي أعراضه مثل الرعشة أو العرق، لكنها لا تعلّم المريض أن يكون متحدثاً لبقاً، لذا، بالإضافة إلى الأدوية والعقاقير، يجب ممارسة أنشطة اجتماعية والاندماج مع الآخرين».
بدوره، يؤكد د. أحمد يحيى (أستاذ علم الاجتماع في جامعة السويس) أن الخجل سلوك نفسي له آثار اجتماعية ويميل المصاب به إلى الانزواء والعزلة الشخصية، لذا لن تغيّر العقاقير فيه بقدر ما تضره وتسبب له اضطراباً واكتئاباً، «من هنا يجب إعادة تأهيل الشخص الخجول ودفعه إلى المشاركة في النشاطات الاجتماعية والندوات والمناقشات... بحيث يخرج من الحالة الفردية إلى الحالة الاجتماعية ومنها إلى الحالة المجتمعية، فيكون إيجابياً وعضواً فاعلاً في المجتمع ويشارك في أمور الحياة كافة».
يضيف يحيى: «كثيراً ما نجحنا في ذلك خصوصاً مع الأطفال الخجولين الذين يعانون من فوبيا الآخرين، فنعرّضهم لمواقف اجتماعية مختلفة أو كما أسميه «العلاج بالآخرين»، إنما يجب مراعاة، أن نكون لهم قدوة حسنة ونتجنب عدم الازدواجية في المعاملة لمنعهم من الهرب إلى الداخل أو الخارج وكي لا يكونوا مرضى خجل محتملين في المستقبل».
يروي يحيى تجربته الشخصية مع الخجل: «كنت في طفولتي خجولاً ما دفعني إلى أن أكون عصبياً وعدوانياً، لاحظ أحد أساتذتي ذلك فحمسني على ممارسة النشاط الجماعي وقد ساعدني الانخراط مع الآخرين على تخطي هذه المشكلة النفسية».
نصائح
في هذا السياق، تقدم د. نفيسة عبد الوهاب (أستاذة علم النفس في جامعة 6 أكتوبر سابقاً) ست خطوات للتخلص من الخجل:
- أن يكون للفرد بصيرة بذاته ويكتشف الحاجة إلى تجاوز شعوره بالخجل.
- أن تكون لديه رغبة في التغيير.
- ألا يفكر في ذاته، لدى مواجهة الناس، بل في الموقف وفي الآخرين أمامه الذين يحاولون تعزيز ثقته بنفسه بين الحين والآخر.
- التفكير بإيجابية وتذكّر النجاحات التي حققها المرء ليقف على قدراته.
- تكوين علاقات مع الناس.
- عدم وضع أهداف طويلة الأمد بل قصيرة ليتمكن من رصد نجاحه فيها بسهولة وكي لا يصاب بإحباط يؤدي إلى الفشل.
العلاج بالآخرين... للتخلّص من الخجل
- التفاصيل