د. غنام عبدالعزيز الغنام
الطفل صفحة بيضاء يمكن ان ننقش عليها ما نريد وعلى الرغم من ذلك نسمع ونشاهد ونقرأ عن بعض انحرافات الابناء داخل المجتمع ناتجة من اساليب تربوية خاطئة بعضها صادر عن نوايا طيبة ضلت الطريق بسبب الجهل وبعضها صادر عن ممارسات تسلطية، في هذه الصفحة نعرض بعض المشاكل التي تواجه المربين في محاولة سريعة وبسيطة لايجاد الحلول لها.
أرسل لنا أب يعرض مشكلته مع طفله قائلا: طفلي ذو الأعوام الأربعة شديد الغيرة من إخوته وأقرانه، فإذا رأى بيد أحدهم حلوى أو لعبة أو أي شيء، يظل يطلبه من أمه حتى تجلبه له من يد من يحمله. وإن لم يحصل عليه ينفجر بكاء بصوته الحاد المزعج.
وقد عودته والدته على إعطائه ما يريد، حتى لو كان على حساب انزعاج وتضايق إخوته وأقرانه. فماذا أفعل كي أخلصه من هذه العادة السيئة؟
الحـــــل:
أخي الفاضل.. ابنك ليس شديد الغيرة، انما شديد التدليل. فالطفل المدلل يتمركز حول ذاته، ولا يفكر في الآخرين. يطلب طلبات غير معقولة، وحتى عند تحقيقها لا يشعر بالرضا لفترة طويلة. وهو لا يريد إلا ما عند الآخرين، لذلك لا يشعر بالسعادة، ويجعل الناس المحيطين به غير سعداء كذلك، هو باختصار طفل مستبد.
والوالدان اللذان لا يملكان الطاقة الكافية او الوقت الكافي يعملان من دون قصد على تدليل الطفل، كما تفعل والدته عندما تأخذ ما يريده من إخوته وتعطيه له، لأنها ترى أن الرفض عملية صعبة التطبيق أو مستهلكة للوقت.
لكن أيضا الاستجابة لصراخه وبكائه تجعل المشكلة أسوأ.
وبصراحة الطفل المدلل غير محبوب من نظرائه عادة، وحتى المعلمون يستاؤون من التعامل معه لأن احترام القواعد شيء يجب أن يتعلمه الطفل في البيت.
وإليك بعض الخطوات التي تساعدك في تحسين سلوكه وتخليصه من هذه المشكلة:
1 - تجاهل السلوك غير الخطير، كالبكاء والصراخ أو السعي للفت الأنظار، فعندما يدرك الطفل أنه لم ينل الاهتمام بهذه السلوكيات سيوقفها.
2 - التعزيز الإيجابي: تعامل مع الطفل بصورة صحية، مع العناق والقبلات والثناء والاهتمام الإيجابي، فعندما يقوم بسلوك جيد أثْن. عليه لأنه يحتاج إلى سماع رسائل إيجابية. فمثلاً عندما تجده يلعب بهدوء أو يشاهد التلفاز أو يتعاون مع إخوانه في عمل شيء ما، ضع يدك على كتفه أو قبّله وقل له: إنني أحب الطريقة التي تلعب بها. أو قل له «أنت ولد طيب ورائع»، فيفهم من خلال هذه الرسائل السلوك المرغوب فيه.
3 - المواجهة المباشرة: هناك أوقات تحتاج فيها إلى المواجهة، مثلاً أخذ لعبة غيره ولا يريد التخلي عنها. انزل إلى مستوى عين طفلك وقم باتصال عيني مباشر وقل له: من فضلك ارجع اللعبة إلى فلان.
فإذا لم يستجب لك كرر له ما قلت، لكن بصوت أشد حزماً.
وإذا لم يستجب خذ منه ما أخذه ولا تقل شيئاً في هذا الموضوع. وإذا وجدت بعد ذلك اصرارا من جانبه على تكرار التصرف ذاته، هنا ننتقل إلى فترة التعطيل أو Timeout
4- فترة التعطيل: وهي أداة ممتازة لهذا العمر، وهي بسيطة لكنها تحتاج إلى صبر من الوالدين وتكررها عند الحاجة حتى تؤتي ثمارها. فمثلاً إذا عمل شيئا مخالفاً، احمل الطفل بهدوء إلى المكان المخصص لفترة التعطيل، ويجب أن يكون آمناً ومملاً وتحت نظرك، ككرسي كبير أو زاوية في غرفة، وضعه هناك لمدة ثلاث إلى أربع دقائق.
لا تتحدث معه أثناء فترة التعطيل ويجب أن يقضي الوقت المحدد كله في مكانه، وإذا نهض قبل انتهاء الوقت يعاد إليه، وعندما ينتهي الوقت قل له سبب عقابه بهذه الطريقة. لن يصبح الطفل هادئا بعد المرة الأولى التي سيعاقب فيها، ولا حتى بعد عدة مرات، لكن مع الوقت والصبر سيصبح أكثر هدوءا بإذن الله.
5 - يفضل ألا يعاقب أمام إخوانه أو الخدم حتى لا يكون محط سخرية، وحتى نحافظ على احترامه لذاته.
معادلة اليوم:
الطفل المدلل يحتاج إلى توجيه رقيق ليحسّن من سلوكه تدريجيا.
جريدة القبس