شعر/محمد جميل جانودي

بَكَتِ الْعُيُونُ على البَتُوْلِ الطَّاهِرَةْ =    دَمْعًا تَلأْلأَ كالْجُمَانِ النّاضِـرة

هَمَتِ الْعُيُـونُ وقدْ تفَجَّرَ حُزْنُـها=     يَرْوِيْ حِكَايَة حُرّةٍ أوْ ثَـائِرةْ

يا بِنْتَ حِمْصَ إلامَ أنْـتِ فـريدةٌ=   فيكِ العُقُولُ بِمَا انفَرَدْتِ لَحَائِرَةْ

رِفْقًا بِنَـا يَا بِنْتَ حِمصَ فَـرَكْبُنا=    يَمشي الْهُوَيْنى في دُروبٍ جَائِرة

حَـثّ الشّبَابُ خُطَاهُمُ في ثَـوْرةٍ=     غَرّاءَ في وَجْهِ الذّئابِ الْغادرةْ

فِيْ وَجهِ منَ سلبَ الأنَامَ حُقُوقَهمْ =    وفِعَـالُهمْ في كل قُبْـحِ سَافِرةْ

حثَّ الشَّبَـابُ خُطَـاهمُ تَحْـدُوهمُ =  قِيَمُ التّحَرّرِ منْ عُصُورٍ غَابِرَةْ رامُوا الثُرَيَّـا كي يَطَالُوا نَجْمَهـا =   فرَأَوْكِ مِنْ فوقِ الثُريّا ظَاهِرةْ

عَجِبُوا منَ النّورِ الْمُسَطّرِ في الدّجَى =   فَتَسَاءَلُوا عنْ سِرِّ شمسٍ بَاهِرَةْ

مَنْ هـذِهِ كَيْفَ ارْتَقتْ لِمقَـامِها؟ =    أنّى لها بينَ العُيونِ السَّاهِرة!؟

مَنْ هَـذه؟ مَـنْ لَخَّصَتْ بجَبيْنِهَا =   ما سَوفَ تُبْدِعُهُ الْجُمُوعُ الهَادِرةْ

نَظَرُوا إِلَيْهَا ثُمَّ غَضُّـوا طَرْفَـهمْ =    فَرنَتْ إليهِم بالحَقِيَقَةِ جَاهِـرةْ

لا تَعْجَبُوا يَا إِخْـوتيْ أَنَـا مِنْكُمُ =    أختُ الشّهيْد وقدْ قضى بِمُظاهَرةْ

أَنَا زَيْنَبُ الْحُصْنيّ بنْتُ ديَـارِكُمْ =    بِنتُ الْبُطُوْلَةِ والدّيَـارِ الْعَامِرةْ

أنَا مَنْ رُمِيْتُ بِما ادّعَوا مِنْ فِرْيَةٍ =    وسَعَيْتُ فيْما سُمِّيَتْ بِمُـؤامَرةْ

أَنَا مَنْ أتَـاهَـا حَاقـِدٌ مُتَوَحِّشٌ =    فاغْتَالَهَا وقْتَ العِشَاءِ الآخِـرةْ

ذَنْبيْ بِـأَ نّي أُخْتُ لَيْثٍ غَاضِبٍ =   قادَ التّظَاهُرَ في أَتُـوْنِ الْهَاجِرةْ

جَـاؤوا إلَيَّ وحِصْنُهمْ دبّـابَـةٌ =    ويَقُـوْدُهمْ مِسْخٌ لأُمٍّ فـاجِـرةْ

وَنُزِعْتُ من أحْضَانِ أَهْلِي عُنْوَةً =  فَوَجَدْتُ نفسيَ في صَحَارَى مُقْفِرةْ

وتسابَـقَ الأوْغَـادُ في تَعْذِيبِهِمْ =    ليَ بالسّياط وفي مَشاهدَ سَاخِرةْ

يَتَضَـاحَكُونَ كأنَّهُمْ في حفْـلةٍ =    ويُعَرْبِدونَ كأنّـهمْ في مَخْمَـرةْ

بِسُيُوفِهِمْ قُطِّعْتُ إِرْبًا وانْبَرَتْ  =   روْحِي لِتشْهَدَ ما جَرَى فيْ الْمَجْزَرةْ

حتّى إِذا ما أيْـقَـنَـتْ وتوثّقتْ =     منْ سـوءِ أَفْعَـالٍ لهمْ مُسْتَقْـذَرَةْ

صَعَدَتْ إلى الرَّحْمنِ تَشْكو مَا بِها =    فَـغَدَتْ بثَـوبِ حَنَـانِـه مُتَدَثّرَةْ

