بطولات نسائية في سبيل الدعوة(2)
- التفاصيل
زخرت مسيرة الدعوة الإسلامية منذ القدم بنماذج نسائية رائعة مبهرة، أسهمت في نمو هذه الدعوة، بل ونضجها واشتداد عودها وتطورها على امتداد العصور، بل وفي أحلك الأوقات، حتى إنه لتتضاءل هامات الجبال أمام هاماتهِن، وتتصاغر عظائم الأمور أمام جهادهن وفطنتهن وعزمهن وتدبيرهن.
أقدم بعضًا من هذه النماذج في الصفحات التالية؛ لتكون بمثابة نماذج مثلى في التضحية والفداء، والبذل والعطاء، والثبات والإباء، إقرارًا بفضلهن، وإشادة بدورهن، ودعوةً لاحتذائهن، واستكمالاً لمسيرتهن على خطًى تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
حلقتنا الثانية: آسية امرأة فرعون
قلب عامر بالإيمان، هو قلب آسية بنت مزاحم امرأة فرعون. التي قدمت لنا نموذجًا إيمانيًّا رفيعًا إلى الغاية التي عزَّ أن تتكرر في هذا الوجود، في الجرأة على إعلان الحق، والاستمساك به، والثبات عليه، مُتحمِّلة تبعات هذا الاختيار في بسالة منقطعة النظير.
بطولات نسائية في سبيل الدعوة(1)
- التفاصيل
زخرت مسيرة الدعوة الإسلامية منذ القدم بنماذج نسائية رائعة مبهرة، أسهمت في نمو هذه الدعوة، بل ونضجها واشتداد عودها وتطورها على امتداد العصور، بل وفي أحلك الأوقات، حتى إنه لتتضاءل هامات الجبال أمام هاماتهِمَّتِهن، وتتصاغر عظائم الأمور أمام جهادهن وفطنتهن وعزمهن وتدبيرهن.
أقدم بعضًا من هذه النماذج في الصفحات التالية لتكون بمثابة نماذج مثلى في التضحية والفداء، والبذل والعطاء، والثبات والإباء، إقرارًا بفضلهن، وإشادة بدورهن، ودعوةً لاحتذائهن، واستكمالاً لمسيرتهن على خطًى تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
حلقتنا الأولى(*) مع ماشطة فرعون
كانت تلك المرأة الصالحة تعيش هي وزوجها في ظل مُلْكِ فرعون.. زوجها مقرب من فرعون.. وهي خادمة ومربية لبنات فرعون.
منَّ الله على الزوجين بالإيمان، فلم يلبث فرعون أن علم بإيمان زوج الماشطة فقتله؛ فصبرت واحتسبته عند الله.
بقيت الزوجة تعمل في بيت فرعون تمشط بنات فرعون، وتنفق على أولادها الخمسة، وبينما هي تمشط ابنة فرعون يومًا إذ وقع المشط من يدها، فقالت: بسم الله، فقالت ابنة فرعون: الله أبي؟
فصاحت الماشطة بابنة فرعون: كلا، بل الله ربي وربك ورب أبيك.
فتعجبت البنت أن يُعبَد غير أبيها.
ثم أخبرت أباها بذلك، فعجِب أن يوجد في قصره مَن يَعبُد غيرَه.
فدعا بها، وقال لها: مَن ربُّك؟ قالت: ربي وربك الله.
جويرية بنت الحارث.. بركة على قومها
- التفاصيل
هي أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن جذيمة الخزاعية المصطلقية، كانت سيدة نساء قومها، وكان أبوها زعيم بني المصطلق، وكان اسمها برة فغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جويرية.
ولدت قبل الهجرة بخمس عشرة سنة، وتزوجت قبل النبي صلى الله عليه وسلم بابن عمها مسافع بن صفوان، الذي قتل في غزوة بني المصطلق أثناء قتاله للمسلمين.
