حلب – عربي21 - مصطفى محمد

الأربعاء، 08 يوليو 2015 06:22 م

كشفت مديرية صحة "حلب الحرة" عن تزايد في عدد الأطفال الذين يولدون مشوهين في مدينة حلب، جراء إلقاء النظام البراميل متفجرة تحوي على غازات سامة تستهدف المدنيين.

ونشرت المديرية عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، الثلاثاء، صورا لجنيين بتشوهات خلقية، في مشفى السيدة الزهراء للجراحة النسائية، وهو أحد المشافي العامة التابعة للمديرية في الأحياء الخاضعة لسيطرة الثوار.

وأكد مدير بنك الدم في حلب، عبد الرزاق درويش، معاينته لحالتين لأجنة ولدا أيضا بتشوهات خلقية في وقت سابق، موضحا فظاعة الحالتين السابقتين حالت دون توثيق صورهم قبل الوفاة

وقال درويش في لـ"عربي21": "قد تتسبب أي مادة كيمائية تتعرض لها المرأة الحامل بتلك التشوهات، بما فيها الأدوية والعقاقير التي تتناولها الحامل أثناء فترة الحمل، كما وتؤهب درجة القرابة بين الزوجين  ظهور هذه الحالات أيضا".

بدوره، أشار مدير المكتب الصحي في مجلس محافظة حلب الحرة، عبد السلام ضعيف، إلى صعوبة الربط بالأدلة الدامغة بين الغازات التي يلقيها النظام وظهور الحالة الأخيرة. ورأى ضعيف، أن معدلات الأجنة المشوهة في المدينة لا زالت بأعداد قليلة وضمن المعدلات الطبيعية.

ويتهم ناشطون من أبناء المدينة، النظام السوري بإلقاء براميل متفجرة تحتوي على غازات سامة كغاز الخردل، والسارين بمعدلات متفاوتة.

وفي وقت سابق، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا يقضي بتدمير مخزون النظام من الغازات السامة ومحاسبة مرتكبي الجرائم، من دون تحديد الجهة الفاعلة، وذلك بعد هجوم بالمواد الكيماوية شنه النظام على عدة مدن في الغوطة في شهر آب/ أغسطس 2013، راح ضحيته المئات من أبناء الغوطة حينها، لكن خبراء شككوا بادعاءات النظام التي يزعم فيها تسليمه لكامل مخزونه الضخم من الغازات السامة.

وقال رئيس المجلس العسكري في حلب، العميد المنشق عن النظام زاهر الساكت: "لم تطو صفحة الكيماوي في سوريا، بعد مرور حوالي ثلاث سنوات على الهجمات التي قام بها النظام على الغوطة، وإنما أجرى النظام تعديلا على آلية الاستخدام، وذلك باستبدال غاز السارين وغاز الخردل، بمادة الكلورين الممزوجة بالسيانين ذات المفعول الخانق، وقد استطعنا توثيق قرابة 90 حالة استخدام للكلورين الممزوج بعد هجمات الغوطة".

وأضاف الساكت، -وهو الذي كان يشغل رئيسا لفرع الكيمياء في الفرقة الخامسة قبل انشقاقه عن النظام-، في حديث لـ"عربي21": أن "لمادة السيانين تأثير على الأجنة كما تثبت الدراسات، وسجلنا أكثر من 90 حالة تشوه لأطفال في مناطق من سوريا بعد هجمات الغوطة"، ولفت إلى احتفاظ النظام بكميات كبيرة من الغازات السامة التي لا يزال يستخدمها للآن، حسب قوله.

وأشار الساكت  إلى استمرار النظام في استخدام هذه الغازات، كان آخرها في منطقة البحوث العلمية غرب حلب، صبيحة الثلاثاء، وعزا عدم وجود ضحايا في صفوف المقاتلين الذين كانوا متواجدين في مسرح إلقاء البرميل الذي يحوي غازات سامة، إلى الاحتياطات المتخذة (الأقنعة الواقية) التي ارتداها  كل من عناصر حركة نور الدين الزنكي ولواء صقور الجبل.

