هذه القصيدة للشاعر فيصل الحجي تحكي قصة كل مشتاق إلى الشام أرض الرباط الشهباء.. ففيها الكثير من مشاعر الشوق والحنين الجارف، وتصور بهاء الطبيعية الشامية، وعزة أهلها وقوة بأسهم في مواجهة الطغاة والظالمين.
ياموطنا أوشكت عند حدوده
ـ لو جاز ـ أن ألبس الإحراما
قلبي يطوف به.. وجسمي محصر
والعين ترجم شانئيه سهاما
أحلى الرغاب لو اعتكفت بظله
ونحرت في جناته الأياما
يا شام يا أم الجمال فريدة
فسواك عن شروى جمالك صاما
إن كان يحرم كل شيء مسكر
فعسى نسيمك لا يكون حراما
لو هدهد الغصن النسيم عشية
لغفا الهزار على الغصون وناما
أو هزه طرب.. فهب مغردا
يزجي إلى أحبابه الأنغاما
وتمايل الغصن الرطيب كأنما
سل الجمال من الربيع حساما
وتطوف أسراب الطيور كأنها
نثبت على عرس الجمال خياما
وتزاحمت فيها المحاسن.. لا ترى
إلا جمالا ساحرا.. بساما
من ذاق طعم الشام يوما لم يجد
وطنا يحن إليه إلا الشاما
يكفيه دفء الأمن.. يغمر قلبه
فيفيض حبا صادقا ووئاما
بلد السخاء.. فقد غدونا ـ دونما
ذل ـ لكل ضيوفها خداما
بلد المواهب.. أرضها وسماؤها
تبني العقول.. وتنبت الأقلاما
بلد الفداء.. فكم وردنا ـ عندما
دعت العقيدة للفداء ـ حماما
بلد السلام.. فإن تذل كرامة
للمسلمين.. فلن نطيق سلاما
ما كان ـ ياوطني ـ مخلا بالوفا
من راح يطلب في سواك مقاما
ماراح إلا مرغما.. لكنه
رغما عن الإرغام فاض غراما
متجلدا عند الفراق.. فعينه اليسرى
تُشيح وأختها تتعامى
مُتشتت النظرات.. مضطرب الخطا
لم يدر خلفا سار أم قداما؟
لا زال جرح البين ينزف صارخا:
حتام أنزف هاهنا حتاما؟
أملي على رغم الدجى متوقد
والشوق يذر و فوقه الآلاما
والقلب يسقيه الفراق مرارة
فيفور ودا عاصفا وهياما
يتجهم الفجر المضيئ.. كأنه
ليل يحوك من الظلام ظلاما
تتمخض الآلام.. تنجب عاما
إبان عز المستقر.. فكلما
جلس الغريب على الحقيبة قاما
لست الغريب وإن تناءى موطني
ما دام يسكن قلبي الإسلاما
فيصل الحجي