عمان ـ بترا ـ اخلاص القاضي استرعى انتباه زوجين قيام طفلهما الذي لا يتجاوز السادسة من عمره بالوقوف امامهما ورفع يديه للاعلى كلما تشاجرا معا ما جعلهما يبحثان عن سبب تصرف صغيرهما المتكررهذا.ولدى تحري الزوجين عن حقيقة هذا السلوك الغريب توصلا بعد حين الى ان عاملة المنزل لديهما كانت قد اقنعت الطفل ان للنار قوة قادرة على تبديد مخاوفه امام أي مشكلة تواجهه كما انها كفيلة بانهاء خلافات والديه فورا.وبحسب ما نقلته احدى ربات البيوت عن تلك العائلة فان عاملة المنزل كانت تقوم ولدى تأكدها من مغادرة الزوجين الى عملهما باشعال "غاز الطهي" وتطلب من الطفل الوقوف امام النار احتراما وتقديرا لانها وفقا لمعتقدها وكما اقنعت الطفل كفيلة بالقضاء على أي مشكلات تواجهه ، وحينماعلم الوالدان بذلك قررا انهاء خدماتها فورا.قصة تأثر ذلك الطفل بالثقافة الوافدة والغريبة عن مجتمعنا دون ان يكون له ذنب بذلك هي واحدة من عشرات القصص التي تعكس صورا مثيرة للدهشة حول مدى تأثر اقران له يعيشون لاسباب مختلفة مع عاملات المنازل ليتأثروا بهن نتيجة صغر سنهم وميلهم الى التقليد والمحاكاة بحسب مختصين. تقول الاربعينية صفاء موظفة قطاع عام لـ "بترا" ان طفلتها 3 اعوام مولعة بعاملة منزلها بشكل ملفت ما انعكس عليها بطريقة لافتة سواء اثناء تناولها الطعام او من خلال استخدامها لمفردات اجنبية حيث تعاني الطفلة من الالتباس اللفظي وعدم القدرة على اختيار التعبير المناسب لبعض الكلمات وهي بذلك ضائعة بين اللغتين العربية والانجليزية ولغة العاملة الاسيوية. كما ان طفلتها تحاول تقليد طريقة صلاة العاملة عندها والمختلفة عن صلاة المسلمين ، كما تحبذ تناول الطعام بصحن يحتوي على خليط غير متجانس من الطعام تماما كما تفعل العاملة ما يشكل مصدر قلق للأم.وتشتكي احدى الامهات من انطواء طفلتها 4اعوام وتفضيلها البقاء في غرفة العاملة حتى في ساعات تجمع الاسرة مساء لحضورهم برنامج تلفزيوني اواستقبالهم لضيف ، حيث يرجونها الانضمام اليهم الا انها تصرعلى البقاء حيث هي ، بل انها تنام بجانب العاملة ما يؤرق والدتها التي تعتقد ان العاملة نجحت ربما دون قصد في استمالة طفلتها بسبب ظروف غيابها عن المنزل وانشغالها لساعات طويلة في العمل.ويقول احد الاباء ان ابنه الصغير تعلم العدّ من واحد الى عشرة باحدى اللغات الاسيوية ، مبينا انه لا يعتقد ان لذلك تأثيرا سلبيا بل انها ثقافة مكتسبة تنم عن ذكاء طفله وقدرته على التقاط الاشارات والالفاظ المختلفة حوله.وبعض الاطفال لا يقلدون العاملات بل يعربون بطريقتهم البريئة عن اعتراضهم على وجودهن كعنصر غريب في المنزل ليبقوا في حالة رفض دائم لهن ما يولد عدوانية تجاهها ، حيث تقول ام مالك ان اطفالها الثلاثة كانوا في شجار دائم مع العاملة ما انعكس سلبا على اوضاعهم النفسية خاصة وان العاملة تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في شؤونهم. ان جود عاملات المنازل يشكل خطرا كبيرا لجهة مدى تأثر الاطفال بعاداتهن وتقاليدهن المغايرة لمجتمعنا وفقا لاستاذ علم الاجتماع الدكتورحسين الخزاعي حيث يؤثر وجودهن في المنازل كما يقول على طرق التربية والرعاية والتواصل ولو بنسب متفاوتة خاصة في السنوات التي تسبق التحاق الاطفال بالمدارس حيث انها الفترة التي يكونون فيها اكثرعرضة للتقليد والمحاكاة.ومن المتعارف عليه ان السلوك سواء اكان ايجابيا اوسلبيا هو متعلم وخاصة لدى الاطفال الذين يفتقرون بالضرورة الى الاستقلالية ويعتمدون اعتمادا كليا على من يرعاهم بشكل مباشر وفقا لمستشارعلم النفس الطبي الدكتور نايف الطعاني الذي يؤكد عدم الاعتماد مطلقا على عاملات المنازل فيما يتعلق بالنمو العاطفي للطفل اذ انه بحاجة ماسة الى والدته لبناء احتياجاته من الدفء والحميمية التي تجعل ارتباطه المستقبلي باسرته وثيقا وغير معرض لاي هزة نفسية. ويؤكد نائب رئيس جامعة العلوم الاسلامية العالمية عميد كلية الشريعة فيها الدكتورمحمود السرطاوي ان على الوالدين والام تحديدا الاجتهاد من اجل تحصين ابنائهم بالتربية القويمة وترسيخ القيم الفاضلة ، مشيرا ان مضامين الحديث النبوي"الجنة تحت اقدام الامهات"لم يأت عبثا لان دورهن لا ينحصر بالانجاب فقط بل بالحنو والعطف واحتضان الاطفال الذين هم مسؤولية وامانة نسأل عنها جميعا يوم القيامة.
جريدة الدستور