وأنهى الساكت حديثه موجها نصائح للسكان المدنيين المتواجدين في المناطق التي تشهد اشتباكات مسلحة، يطالبهم فيها باتخاذ الإجراءات الوقائية البسيطة، التي من أهمها النزول إلى الأبنية المنخفضة لحظة أي هجوم، وذلك للتبخر السريع للمادة وصعودها للأعلى، علاوة على إغلاق النوافذ برقع قماشية مبلله بالماء والصابون.

 وسيم عيناوي-القلمون

دخلت المعارك المندلعة في مدينة الزبداني أسبوعها الثاني دون حسم ، في ظل تقدم طفيف لقوات حزب الله اللبناني في أحياء البلدة الشرقية والغربية، في وقت أعلنت قوات المعارضة السورية المسلحة أنها تمكنت من صد هذا التقدم، لتعود الأمور لما كانت عليه منذ بداية المعركة.

وفي مشهد مشابه لما حدث في بلدة القصير، قال نشطاء إن المدينة "باتت أشبه بكومة من الركام لشدة القصف الذي تتعرض له، ويعمد حزب الله لهدم الأحياء قبل دخولها لضمان عدم وجود أي مسلحين فيها لتجنب وقوع اشتباك قريب المدى لطالما أفلحت فيه قوات المعارضة في معارك سابقة".

وقال القائد عسكري في "حركة أحرار الشام" أبو علي الزبداني إن حزب الله "اُجبر على تغيير آلية قتاله التي كان يتبعها في جرود القلمون باستخدام الصواريخ بعيدة المدى، والتي تحرز فارقا كبيرا في الأراضي الجرداء، أما في الزبداني فإن الثوار يتحصنون داخل البلدة ولن يكفيه السيطرة على بعض التلال كما حدث في القلمون ليعلن انتصاره".

وأضاف للجزيرة نت "المعركة في الزبداني هي بين المنازل بعكس معركة القلمون، هذا الأمر دفع حزب الله إلى البدء بتدمير البلدة بالكامل وتهديم منازلها ليتمكن عندها من دخول أحياء البلدة تباعا، التي ستصبح عندها كتلة من الأنقاض، ما يدل على عجز كبير في إمكانية المواجهة المباشرة مع قوات الثوار، وعدونا بذلك لا يحقق انتصارا على ثوار الزبداني، بل إن انتصاره كما في القصير سيكون على أنقاض البلدة المهدمة والتي لطالما ادعى أنه قادم لإنقاذ أهلها من الإرهاب".

وحول دخول حزب الله الحيّين الشرقي والغربي للمدينة، قالت مريم عضو تنسيقية الزبداني إنه "جاء بعد إلقاء أكثر من أربعين برميلا متفجرا عدا عشرات الغارات للطيران الحربي ومئات القذائف المدفعية، والتي كانت كفيلة لتسوية الحيّين بالأرض ما دفع قوات المعارضة للانسحاب الجزئي منهما حفاظا على أرواح المقاتلين والمدنيين".

وأضافت أن دخول حزب الله إليهما "يجبر قوات النظام على إيقاف القصف العشوائي وتحويل المعركة لاشتباك قريب المدى ومعارك شوارع، مما سيرجح الكفة لصالح قوات المعارضة، وهذا ما حصل فعلا ليلة دخول حزب الله إلى الحيّين، إذ أعلنت قوات المعارضة عن استعادة السيطرة على أجزاء واسعة منهما".

 

وأكدت مريم أن سياسة التدمير التي يتبعها حزب الله "تنذر بكارثة إنسانية كبيرة بحق الآلاف من السكان الذين مازالوا محاصرين داخل البلدة، فقد سقط في اليومين الأخيرين مالا يقل عن عشرة قتلى جراء القصف الممنهج، معظمهم من الأطفال، وذلك بسبب عدم وجود أي طريق نزوح آمن لهم أو حتى ممر إنساني لدخول المساعدات الطبية والإنسانية".