عتق لأهلها
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني المصطلق يجمعون لقتاله، فخرج إليهم في شعبان سنة خمس وقيل ست من الهجرة، فهزمهم الله، ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم ونساءهم وأموالهم غنيمة للمسلمين، وكانت جويرية بنت الحارث ضمن هذا السبي، فأعتقها النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجها، فكان ذلك سببا لعتق المسلمين لجميع أهلها.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: وقعت جويرية بنت الحارث بن المصطلق في سهم ثابت بن قيس بن شماس - أو ابن عم له - فكاتبت على نفسها، وكانت امرأة ملاحة تأخذها العين. قالت عائشة: فجاءت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابتها، فلما قامت على الباب، فرأيتها كرهت مكانها، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيرى منها مثل الذي رأيت، فقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث، وإنما كان من أمري ما لا يخفى عليك، وإني وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس، وإني كاتبت على نفسي، فجئتك أسألك في كتابتي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فهل لك إلى ما هو خير منه؟" قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: "أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك" . قالت: قد فعلت. قالت: فتسامع - تعني الناس - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية، فأرسلوا ما في أيديهم من السبي، فأعتقوهم، وقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها، أعتق في سببها مائة أهل بيت من بني المصطلق. (أخرجه أبو داود).
أم الدرداء الكبرى.. الزوجة الصالحة
- التفاصيل
هي خيرة بنت أبي حدرد، أخت أبي محمد عبد الله بن أبي حدرد، وأم بلال بن أبي الدرداء، أسلمت وحسن إسلامها، وكانت من فضليات النساء وعقلائهن، ومن ذوات الرأي السديد، مع العبادة والفهم الصحيح للإسلام.
إسلامها وزوجها
وعن قصة إسلامها وزوجها تقول أم الدرداء: كان عويمر بن مالك (زوجها) متعلقاً بصنم له، وقد تبع أهله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عبد الله بن رواحة أخا له في الجاهلية، وكان يدعوه إلى الاسلام فيقول: يا عويمر، أترضى أن تكون آخر دارك إسلاما؟ فيأبى أبو الدرداء، وذات يوم وضع منديلا على صنمه وخرج.
فجاء عبد الله بن رواحة ودخل بيتي، فسأل عن عويمر فأخبرته أنه خرج آنفا، وكنت أمشط رأسي، فدخل ابن رواحه ومعه قادوم فأنزل الصنم وجعل يقدده (أي جعله قطعا)، وسمعت صوت القادم وهو يضرب ذلك الصنم فقلت: أهلكتني يا ابن رواحة، فخرج وأقبل عويمر، فوجدني أبكي شفقا منه، فقال: ما شأنك؟ قلت: أخوك عبد الله بن رواحة دخل فصنع ما ترى، فنظر عويمر إلى الصنم المحطم وغضب غضبا شديدا، ثم فكر وقال: لو كان عند هذا خير لدافع عن نفسه، ثم انطلق إلى عبد الله بن رواحة وقال له: اصحبني إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فانطلقا حتى أتيا الرسول صلى الله عليه وسلم فأسلم عويمر بن مالك وأسلمت معه زوجته خيرة بنت أبي حدرد.
نفيسة بنت الحسن.. العالمة الزاهدة
- التفاصيل
هي نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، ولدت بمكة المكرمة سنة 145 هـ.
كان أبوها واليا على المدينة أيام أبي جعفر المنصور الذي عزله وصادر ماله وحبسه، وذهبت هي إلى بغداد حيث كان أبوها سجينا، حتى جاء الخليفة المهدي وأطلق سراحه ورد إليه أمواله.
ولما بلغت نفيسة مبلغ الزواج تقدم لخطبتها ابن عمها إسحاق المؤتمن بن الإمام جعفر الصادق، فرضيت به زوجا لها، وأنجبت منه القاسم وأم كلثوم، وكانت نعم الزوجة المخلصة الأبية التقية.
نفيسة العلم
وقد نشأت نفيسة في البلد الحرام وعاشت مع أحفاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتأثرت بهم، وسارت على نهجهم، فحفظت القرآن الكريم وهي صغيرة السن، وأقبلت على فهم آياته وكلماته فتعلمت التفسير، كما حفظت كثيرا من أحاديث جدها صلى الله عليه وسلم وروته عنه، حتى روى عنها الإمام الشافعي.
وانتقلت مع زوجها إلى المدينة المنورة، حيث عاشت فيها آمنة مطمئنة، وفتحت بيتها لطلاب العلم، تروي لهم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفتيهم في أمور دينهم ودنياهم، حتى أطلقوا عليها اسم "نفيسة العلم والمعرفة".