د. حياة با أخضر
الدعوة إلى الله تاج نور من الحق، يكلل رؤوس من بذلوا أعمارهم لله. وفي ديننا العظيم الدعوة إلى الله تمتد متجذرة شاملة الرجال والنساء والكبار والصغار، ولكني سأخص مقالي بداعيات بلادي الفاضلات اللاتي يمتد تاريخهن لسنوات عدة.
داعيات بلادي يتسنمن ذروة المكان والمكانة.
أما المكان فهن ينتمين إلى أرض حـَوت مهبط الوحي، والحرمين الشريفين، أرض وطأتها أقدام أفضل الرسل محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم من مكة المكرمة والطائف والمدينة حتى تبوك، ومنها خرجوا للهجرة مرتين إلى الحبشة، وهناك مشاعر الحج التي يهفو إليها الملايين من كل العالم، فداعياتنا ارتباطهن بالمكان يعزز دعوتهن قوة وبذلا والتزاما واستقامة، فهن أمام العالم قدوات في علمهن وسمتهن وبذلهن، وهن كذلك باعتراف من خالطهن وأخذ منهن.
أما المكانة فهن قدوات للعالم لارتباطهن بهذه الأماكن التي تهفو إليها القلوب، ولأصالة علمهن المستمد من علم السلف على طريق أهل السنة والجماعة، فمكانتهن ليست هنا في الأرض بل هناك مع النجوم، تضيء بنور الكتاب الكريم، والسنة النبوية الصحيحة، متجاوزات الحدود الجغرافية لبلادهن، إلى أصقاع العالم عبر السفر المباشر، أو عبر وسائل التقنية المتعددة. مكانة شهد بها القريب والغريب، والعدو والصديق.

ياسر محمود
هي أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن بن جبير بن الهزم بن روبية بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية، ولدت في عام  593م.

خير الأصهار
أمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث، وأخواتها لأبيها وأمها: أم الفضل - لبابة الكبرى - زوج العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، ولبابة الصغرى زوج الوليد بن المغيرة وأم خالد بن الوليد، وعصماء زوج أبي بن الخلف، وغرة زوج زياد بن عبد الله بن مالك الهلالي.
وأخواتها لأمها: أسماء بنت عميس زوج جعفر بن أبي طالب ثم أبو بكر الصديق ثم علي، وسلمى بنت عميس زوج حمزة بن عبد المطلب ثم شداد بن أسامة بن الهاد، وسلامة بنت عميس زوج عبد الله بن كعب الخثعمي.
ولهذا عُرفت أمها هند بنت عوف بأكرم عجوز في الأرض أصهاراً، فأصهارها: أشرف الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحبه الصديق، وعميه حمزة والعباس، وجعفر وعلي أبناء عمه، وشداد بن الهاد رضي الله عنهم أجمعين.

عبد العزيز بكر
البشر أفراد وجماعات يتشابهون في الأفعال والصفات عبر التاريخ. فالتاريخ جملة واحدة، ترتكز على الصراع بين الحق والباطل، لا يتغير جوهرها من جيل إلى جيل، ولا من زمن إلى زمن، وحدها الوجوه والأشكال هي المتغيرة. فمرة يزول الباطل ويعلو الحق. ومرة تدب الحياة في أوصال الباطل. وهكذا تعاد الكرة حتى تنتهي الحياة!!
بين أيدينا صورة من صور الصراع بين الحق والباطل، ممثلة في صحابية شريفة عاشت في زمانها عمرا قصيرا، لكن فصول التاريخ حملتها إلينا ملهمة دائمة للمرأة المسلمة في كل زمان ومكان، ومثالا ناصعا على الانتصار بالله، والاعتزاز بالانتساب إلى دينه، تهون عليها الحياة ولا يهون دينها.
إنها السيدة سمية بنت خياط رضي الله عنها. تلك الصحابية الجليلة، وأول شهيدة في الإسلام؛ زوجة الصحابي ياسر بن عامر وأم الصحابي عمار بن ياسر. أسلمت في مكة، وكانت أحد السبعة الذين أظهروا إسلامهم فيها. وقتلها أبو جهل بطعنة بحربة في موطن العفة.