وخلصت إلى القول "حزب الله لا يكترث لمصير المدنيين المحتجزين داخل البلدة إنما يسعى للتأكيد على نصره في هذه المعركة لتعزيز نصره الذي كان هزيلا في جرود القلمون بعد سيطرته على تلال جرداء، وذلك بأن يتبعه إعلانه النصر بتحرير مدينة كالزبداني ولو كانت هذه المدينة عبارة عن كومة من الركام".

المصدر : الجزيرة

 
 
العربية.نت

يعيش أطفال القابون في حصار دام، وتبدو الطفولة بعيداً عن أذهانهم اليوم، وإن كان لا ينسى السوريون المجازر التي اتركبها النظام في القابون، فإنه دائماً ثمة مبادرات تطوعية سورية تخفف من وطأة الحياة هناك.

قام فريق ورد دمشق التطوعي بالتعاون مع شبكة السلطة الرابعة الإخبارية بتنظيم إفطار جماعي، ودعوة أطفال القتلى والمعتقلين لمأدبة طعام ستستمر على مدار 3 أيام. وبدأ الفريق بتجهيز الصالة التي أقيمت بها المأدبة لإعطاء جو احتفالي للأطفال وإخراجهم من مأساة الحرب التي يعيشونها بشكل يومي في المناطق المحاصرة بالريف الدمشقي.

 

وكان يوم الأحد على ميعاد وحضور أكثر من 420 طفلا، وكان الطعام دجاجا مقليا "بروستد" مع المقبلات التي يرغبها الطفل والمحرومون منها لسنوات بسبب الحصار الخانق وسوء الأحوال المعيشية التي يعاني منها الأهالي، إضافة لتقديم الفواكه الصيفية.

وتخلل المأدبة عدة نشاطات ترفيهية وتثقيفية لرسم البسمة على وجوه الأطفال، وعند انتهاء الحفل تم توزيع حصص غذائية لكل طفل يتيم ولكل أسرة.

وفي اليوم الثاني، كان عدد الحضور أكبر، حيث تجاوز عدد الأطفال 500 طفل، وكان الطعام "لحم على العجين"، إضافة للفواكه والعصائر والتمر.
وعمل شباب وصبايا الفريق على تخديم الأطفال وخلق جو رمضاني وأسري ممتع لهم.

يذكر أن حملة الإفطار الجماعي ستستمر لـ3 أيام على التوالي، وقد حرص الفريق التطوعي على أن يكون اليوم الأول بعنوان "إلى أرواح شهداء الثورة السورية"، وحرص الفريق على دعوة أبناء الشهداء والمعتقلين في سجون النظام، إضافة لأطفال حي القابون والضيوف المقيمين بالحي.

وتم خلال الفعالية توزيع حليب الأطفال على الرضع من عمر يوم إلى سنة ونصف، حيث تم التوزيع في حي القابون الدمشقي، واستفاد من التوزيع 243 عائلة و600 طفل رضيع ضمن حملة التوزيع الأولى، وستستمر حملة توزيع حليب الأطفال حتى نهاية شهر رمضان المبارك تباعاً لتصل لـ3000 طفل، يتم التوزيع عليهم بشكل شهري.

 

والمعروف أن حي القابون المحاصر يسكنه اليوم من بقي من أهالي حي القابون. ويستضيف الحي عائلات من مدينة إدلب وحمص وبقية المحافظات، إضافة لعائلات قدمت من الغوطة الشرقية.

الجدير ذكره أن فريق "ورد دمشق" هم ورد ومنير وأبو باسم وجوانا ووسام، موزعين في عدة أماكن في العالم، ويحاول الفريق مساعدة أطفال القابون المحاصر على نسيان الحصار لدقائق، تلك الدقائق ستبقى في ذاكرة الأطفال لسنوات.

 
العربية.نت

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها الخاص بتوثيق حالات الاعتقال التعسفي من قبل أطراف النزاع في سوريا.

