بالأمس وفي الوقت الذي عثرت فيه السلطات المالطية على 29 جثة لاجئ غير شرعي قبالة جزيرة لامبيدوزا الايطالية أغلبهم من السوريين بينهم أطفال لم تتجاوز أعمارهم السنة الواحدة مكدسين فوق بعضهم في غرفة أسفل قارب لا تتجاوز مساحته /20/ متر تائه في عرض البحر و على سطحه / 600 / لاجئ أغلبهم سوريين.
كان النظام السوري منهمكاً بإعداد قوائم بأسماء آلاف النشطاء السوريين التي من المقرر إلقاء الحجز الاحتياطي على أموالهم المنقولة و غير المنقولة على خلفية تدوينات كانوا قد أدلوا بها على موقع فيس بوك و ذلك فيما يبدوا تنفيذاً للمصالحة التي تحدث عنها رأس النظام في خطابه الأخير من قصره بحضور ثلة من الفنانين في إطار إحتفالاته بما سمي من قبله عهدة رئاسية ثالثة.
و الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة و غير المنقولة لمستخدمي الفيس بوك من السوريين يعني من الناحية القانونية أن الدعوى العامة كانت قد حُركت بحقهم من قبل محاكم الارهاب في دمشق بناءاً على تقارير استخباراتية و أن هناك قرار قضائي بمصادرة أموالهم المنقولة و غير المنقولة لأن وزارة المالية لا تملك الحق بإلقاء الحجز على أموال السوريين على خلفية التعبير عن الرأي الآخر بدون قرار قضائي.و لعل أخطر ما في هذا الموضوع أن الحكم الغيابي الصادر عن محاكم الارهاب “و الذي أصبح هناك قرينة قوية على وجوده” غير قابل للإلغاء أو إعادة المحاكمة إذا ما تمّ إلقاء القبض على على المتهم في أي معبر حدودي أو لأي سبب كان لأن الأحكام الغيابية التي تصدرها محاكم الإرهاب بدمشق قطعية و غير قابلة لإعادة المحاكمة بعد مثول المتهم أمام القضاء خلافا لجميع القواعد القانونية المتعلقة بمحاكمة المتهم الفار من وجه العدالة في العالم كله.
لا علم للمنظمة السورية لحقوق الإنسان فيما لو كانت أسماء أي من الضحايا السوريين الذين لاقوا حتفهم غرقاً على شواطئ لامبيدوزا….. أو من الثلاثمائة لاجئ سوري الذين سبقوهم خريف العام الماضي على سواحل ايطاليا …..أو أي من العشرات من طالبي اللجوء السوريين الذين لحقوا بهم إلى قعر البحر الأبيض المتوسط بعد أيام من الكارثة التي راح ضحيتها / 300 / لاجئ سوري، كانت قد وردت اسمائهم في أي من قوائم المحجوز على أموالهم المنقولة و غير المنقولة من قبل النظام السوري على خلفية تدوينة ما على الفيس بوك.
تحمل المنظمة السورية لحقوق الإنسان ” سواسية ” النظام السوري المسؤولية المباشرة عن كل ما يحدث جراء العقلية الثأرية الانتقامية التي كان و مازال و سيبقى يتعامل بها مع السوريين و التي عبرت عنها وزارة المالية بالقول أن الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة و غير المنقولة للمدونين المعارضين على الفيس بوك إنما هو إجراء بحق كل من تورط بالموقف أو الكلمة في مواجهة النظام السوري.
بمعنى: إما أن تؤمن بنظرية النظام السوري المتعلقة بالحرب الكونية و أنت ترى براميل الموت الحمقاء تنهال على رؤوس النساء و الشيوخ و الأطفال من أبناء شعبك …… أو يستولي النظام السوري على أموالك المنقولة و غير المنقولة إن لم يتمكن من أن يطالك شخصياً و يرسلك إلى أحد دياجير ظلامه و يحولك إلى كتلة منسية في غياهب السجون.
كما تحمل المنظمة السورية المجتمع الدولي و على رأسه الدول الخمسة الدائمة العضوية المسؤولية غيرالمباشرة عن مأساة الشعب السوري اليتيم جراء تواطئها الفاضح مع النظام السوري من جهة….. و تنصلها من مسؤولياتها في مواجهة اللاجئين السوريين مما أفضى لتفاقم معاناتهم الإنسانية.
