تناولت التخصصات المختلفة في الفترة الماضية طرق التعامل مع وباء إنفلونزا الخنازير، ورغم أن الموضوع يحتاج -على مستوى إدارة الأزمات- رؤية أكثر عمقا وتنفيذا أكثر سرعة ودقة وقرارات أكثر صرامة ووضوحا، إلا أنني اليوم لن أتحدث عن الموضوع من ناحية علم إدارة الأزمات، ولكني سأتحدث عن الجانب النفسي، الذي لم يكن له حضور في الأيام الماضية؛ فقد سمعنا أصحاب القرارات والأطباء والإعلام والاتصالات والأئمة وأهل الذكر وغيرهم في حين غاب الجانب النفسي عن الساحة رغم أهميته في كل مرحلة من المراحل.
وسأركز في حديثي هنا على الخطاب الموجه للآباء والمعلمين في المدارس باعتبار الأطفال هم الشريحة الأهم من حيث التعامل معهم في مثل هذه الأزمات.

خطوات عملية
وفيما يلي بعض الخطوات العملية في برنامج بسيط يمكن أن يساعد الآباء والمعلمين في تقديم الدعم النفسي المناسب للأطفال:

1- أولى خطوات الدعم النفسي هو توفير معلومة بسيطة حقيقية حول المرض وكيفية الوقاية منه تتناسب مع عمر الطفل دون أن تحدث له هلعا.

2- على الآباء أن يتحدثوا إلى الطفل حول أن من يتوفى بسبب هذا المرض هم عدد قليل مقارنة بالمصابين به.

3- يجب التحدث حول وجود علاج للمرض، وأن الله يمنحنا علما يتناسب مع كل بلاء، فإذا ما ظهر وباء وجد العلماء له بفضل الله طريقة للتعامل.

4- احك لطفلك عن أوبئة حدثت من قبل للكرة الأرضية إن لم تكن عشت شيئا منها فاقرأ عنها جيدا، ثم تحدث له عن أنها مجرد وسيلة للوفاة إن أراد الله للبعض، ولكن مع ذلك عاشت جدته التي حضرت هذا الوباء وأنجبت له أمه أو والده؛ فإن ذلك يطمئنه ويدخل لديه مفاهيم جديدة.

5- قم بعمل مسرحية بسيطة ممتعة اجمع فيها طفلك وبعض الأطفال واشرح أوجه الوقاية والإجراءات التي يجب أن يقوموا بها؛ فكثيرا ما نغفل أن الطفل يقوم بتخزين المعلومة بالحالة الانفعالية المصاحبة لها وقت التخزين، وبالتالي فالأفضل أن تكون في صورة مقبولة له بداية ليتذكرها جيدا، ولكي لا يحدث له هلع إذا ما احتاج إلى تنفيذها وما قد يترتب من مخاوف وارتباطات شرطية تتكون في ذهنه لا نعرفها وتؤثر على سلوكه فيما بعد بشكل سلبي.

6- ركز على مشيئة الله كمفهوم لدى طفلك، وذلك من عمر الخامسة، بكلمات بسيطة قدر الإمكان كأن تذكر له كم نجانا الله من قطع الطريق والسيارات مسرعة، وكم مرة نجاه الله في البحر أو حمام السباحة، وكم مرة أصابته سخونة وخشيت عليه ولكن الله نجاه.

اشرحها بكل مشاعرك واحرص على أن تربط بين مفهوم المشيئة ومفهوم دورنا الذي يطالبنا الله به لتميز له بين التوكل والتواكل، وذلك في صورة قصص وألعاب ومسرحيات.

7- تحدث له حول الإجراءات التي تقوم بها الجهات المعنية واشرحها له أيضا بمنتهى البساطة، ولا مانع من عمل ماكيت يحمل في كل ركن منه كل جهة وما تفعله للتعامل مع الأزمة لحماية المواطنين.

8- جهز طفلك بالمعلومات لما سيحدث في مدرسته من تغيير، فصف له إجراءات وزارة التربية والتعليم في ذلك، وإذا كان عمر ابنك من التاسعة فأكثر فاطلب منه تصورا يضعه هو للتعامل مع الأزمة في المدارس، وشجعه على أن تكون الأفكار أكثر عملية وقابلية للتطبيق في الواقع، فإذا ما تشابهت فكرة له بأحد الإجراءات فسوف يكون ذلك دافعا له على تقبل الأمر والتعامل معه بوصفه أمرا طبيعيا توصل هو له.

9- استثر طفلك عقليا حول الموضوع، بحيث تستخرج منه كل فكرة تظهر له حول المرض أو تغير حياته إذا ما أصيب أحد ممن يهمونه حتى لا يدخل في صراع مع فكرة أكبر من قدراته فتتشابك مع أفكار وتفسيرات غير حقيقية تظل تؤرقه طوال الوقت دون أن يعبر عن ذلك.

 

داليا الشيمي

إسلام أون لاين

JoomShaper