ويشير التقرير إلى أن الشبكة تمتلك قوائم تتجاوز الـ115 ألف شخص، بينهم نساء وأطفال، إلا أن تقديراتها تشير إلى أن أعداد المعتقلين تفوق حاجز الـ200 ألف، 99% منهم لدى القوات الحكومية التي تُنكر قيامها بعمليات الخطف أو الاعتقال عند سؤال ذوي المعتقلين عنهم.

وقدم التقرير إحصائية تتحدث عما لا يقل عن 852 معتقلاً في يونيو، منهم 553 معتقلاً من قبل القوات الحكومية، يتوزعون إلى 451 من الذكور، و74 من الإناث، و28 طفلاً.

وسجل التقرير 52 حالة اعتقال من قبل قوات الإدارة الذاتية الكردية، يتوزعون إلى 48 من الذكور، وأنثى واحدة، و3 أطفال.

وبحسب التقرير، فقد اعتقلت فصائل المعارضة المسلحة 19 شخصاً، بينما اعتقل تنظيم داعش 211 شخصاً، يتوزعون إلى 179 من الذكور، و11 أنثى، و21 طفلاً.

أما تنظيم جبهة النصرة التابع للقاعدة فقد اعتقل 17 شخصاً، بينهم طفلان.

وسجل التقرير 419 حالة إطلاق سراح، يتوزعون إلى 341 حالة من مراكز احتجاز القوات الحكومية، و11 حالة من مراكز احتجاز قوات الإدارة الذاتية الكردية، و45 حالة من مراكز احتجاز تتبع تنظيم داعش.

ووفق التقرير، فإن تنظيم جبهة النصرة أطلق سراح 17 شخصاً، أما فصائل المعارضة المسلحة فقد أطلقت سراح 5 أشخاص.

وصنف التقرير حالات إطلاق السراح الموثقة من قبل مراكز احتجاز القوات الحكومية إلى 218 حالة من السجون المدنية والعسكرية، و123 حالة من قبل الأفرع الأمنية.

وأشار التقرير إلى أنه تم توثيق ما لا يقل عن 205 نقاط تفتيش، نتجت عنها حالات حجز للحرية متوزعة على المحافظات، حيث كان أكثرها في مدينة دمشق والحسكة، بينما تصدرت القوات الحكومية الجهات المسؤولة عن المداهمات، يليها تنظيم داعش.

وأورد التقرير إحصائية تتحدث عن 312 حالة خطف لم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من تحديد الجهة التي نفذتها، إلا أن 279 حالة منها حدثت في مناطق خاضعة لسيطرة القوات الحكومية.

وأكد التقرير ضرورة تحمل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مسؤولياته تجاه مئات آلاف المحتجزين والمختفين في سوريا.

عبد الحسين شعبان
يواصل النازحون واللاجئون السوريون منذ العام 2011 تجرع حياتهم المرة في ظروف بالغة القسوة، ففي الصيف يعيشون تحت لهيب الشمس وفي الشتاء تحت المطر والثلوج أحيانا والبرد القارس، خصوصا أنهم يعيشون في الخيام التي بدأت تتآكل لطول مدة النزوح في العراء.
ومثل السوريين يعاني العراقيون الذين هربوا من سيوف داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) والقتل والاغتصاب في ظروف لا تقل قسوة عن ظروف السوريين النازحين. وقد كشفت المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي جيني بيرس أن البرنامج لا يمكنه تقديم المساعدة لنحو ثلاثة ملايين نازح، وهو يشمل حالياً مليونا ونصف المليون، وطموحه أن تصل المساعدات إلى مليون و800 ألف شهرياً في جميع المحافظات العراقية، وكذلك في إقليم كردستان.