وغَدَوتُ طَيْرًا فِي ريَاضِ جِنَانهِ =  ونَعِمْـتُ فِي خَيْراتِها الْمُتَكاثِـرةْ

وأتَيْتُـكُم في حُلْيتي وعَبَـاءَتي=   حَتَّى أكُونَ مُعِيْـنَـةً ومُنـاصِرَة

فامْضُوا ولا تَتَرَاجعُوا يَا إخْوتي=   إنّي لَكُمْ بالنّصْـرِ جِئْتُ مُبَـشِّرةْ

قُـولوا لأمّيْ أنّ تَاجَ شَهَـادَتي=    يَأتي لَهَـا ولِوالِـدِي بِالمَغْفِـرةْ

هُبّي عَـليْـنا يا نسَـائمَ جَنَّـةٍ =    في لَيْلَـةٍ جاءتْكِ زَيْنَبُ صابِرَةْ

ما كانَ بـِدْعًا يَا جِنَانَ الْخُلْدِ أنْ =    تتَـزيَّني، فَلَقَدْ أتَتْكِ الطَّـاهرَةْ

زُفّتْ إِلَيْكِ عَروسُ حِمصَ بليلَةٍ =    سوداءَ مظْلِمةٍ فَصَارَتْ مُقْمِـرةْ

يَا رُوحَ زَيْنبَ حلّقي بِسَمَـائِنـا =   فَنُسُـورُ ثَوْرَتِنـا إِلَيْهَـا طائِرةْ

يا رُوحَ زيْنبَ غرِّدي بهِضَابِنا=        فأُسُـودُ ثَوْرتنـَا عَلَيْها زائِرَة

إنَّ الزَّيَـانِبَ في الشآم كثـيرةٌ =       يَبْغينَ صدَّ فِرَنْجـةٍ وأكاسِرةْ

كمْ زيْنَبٍ في سَاحِ ثَوْرتِنَا قضتْ =    كمْ زيْنبٍ في الرَّكْبِ كَانَتْ حَاضِرَةْ

كَمْ زَيْنَبٍ مِثْلِ ابْتِهَالٍ والعُلا([1])  =       كانَتْ بِقَافِلَةِ الشّهيْدِ مُسافِرة؟!

يَا آلَ زينبَ أَبْشِروا إنَّ المَلائِـ =     ئِكَ حَوْلَ زينبَ يَمنةً أو ميْسَرةْ

يا شَعبَ زَيْنبَ، إنَّ زينبَ ترتَجي=    إقْـدَامَكُمْ، كُونُوا لِزَيْنَبَ مَفْخَرةْ

يَا أُخْتَ زَيْنبَ إنّ مَوْعِدَها غدًا  =     لُقيَاكِ في جنَّـاتِ عَدْنِ الآخِرةْ

يَاَ شعْبَ سُورِيّا الأبِيّـةِ أنْصِتُوا =     لِوَصِيَـةٍ من زَيْنبٍ مُتَـواتِرةْ

كُونوا حُمَاةَ الثّورة الكُبْرَى فقَدْ =     لاحَتْ بَشَائرُ نَصْرِها في الْقاهِرةْ

وبِتُونُسَ الْخَضْرَاءِ يَوْمَ تلألتْ =     وبها اسْتَضَاءَتْ لِيْبِيَـا مُسْتبْشِرةْ

وهُنَاكَ فِي الْيَمنِ السّعيدِ أَحبَّـةٌ =      مأسُورةٌ لِقُـلُوبِنـا أو آسِـرَةْ              

يا شَعْبَ سُوريّا الْمؤصّلَ مَنْبِتًا =     أهْدِيْ الضّفَـائرَ بالدِّماءِ مُعَطَّرةْ

هَذي الضَّفَـائِرُ كُنْتُ قَدْ خَبّأْتُها =    بينَ الدّمَـا، أنْعِمْ بِهَا مِنْ سَاتِرَةْ

مِنْهَا اصْنَعُوا حَبْلَ النَّجَاةِ لِغَارِقٍ =    يَرْجُو الخَلاصَ مِنَ الوُحُوشِ الكاَسِرةْ

وبِهَا اشْنُقُوا أعْتَى الطّغاةِ وركْبَهُمْ =  مِنْ حِقْدِهم تغْـدُوْ الشآمُ مُحَرّرةْ     

السبتُ فِي 26/شوّال/1432 الموافِق لـ 24/ أيلول/2011



--------------------------------------------------------------------------------


([1]) عُلا ياسر جبلاوي وابتهال الخويلد الأولى طفلة صغيرة من اللاذقية كانت في السيارة مع أبيها فأطلقت عليها النار فقتلت، والثانية ابتهال أصيبت برصاصة فأدى ذلك إلى بتر ساقها.

JoomShaper