عبد الحميد ضحا
بَكَيْتُ وَهَلْ عَادَ يُجْدِي الْبُكَاءْ
نَسُونِي وَمَا نِلْتُ حَتَّى الْعَزَاءْ

فَكُنْتُ كَبَدْرٍ يُنِيرُ الدُّجَى
وَقَدْ نُسِيَ الْيَوْمَ بِالْكَهْرَبَاءْ

أَنَا جَنَّةٌ فِي الْوُجُودِ لِكَيْ
يَجُولَ الْوَرَى سَاعَةً فِي صَفَاءْ

وَقَدْ رَسَمُونِي عَلَى لَوْحَةٍ
فَزِدْتُ جَمَالاً وَزِدْتُ الْبَهَاءْ

هَلِ الرَّسْمُ يُغْنِي عَنِ الأَصْلِ أَوْ
لِرَسْمٍ مَعَ الأَصْلِ أَيُّ اسْتِوَاءْ

أَنَا الأَصْلُ أَرْضِيَ بِي جَنَّةٌ
وَغَيْرِي الْفُرُوعُ لَهَا بِي النَّمَاءْ

فَإِنْ مِتُّ مَاتَ الْفُرُوعُ وَإِنْ
مَرِضْتُ فَهَلْ لِلْفُرُوعِ الشِّفَاءْ

وَهَلْ عَاشَ فَرْعٌ بِدُونِي وَمَا
أُلاقِي مِنَ الْقَوْمِ إِلاَّ الْجَفَاءْ

أَنَا الْبَحْرُ مَائِيَ مَاءُ الذَّهَبْ
وَقَاعِي بِهِ الدُّرُّ لَيْسَ فَنَاءْ

فَمَنْ يَمْدُدِ الْيَدَ نَالَ الذَّهَبْ
وَمَنْ غَاصَ فَالدُّرُّ نِعْمَ الْجَزَاءْ

أَنَا النَّهْرُ إِذْ مَا رَآنِي الصَّدَى
سَيَنْهَلُ مِنِّيَ مَاءً رِوَاءْ

وَلَوْلا الشَّهَامَةُ مَا جُدْتُ بَلْ
تَمَنَّعْتُ إِلاَّ مِنَ الأَوْفِيَاءْ

وَلَيْسَ الْكَرِيمُ يُجَازِي بِمَا
يُلاقِي مِنَ الْحُمْقِ وَالْجُهَلاءْ

وَضَمَّدَ جُرْحِي رِجَالٌ لَهُمْ
حَنِينٌ وَشَوْقٌ لِيَوْمِ اللِّقَاءْ

فَهُمْ فَقَدُونِي سِنَينَ وَمَا
كَفَقْدِي لَدِيهِمُ أَيُّ عَنَاءْ

إِذَا مَا رَأَى وَاحِدٌ وَرْقَةً
كَأَنَّ الْمَرِيضَ يَنَالُ الشِّفَاءْ

كَأَنَّ الْفَتَى جُوعُهُ كَالرَّدَى
رَأَى الضَّأْنَ يُشْوَى لَدَى الصَّحَرَاءْ

إِذَا خَيَّرُوهُمْ بِمَالِ الْوَرَى
نَصِيبًا مَعِي كُنْتُهُ لا مِرَاءْ


وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لأُنَالَ ثَمَنْ
سِوَى بَعْضِ عُمْرٍ رَضُوا بِالْوَفَاءْ

أَنَا مِثْلُهُمْ غُرْبَةً فِي الْوَرَى
وَيَوْمًا يَكُونُ لِقَا الْغُرَبَاءْ


فَنَنْسَى الْجِرَاحَ وَهَذَا الأَسَى
وَنَحْيَا مَعًا دَائِمًا قُرَنَاءْ


وَلِلنُّورِ نَنْشُرُ نَمْحُو الدُّجَى
وَأَبْقَى وَيَبْقَى لِيَ الْفُضَلاءْ

JoomShaper