 
وكانت الأمم المتحدة أعلنت في نداء لها عن خطة لتقديم المساعدة لنحو 5.6 ملايين شخص من العراقيين المستضعفين لمدة الأشهر الستة القادمة، وهي بحاجة إلى 150 مليون دولار أميركي وذلك من أواسط يونيو/حزيران المنقضي وحتى نهاية العام الجاري (ديسمبر/كانون الأول 2015).
ويتداخل أحيانا اللجوء بالنزوح، فبعد فترة انتظار يضطر الآلاف من النازحين إلى مغادرة مناطقهم لسوء أوضاعهم، ويتحملون أحيانا أعباء لا قدرة لهم عليها، ويضطرون إلى عبور الحدود واستخدام وثائق عديدة تساعدهم إلى الوصول إلى بلدان اللجوء، كما يضطر بعضهم إلى ركوب البحر، حين يكون حرس الحدود في انتظارهم وفي أحيان كثيرة تغرق سفنهم فتأكل الأسماك أجساد من فرّوا من العنف والإرهاب والتسلط لإنقاذ حياتهم ولكنهم يواجهون ما هو أشد وأقسى، وفي الكثير من الأحيان تكون الأبواب موصدة أمامهم.
"اعتقد الكثير من النازحين واللاجئين أن حياة المخيّمات مؤقتة وأن عودتهم قريبة، ولكن المعاناة مستمرة، وهو الاعتقاد ذاته الذي ساد في أوساط اللاجئين الفلسطينيين منذ العام 1948"
معاملة قاسية
وقد دعت منظمات إنسانية عديدة دول الاتحاد الأوروبي إلى استقبال أعداد من اللاجئين السوريين والعراقيين، ممن يضطرون إلى مغادرة بلادهم هربا من الأوضاع اللاإنسانية التي يعيشونها. وغالبا ما يستخدم حرس الحدود بحق اللاجئين أساليب لا تنسجم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
لقد أصبحت العديد من البلدان العربية ملجأً مؤقتا للاجئين، لكن مدنا مثل بيروت وعمّان، هي الأكثر "اجتياحا" من جانب اللاجئين، وخصوصا السوريين، إضافة إلى تركيا، وكذلك إقليم كردستان (العراق) الذي يستضيف ربع مليون لاجئ سوري، غالبيتهم أكراد.
ونتذكر العاصفة الثلجية التي اجتاحت لبنان والأردن مطلع العام الجاري 2015، وكيف تعرّضت مخيّمات اللاجئين والنازحين السوريين -لا سيّما الأطفال والنساء والشيوخ- إلى كارثة حقيقية، حيث الشعور بالبؤس والقهر والإحباط، أصبح زادهم اليوم.
لقد ازدادت معاناة النازحين العراقيين والسوريين بعد سيطرة "داعش" وتنظيمات جبهة النصرة وتنظيمات "إسلاموية" أخرى على العديد من المناطق، لا سيّما المتاخمة للعراق، حيث يسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل منذ يونيو/حزيران 2014، إضافة إلى سيطرته على محافظة صلاح الدين واضطراره إلى الخروج منها بعد تقدّم القوات الحكومية المدعومة من قوى غير نظامية، إضافة إلى دعم التحالف الدولي.