قصة الإسلام
اسمها ولقبها
هي أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام، اختلف في اسمها فقيل: سهلة، وقيل: رميلة، وقيل: رميثة، وقيل: مليكة. وتُلقَّب بالغميصاء أو الرميصاء. وقد أسلمت مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار.

زواج أم سليم
عاشت في بداية حياتها كغيرها من الفتيات في الجاهلية قبل مجيء الإسلام، فتزوجت مالك بن النضر، فلما جاء الله بالإسلام، وظهرت شمسه في الأفق، واستجابت وفود من الأنصار أسلمت مع السابقين إلى الإسلام، وعرضت الإسلام على زوجها مالك بن النضر، فغضب عليها، وكان قد عشّش الشيطان في رأسه، فلم يقبل هدى الله، ولم يستطع أن يقاوم الدعوة؛ لأن المدينة صارت دار إسلام، فخرج إلى الشام فهلك هناك. ومن ثَمَّ فاختيار أم سليم الأنصارية -رضي الله عنها- الإسلام على زوجها في ذلك الوقت المبكر ينبئ عن عزيمة أكيدة، وإيمان راسخ في وقت كان الاعتماد في تدبير البيت والمعاش وغير ذلك من أمور الحياة على الرجل، ولم تكن المرأة قبيل مجيء الإسلام تساوي شيئًا، فكونها أخذت هذا القرار من الانفصال بسبب الإسلام عن زوجها الذي في نظرها يعتبر كل شيء في ذلك الوقت، فيه دلالة على ما تمتاز به هذه المرأة المسلمة من الثبات على المبدأ مهما كلفها من متاعب.

علي القدري
لا يدورنَّ بخَلَدك -أيها القارئ الكريم- أنها صور كالتي دأبتْ بعض الصحف في هذه الأيام على نشرها لنساء يَعرِضن أجسادَهن ومفاتِنهن، باسم الرياضة حينًا، والفنون الجميلة حينًا، سعيًا إلى الرَّواج، وتغريرًا بضعاف  النفوس وإمعانًا في إضعاف أخلاق الشباب، ولكنها صور أدبيَّة خُلُقية تهذيبية تلائم رسالتنا، فيها الموعظة والطَّرافة من غير ما تزويق ولا مُبالغة.
1- جلال التقوى:
يُروى أن أحد الملوك صعِد يومًا إلى أعلى قصره يُروِّح عن نفسه، فلاحت منه التفاتة فرأى امرأة على سطح دار إلى جانب قصره لم يرَ الناظرون أبهى منها؛ فالتفت إلى إحدى جواريه وقال لها: لمن هذه؟
قالت: يا مولاي، هذه زوجة غلامك فيروز، وكان أحد رجال الحاشية.
فنزل الملك وقد تأثَّر بجمالها وشُغِف بها حبًّا، واستدعى فيروز، وقال له: امضِ بكتابي هذا إلى بلد كذا وائتني بالجواب.
أخذ فيروز الكتاب وتوجَّه إلى منزله فوضعه تحت رأسه، ولما أصبح ودَّع أهله، وسار مُنفِّذًا أمر المَلِك، وهو غافل عما دبِّر له.
أما المَلِك فبعد أن استوثَق من رحيل فيروز قام مُتخفِّيًا وتوجَّه إلى داره وقرَع الباب قرعًا خفيفًا. فقالت امرأة فيروز: مَن بالباب؟
قال: أنا الملك سيِّد زوجك، ففتحتْ له فدخل وجلَس.
قالت: أرى مولانا اليوم عندنا؟
قال: جئتُ زائرًا.

JoomShaper