تؤكد المنظمة السورية لحقوق الإنسان على الدول العظمى أن تجريم الهجرة غير الشرعية من قبلهم و فرض ذلك على بعض دول العبور لم يخفف في نهاية المطاف من الهجرة غير المشروعة ، بل على العكس فقد زادت الأمور سوءاً بالنسبة للاجئين و تفاقم الضرر عليهم في الوقت الذي استمر تدفقهم بوتيرة أسرع من ذي قبل بدليل أن لدينا اليوم / 51 / مليون شخص خارج بيوتهم لأسباب قصرية خمسهم على الأقل من السوريين، في حين زاد عدد اللاجئين بشكل ملحوظ / 10،7 / مليون لاجئ خلال عام 2012 – 2013 و معظمهم من السوريين حتى أن أعداد من يصل إلى إيطاليا اليوم أكبر من عدد من وصل العام الماضي بحوالي ثمانية أضعاف.
تطالب المنظمة السورية لحقوق الإنسان دول العالم أجمع و الدول المتقدمة على وجه خاص بأن تتعامل مع ملف الهجرة غير الشرعية بصفته مشكلة مدنية و أن تلتفت لتأسيس مراكز لقبول اللاجئين و إغاثة الملهوفين و المحتاجين للمساعدة بدلاً من مراكز الحجز و الاعتقال و أن يعطى لهذه المشكلة المدنية حلول عصرية و حضارية يمكن ترجمتها تشريعياً و تنفيذياً و إعتبار أن مساعدة اللاجئين و البرامج المقدمة لهم جزءاً من مشاريع التنمية في جميع الدول لاسيما المتقدمة منها.
تؤكد المنظمة السورية على ضرورة التنسيق ما بين الحكومات لا سيما الأوربية لحل مشكلة الهجرة غير المشروعة بوسائل قانونية مبتكرة كالسماح بسمة دخول ” فيزا ” مخصصة لطالبي اللجوء للحالات الضرورية و الانسانية و على ضرورة التفريق ما بين اللاجئين و المهاجرين و احترام حقوق اللاجئين مع التأكيد أن الأعم الأعظم من السوريين الذين فروا من البلاد بحاجة للحماية القانونية الدولية و أن الدراسات الحديثة أثبتت أنه بالماضي كان هناك مهاجرين بيحثون عن مستقبل أفضل لهم و لأبنائهم بسبب انسداد الأفق في مجتمعات تداربالحديد و النار …. أما الآن فإن أكثر من 70% من المهاجرين إنما هم لاجئين سياسيين انقطعت بهم السبل و بحاجة إلى حماية دولية بسبب فشل منظومة الأمم المتحدة بحل مشاكل الشعوب و ازدواجية معاييرها و تواطئ الدول الخمسة الدائمي العضوية مع نظم شمولية أشبه ما تكون بعصابات المافيا.
في سياق متصل تشدد المنظمة السورية لحقوق الإنسان على التحدي الناجم عن وصول أحزاب اليمين المتطرف إلى البرلمان الاوربي و تحذر من مغبة خطابهم التحريضي المفعم بالكراهية في مواجهة اللاجئين الذين نجوا بحياتهم تاركين خلفهم طاغية يحجز على أموالهم المنقولة و غير المقولة و يسطوا على حق الملكية ” الجامع المانع ” و الذي كرسته القوانين الوضعية بأثر تراكمي و حضاري على خلفية تدوينة على الفيس بوك أو غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي تعبر عن رأي آخر أو موقف سياسي أو أخلاقي مخالف ثم يخرج علينا بفرية مفادها أنه يقود نظام حكم مدني و عصري ضامن لحقوق الناس…..؟؟
و أخيراً تندد المنظمة السورية لحقوق الإنسان بموقف الإدارة الأمريكية التي تزعم تمسكها بالقيم الكونية لحقوق الإنسان و تدعي صداقة الشعب السوري في حين أنها ترجمت ذلك عملياً بإستقدام / 31 / لاجئ سوري العام الماضي فقط لا غير….؟؟
مع الأسف الشديد فقد كان هناك وعود من الادارة الأمريكية بقبول خمسة آلاف لاجئ سوري سنوياً على أن يتم تعويض السنوات الأربعة السابقة من عمر الثورة السورية التي تقاطر فيها اللاجئين على دول الجوار لكن ما حدث أن عتبة التنبيه الأمنية المنخفظة من جهة …… و الوضع على الحدود الجنوبية مع المكسيك من جهة ثانية دفع الإدارة الأمريكية لتأخير تنفيذ القرارات الإدارية المتعلقة باستقدام اللاجئين السوريين مع شيوع أنباء لم يتسن لنا التثبت منها مفادها استخدام الأموال التي كانت مخصصة لإستقدام و مساعدة اللاجئين السوريين لاسيما الأطفال المحرومين من جميع مقومات الحياة في حل مشاكل المهاجرين غير الشرعيين لا سيما الأطفال من المكسيك على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة و هو ما يشكل زلة أخلاقية من الصعب أن يطويها الزمن.
دمشق 22/7/2014