وعانى أهالي هذه المنطقة الأمرين على يد "داعش" وعلى يد جماعات "متطرفة"، كما تعاني اليوم محافظة الأنبار، وهي أكبر محافظات العراق من محنة مركبة وهي تقع بين نارين: نار "داعش" التي حوّلت بعض المدن إلى هيمنة شاملة وتعسف لا حدود له أو مدن للأشباح بعد نزوح سكانها، ونار الصراعات السياسية والطائفية والمصالح الأنانية الضيقة، وعدم فاعلية قوات التحالف الدولي، التي تلقى أحيانا سخطا من جانب فئات شعبية، وخصوصا من الجهات المتضررة من أهالي المنطقة وشيوخ العشائر "السنيّة".
يعاني النازحون واللاجئون السوريون والعراقيون، لا سيّما باستمرار أوضاعهم غير المستقرّة، من تدهور شديد في مستوى التعليم، وتتفشى الأمية في صفوف الأطفال، إضافة إلى تسرّب الفتيات والفتيان من مقاعد الدرس، كما تنتشر الجريمة المنظمة والمخدرات والاغتصاب الجنسي وتكثر الأوبئة والأمراض الخطيرة وسوء التغذية بسبب هذه الأوضاع.
وتتدنى الحالة الصحية على نحو مريع، ولا يستطيع من يحتاج إلى العلاج الحصول عليه، خاصة أن ثمنه عادة باهظ بالنسبة لنازحين أو لاجئين صرفوا ما لديهم من مدّخرات. ويؤثر وجود أعداد النازحين واللاجئين على القطاعات المختلفة مثل قطاع الطاقة في المناطق التي لجؤوا إليها والتي قد لا تستطيع استيعاب هذه الأعداد منهم، وكذلك على قطاع المياه والخدمات الأمنية، ناهيك عن تصدّع البنية التحتية.
والأمر يحتاج إلى علاج دولي مركب سياسي واقتصادي واجتماعي وصحي وتعليمي وغذائي، يوفر لهؤلاء النازحين واللاجئين مستلزمات عودتهم إلى حياتهم الطبيعية، فضلا عن تقديم المساعدات العاجلة والضرورية إليهم، لا سيّما في الجوانب الإنسانية والخدمية.
لقد اعتقد الكثير من النازحين واللاجئين أن حياة المخيّمات مؤقتة وأن عودتهم قريبة، ولكن المعاناة مستمرة وهو الاعتقاد ذاته الذي ساد في أوساط اللاجئين الفلسطينيين منذ العام 1948، فبرغم وجود قرار دولي منذ ذلك التاريخ برقم 194 خاص بحق العودة، فإن مأساتهم مستمرة ومتفاقمة، ولا أفق لحل سياسي لها.
إن معاناة اللاجئين والنازحين التي تتعاظم ترتب مسؤوليات على المجتمع الدولي والأمم المتحدة والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بشكل خاص والدول الصناعية الكبرى ذات الوفرة المادية، إذ عليها التحرك السريع قبل فوات الأوان، لأن هؤلاء النازحين واللاجئين قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أية لحظة، ومثل هذا النوع من البيئات مناسبة لتفقيس بيض الإرهاب والعنف، خصوصاً إذا ما تحوّلت الظاهرة إلى حالة طويلة الأمد، وأي يوم تستمر فيه حياة النازحين وأوضاعهم المزرية على ما هي عليه، فإن خطر امتداد التأثير السلبي وظواهر العنف والإرهاب والجريمة المنظمة والمخدرات يصبح خطراً داهماً.
"مثلما يعيش معظم لاجئي العالم (86% منهم) في البلدان النامية، فإن النازحين في بلدانهم يفوق هذا الرقم كثيراً، وهو ما يفاقم أزمات البلدان الفقيرة"
يوم عالمي
إن استذكار أوضاع اللاجئين والنازحين ومأساتهم في سوريا والعراق بمناسبة اليوم العالمي للاجئين 20 يونيو/حزيران، يعني فيما يعنيه وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، وهو ما يحتاج بحث مشاكلهم وقضاياهم على نحو جدي، والأسباب التي تهددهم في أوطانهم والتي أدت إلى تفاقم معاناتهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وقانونيا وإنسانيا، والعمل على تقديم المزيد من الدعم لهم عبر المفوضية السامية لحقوق الإنسان والدول المستقبلة وسلطات الحكم المحلي. وقد تقرر الاحتفال بهذا اليوم منذ العام 2000 من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد صادف العام 2001 الذكرى الخمسين لإعلان اتفاقية جنيف المتعلقة بأوضاع اللاجئين (1951) تلك التي أضيف إليها ملحق مهم في العام 1967.
وإذا كانت الاتفاقية قد صُممت لاحتواء لاجئي أوروبا الشرقية بعد الحرب العالمية الثانية حين وصول الأنظمة الشيوعية إلى الحكم في العديد منها، فإن الأوضاع الخاصة باللاجئين قد تفاقمت وازدادت بؤسا.
وفي العام 1956 واجهت المفوضية الخاصة باللاجئين أولى حالات الطوارئ بعد أحداث المجر حيث دخلت الدبابات السوفياتية لفرض نظام موال لها، لكن الأمر تطوّر واحتاج إلى معالجة أشمل بازدياد أعداد اللاجئين من أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، وهو ما اضطر إلى تطوير اتفاقية جنيف، مثلما تمت الإشارة إليه لتشمل ملايين اللاجئين على المستوى العالمي.

