عبدالله المديفر
يحدثني أحد الأصدقاء أنه التقى بشاب في ضواحي العاصمة البريطانية لندن داخل محل صغير لعائلة هذا الإنجليزي، ومما دار في حوارهما قول هذا الشاب لصديقنا: (هل تعلم أن جدي وأبي وأنا كلنا ولدنا في هذا الشارع، وتوقعي أن أُدْفن في تلك المقبرة التي يرقد فيها جدي الآن).
إن هذا الشاب الإنجليزي في جملته القصيرة يصف مشهد حياته بأنه تكرار لحياة والده وجده، فهو يشترك معهما في مكان الولادة وينتظر كما يبدو نفس النهاية، فهو أسير لدائرة صغيرة تبدأ من شارعه وتمتد إلى دكانه وتنتهي في المقبرة المجاورة، وهذا نتاج طبيعي للاستسلام لحركة الدائرة القريبة التي تجعلك تكرر الدوران حول نفس النقطة المركزية.
لقد خسرنا كثيراً من المبدعين وتبددت كثير من الطاقات لأنها كررت حركتها الدائرية حول بؤرتها العميقة، فتكرار الدوران حول هذه النقطة سيجعل المنتجات الشخصية مكررة ومحدودة التأثير، وكثير منهم يحب هذا العمق ولا يريدون التفريط فيه، ولم يدرك هؤلاء أن العمق ليس بالضرورة أن يكون هو الامتداد، ونقطة العمق يجب أن تكون نقطة انطلاق لا نقطة وصول، فالمدينة التي ترعرعت فيها ليس بالضرورة أن تكون هي مجال العمل الأمثل، والأوائل كانوا يرددون حكمة جميلة تقول: (ديرتك اللي ترزق فيها).

د. أحمد الغامدي
الثقة بالنفس تتحقق عندما يؤمن المرء بأهدافه وقدراته وإمكاناته وقراراته، وتعود على صاحبها بالإقدام، وعدم التردد، والحزم في اتخاذ القرار، والقدرة على تحمل مسؤولياته، دون هيبة أحد أو خوف انتقاد أو خشية مكاشفة ومصارحة في أموره.
أما ضعيف الثقة، فاتخاذه القرار من أصعب الأمور، ليس عجزا، إنما خوف من انتقاد الآخرين وتحسسه من الخطأ بصورة تمنعه من القيام بالكثير من المهام، وكونه يحتاج مدة زمنية طويلة ليتجاوز خطأ أو مشكلة مرت به، و أثرها يبقى عالقا في نفسه مدة طويلة، ولذلك هو دائم الحرص على إسناد القرار لغيره اجتنابا لتبعاته، وما قد يجره إليه.
ضعيف الثقة بنفسه، يجب أن يتحرر من ضعف نفسه لصالحه، بأن يدرب نفسه على القيام بشيء بسيط يريده فعلا
فالتردد والضعف واضح في سلوكه، وروح الانهزامية أسبق إليه من الإقدام والصبر على مواجهة الصعاب، لا يستطيع في بعض الأحيان مكاشفة الآخرين، ويتجنب المواجهة ويستسلم لرغباتهم دون قناعة، ويكرس نفسه لخدمتهم.

إبراهيم عبد الرزاق آل إبراهيم
لا ندري لماذا؟ وما الهدف؟ وما الأسباب التي تؤدي إلى انتهاج هذا المسلك من البعض؟ وما الفائدة من هذا كله؟
وكأن الهم الأول والأخير لهم هو إشباع عقولهم وعواطفهم ولا تحلو مجالسهم وأحاديثهم إلاّ بالعروج على دعاة الأمة وعلمائها ومؤسساتها، وللأسف هذا يطعن وثاني يلمز وثالث يغمز ورابع يُشرّح وخامس ينتقد وسادس يسب ويشتم وسابع يقول كذا وكذا عنهم، وكأنهم جميعاً نصّبوا أنفسهم قضاة عليهم يحاكمونهم في كل شاردة وواردة وفي كل لفظ وقول وعمل، ـ ولا نعمم ـ إنه التعالم والتعصب الأعمى المعوّج الممجوج، والتطاول على العلماء والدعاة، فراغ من قبل المتطاولين.
فقد ابتليت مجتمعاتنا بأناس في هذا العصر ـ إلاّ ما رحم الله ـ من التطاول على العلماء والدعاة، والنيل والقدح فيهم، وعدم احترامهم وتقديرهم ورعاية منزلتهم من قبل فئة من الناس بدعوى حرية الرأي وسماع الرأي الآخر لكل ناعق وزاعق.

د. جاسم الياقوت
الكثير من الناس - رغم كل ما يحيط بهم من متع الحياة - يجد نفسه غريباً، ربما لأنه قد اختار خيارات لا تتفق مع شخصيته، سواء في العمل، أو الدراسة، وهو ما ينعكس على كل حياته، ويرى أنه يجب أن يتراجع عن الكثير من المواقف، وأن يعيد حساباته مرة أخرى، لينعم بالهدوء النفسي.
وفي مواقف الحياة يمكن أن نجد أن البعض يسعى إلى العزلة، لكن القليل من الناس يختار أن يعيش وحيداً وهو في الواقع ليس اختياراً، لكن نتيجة للكثير من المواقف التي يجد الإنسان نفسه مضطراً إليها رغماً عنه.
وقد أظهرت الدراسات أن شخصا واحدا من بين كل عشرة أشخاص من البريطانيين يشعر بالوحدة، لكن تقريرا صادرا عن مؤسسة الصحة النفسية في المملكة المتحدة يقول: إن الشعور بالوحدة بين الشباب أصبح في تزايد مستمرة.

عبدالله المديفر
ما زلت أتذكر مدير مدرستنا الابتدائية صاحب الهيبة الكبيرة والشخصية القوية، كيف سقط من عيني وخفت هيبته عندما تكلم في الطابور الصباحي، وكان مرتبكاً وضعيفاً إلى حد مثير للشفقة والاستغراب، فقد كانت يداه المرتعشتان حديث الأطفال في حصتنا الأولى، وكنت أقول في نفسي: لماذا لا يتكلم بطلاقة وثقة كما يفعل مدرس القرآن؟.
«الإلقاء» هو فن مشافهة الجمهور، وفي حقيقته وجوهره هو تعبير عن الذات أمام الآخرين، ويهدف الملقي لإثارة إعجاب الجمهور لحديثه واستمالتهم له، وكذلك يريد التأثير عليهم وتغيير قناعتهم نحو شيء معين، أو إخبارهم بخبر قد لا يعرفونه، وما منا من أحد إلا ووجد نفسه مضطراً لمواجهة جمهور يحدقون أعينهم فيه ويسبرون ماذا يمكنه أن يقول.
"الإلقاء" هو فن مشافهة الجمهور، وفي حقيقته وجوهره هو تعبير عن الذات أمام الآخرين..

JoomShaper