تخيل أن شخصًا قد اصطدم بك بلطف، لا شك أن هذا لن يؤلمك كثيرًا، تخيل مرة أخرى أن نفس الشخص قد اصطدم بك بنفس القوة، ولكن في هذه المرة كان فيك جرحًا، لا شك أن المرة الثانية تكون أكثر إيلامًا من الأولى، وبنفس الطريقة يكون الألم أكبر في حالة الحب، ولنفس السبب تكون مشكلات الزوجية أكثر إيلامًا، لأنها مشكلات مع من نحب.

إن سفينة الحياة الزوجية قد تعترضها بعض الأمواج العاتية المتلاطمة، وتهدد سيرها، وقد تحول مجراها إلى وجهة لا يرضى بها ركابها.. وتلك الأمواج هي الأزمات التي تنغص صفو الحياة الزوجية، وتهدد بقائها، ومن هنا علينا رسم الطريق لمواجهة تلك الأزمات من خلال "فن" يحتويها و"علم"يحولها إلى تحديات ممكنة المواجهة.

كيف يبدو الزواج؟

حياة وردية.. همسات.. مشاعر دافئة.. حب غائر في الأعماق، حنان متدفق خيال يتعدى جدار الزمن، فإذا منظر حشود المهنئين تعلوهم ابتسامة الفرح والسرور، ضحكات بريئة، مداعبات وممازحات، بطاقات التهنئة، وعبارات التشجيع، ودعوات الأحبة..عطور، هدايا، سفر حتى أنواع الحلوى وكأس العصير المثلج يخيل إليه أنه يراه.

 

الشعور بالجفوة بين الزوجين سبب كل أزمة منزلية , ومبدأ كل خلاف , فقد تتصاعد المشاكل بين الأزواج وتظهر علامات العبوس في الوجوه ويشعر كل من الزوجين بمحنته وعدم راحة باله بمجرد التعرض لمشكلة ما – المشاكل العارضة قد تحدث يوميا -

يتعنت كل برأية ويرفض رأي الطرف الآخر , ويترك للشياطين فرصتها التي تسعى إليها بكل ما أوتيت من حيل للإفساد والتفريق , فهي لا ترجو الصلاح ولا الاستقرار للمسلمين وسعيها الأول هو أن تفرق بين الزوجين وتغظم قدر المشكلة في عيونهم يقول الله تعالى في  سورة البقرة " فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه " . فتلك غايتهم وهذه شباكهم وخطتهم لذلك الهدف .

فتظل الزوجة أو الزوج يذكر كل منهما المشاكل السابقة لدى الآخر بمجرد التعرض لمشكلة ولو صغيرة , ويبدأ كل منهما بتذكر سيئآت الآخر وسقطاته , ناسيا كل حسنة أو خير أو جميل قد قام به من قبل تجاهه .

ويشعر كل منهما أثناء المشاكل أنه يعاني من الجفاء لدى الطرف الآخر , ويصعد هذا الشعور لديه وينميه عنده بعدة وسائل منها أن يعيش في قوقعته داخل البيت تاركا الحوار مع الطرف الآخر أو يكبر عنده الجفاء عندما ينظر لغيره من الأسر وكأنها الأسرة السعيدة الناجحة متصورا الفشل في أسرته وعدم متانة بنيانه .. لكنه لو دقق وعمق تفكيره ولو قليلا لعرف وظهرت له الحقيقة التي قد تغيب عليه .

إنَّ السعادة بين الزوجين لا تكتمل إلا بفهم كل طرف منها للآخر، فيفهم الزوج زوجته، وتفهم الزوجة زوجها، ويتحمل الرجل زوجته، وتتحمل المرأة زوجها، فإن لم تفهم الزوجة زوجها فليفهَمهَا هو، وإن لم تتحمله فليتحملها هو.


ولتفهم أيها الزوج: أن الزوجة إذا ما ساءتك بأشياء، ثمَّ سرَّتك بغيرها، فلست بمغبون؛ لذا فاجعل ما ساءك لقاء ما سرَّك، تكن غير مديون.


والزوج المحظوظ هو الذي يعرف كيف يكون مع زوجته لا دائنًا ولا مدينًا؛ فيسلم!

نظرة قاصرة ورؤية ضيقة أن يتم اختزال مفهوم المسئولية عن الأسر المسلمة في ذهن الزوج بالعمل والسعي المادي لكسب الرزق وتأمين حاجات الزوجة والأبناء المادية من مطعم ومشرب وملبس ومسكن , وأن يتم اختزال مهمة الزوجة في الاهتمام المادي بالبيت والقيام بشئونه ..

وبرغم أهمية كلا العملين وضرورتهما وكونهما واجبين لقيام الأسر واستمراريتها إلا أنهما لابد وأن يوضعا في حجمهما الصحيح , فلا تبنى البيوت المسلمة فقط على مجرد فكرة الطعام لتتوزع مسئوليته بين الزوجين ما بين إحضاره وتحضيره فحسب . فمفهوم الحياة الأسرية في الإسلام أشمل وأوسع ويتعدى هذه النظرة الضيقة التي يختزل الناس فيها المسئولية الزواجية ,

فالأسرة هي المحضن النفسي والتربوي والثقافي الذي يحتضن لبناته منذ أن تتفتح عيونها حتى تخرج للمجتمع لتؤدي دورها فيه , وان اقتصار المسئولية أو تخيل انتهاء أدائها عند مفهوم الطعام فقط هو تقليص وتملص من المسئولية الزواجية وينتج عنه من الخلل الكثير .

ولا يحتاج لكثير من البيان أن قيام الزوج بتأمين حاجيات أسرته من واجباته التي كلف بها شرعا لقول الله عز وجل: "وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ " ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : "ولهنَّ عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" [1] .

يمضي الساعات بمفرده أو مع الأصدقاء، بغضّ النظر عن مدى معرفته بهم. المهمّ أنّه لا يعود إلى المنزل قبل أن يغلبه النعاس. تحسبين عدد الكلمات التي يتفوّه بها زوجك يوميّاً معك ومع الأولاد، وتتعجّبين من أنّها لا تزيد عن عشر كلمات! ولكنْ قد تكون وراء هروب زوجك منك أو تهرّبه من مواجهتك أسباب قد تملكين وحدك مفتاح حلّها… المشكلة أكثر من سطحيّة تؤكّد الدكتورة أحلام علي، استشاريّة الصحّة النفسية، أنّ مسؤوليّة هروب الرجل من المنزل الزوجي يتحمّلها الزوجان معاً. فقد تبدو المشكلة سطحيّة، لكنّها في الحقيقة في غاية الأهمّية والخطورة، سواء على وضعهما كثنائي أو على الأسرة بكاملها. فتجنّبه العودة باكراً إلى المنزل، سواء للذهاب إلى المقهى أو للقاء الأصدقاء، قد يعود سببه لأمر ينبع من الماضي، ويهدّد الحاضر والمستقبل.

JoomShaper