وفي أواخر القرن الماضي تعاظم عدد اللاجئين، خصوصاً من كوسوفو عام 1999، وفي مطلع هذا القرن كانت أعداد اللاجئين من الكونغو الديمقراطية والصومال كبيرة جداً، إضافة إلى ملايين النازحين، وهو الأمر الذي عاشه العراقيون على دفعات سواء أيام الحرب العراقية الإيرانية أو في ظروف الحصار الدولي (1991-2003) أو بعد احتلال العراق العام 2003، أو إثر الحرب الطائفية عامي 2006 و2007، أو بعد سيطرة "داعش" وتشريدها نحو ثلاثة ملايين إنسان يعيشون ظروف نزوح مرعبة، وخصوصاً من المسيحيين والإيزيديين، وهو الأمر الذي حدث في سوريا بخصوص المسيحيين ومجزرة "قلب لوزة" بحق الدروز.

وتستمر أوضاع النازحين واللاجئين السوريين بسبب الاحتراب والتسلط الداخلي وتصدع الدولة وانهيار العديد من مؤسساتها وهيمنة "داعش" على أكثر من ثلث البلاد، إضافة إلى "جماعات إسلاموية" أخرى.

إن اختيار 20 يونيو/حزيران يوما عالميا للاجئين يتزامن مع الاحتفال بيوم اللاجئ الأفريقي الذي تحييه العديد من الدول الأفريقية.
وغالبا ما يتم الخلط بين مصطلح "اللاجئ" ومصطلح " النازح"، فالأول هو من اختار اللجوء خارج بلده، أما الثاني فقد هرب داخليا من منطقة إلى أخرى، خصوصا في ظروف الحرب الأهلية والنزاعات المسلحة والتطهير العرقي والديني والطائفي أو غير ذلك.
ومثلما يعيش معظم لاجئي العالم (86% منهم) في البلدان النامية، فإن النازحين في بلدانهم يفوقون هذا الرقم كثيراً، وهو ما يفاقم أزمات البلدان الفقيرة.
وفي جواب عن سؤال جوهري هو ما العمل؟ نقول إن الأمر يحتاج إلى جهد دولي وإقليمي وعربي على الصعيد الفكري والحقوقي والمهني والإعلامي، وما سبق أن طرحناه وسنعيد طرحه دائما هو: ترى إذا كانت المفوضية المعنية بحماية حقوق اللاجئين هي من يشكو من شح الإمكانات وقصور أدواتها، وهي من يناشد العالم لتوفير الأمن والحماية اللازمة للاجئين والنازحين، فماذا سيفعل أصحاب المحنة البشرية وضحايا الكارثة الإنسانية؟
لعل ذلك سيكون وخزة للضمير الإنساني بما فيها للبلدان المتقدمة التي غالبا ما ترفع لافتة حقوق الإنسان، حيث لن تكون هي قبل غيرها بمأمن عن التداعيات الإنسانية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الخطيرة لبقاء هؤلاء دون توفير مستلزمات حياة كريمة وآمنة لهم، ولا بد أن يتحرك العالم أجمع لإدراك مسؤولياته وواجباته إزاء هؤلاء البشر الذي انتزعوا بين ليلة وضحاها من منازلهم ومناطق سكانهم الآمنة المزدهرة، ووجدوا أنفسهم مرّة واحدة في العراء تائهين في لجة المجهول!
-----
*كاتب وباحث عربي

JoomShaper