الحوار هو المنهج الأمثل لحل القضايا الأسرية الداخلية
إشراف موسى الأسود
العنف بمفهومه العام وسيلة لإلغاء الآخر وتهميشه وشكل من اشكال الاستبداد، وبخصوص موضوع العنف في نطاق الاسرة، فإن الاسلام يسعى الى ارساء قواعد الاسرة على اسس عظيمة من المودة والمحبة، وتشريع الاحكام التي تحقق الاستقرار والطمأنينة، والحيدة عن هذا المنهج تنشر العنف في محيط الاسرة. والمقصود بالعنف الاسري افعال او اقوال تقع من احد افراد الاسرة على احد افرادها تتصف بالشدة والقسوة، تلحق الاذى المادي او المعنوي بالاسرة او بأحد افرادها، وهو سلوك محرم لمجافاته لمقاصد الشريعة في حفظ النفس والعقل، على النقيض من المنهج الرباني القائم على المعاشرة بالمعروف والبر. والاسلام يفرض على ابناء الاسرة الواحدة، الزوج، الزوجة والاولاد ان يقيموا علاقاتهم فيما بينهم على اساس من المودة والرحمة قال تعالى «ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون».

مشكلة كبيرة تقع فيها بعض الزوجات في رمضان ليس بسبب مائدة الإفطار والنفقات ولكن بسبب أنّها تفاجأ بأنّ زوجها "مفطر" ولا يقوى على الصيام.. ومن دون أعذار، والمشكلة تزداد تعقيداً مع وجود أبناء في البيت فوالدهم يمثل لهم القدوة والمثل الأعلى!! فماذا تفعل الزوجة في هذه الحالة؟! وكيف تواجه هذا الموقف الصعب عائلياً؟! ولماذا يفطر بعض الأزواج؟!
- سلوى كمال: "التدخين هو مشكلة زوجي، فهو للأسف أصبح مسلوب الإرادة أمام السيجارة حتى أنّه لا يستطيع أن يصوم شهر رمضان الكريم بسببها" بهذه الكلمات بدأت سلوى كمال كلامها، وأضافت: "زوجي لا يستطيع أن يبدأ يومه أو ينزل إلى عمله إلا عندما يشرب سيجارة مع فنجان قهوة وهذا قبل أي إفطار والسيجارة أهم من فنجان القهوة ولهذا السبب هو مفطر في رمضان".
و"في الأيام العادية كنت كثيراً ما أحاول أن أثنيه عن هذه العادة السيِّئة وأحذره من التدخين وأنّه يمكن أن يسبب له الأمراض بل يمكن أن يقضي عليه وهو يعرف وأنا أؤكد له أن الأطباء كلّهم يحذرون من أخطار التدخين حتى شركات السجائر نفسها تعترف بذلك وكنت أقول له انظر ما هو مكتوب على علب السجائر أنّه ضار جدّاً بالصحة ويسبب الوفاة ولكنه لا يستمع إلي وكأني لم أقل شيئاً، بل أحياناً كان يعاندني ويشرب عدداً من السجائر وراء بعضها".

أحمد ولد محمد ذو النورين
من المعلوم أن هذه الشريعة المباركة إنما جاءت لإسعاد البشر إن اقتفوا نصوصها وجسدوها في حياتهم.
وبما أن الأسرة هي اللبنة الأولى لتأسيس المجتمعات والمعدن الأساس لإنتاج الأفراد وتزويدهم بالمعارف وإعطائهم المهارات الضرورية فإن الإسلام قد أولاها عناية خاصة ومنحها أهمية كبيرة وحملها بالمقابل مسؤوليات جسيمة واسترعاها أمانة عظيمة؛ يتمثل جانبها الأهم في تربية أولئك الأفراد، ولم يكل إليها الأمر في ذلك بشكل مطلق، بل رسم لها معالم المنهج الذي ينبغي أن تقوم عليه رعايتهم والوفاء بالأمانة في شأنهم؛ وحدد لها أن معالم ذلك تتم من خلال صياغتهم وفق هذا القرآن الكريم، الذي شرّف الله تعالى به هذه الأمة الخاتمة، وأعلى به شأنها ورفع به درجاتها؛ حين تجسده في حيتها وتتلوه في بيوتها وتتدارسه في مدارسها وتحفظه في حلقاتها؛ ليكون لها المحضن المكين، والملاذ الآمن، ولتستقي منه التربية المتكاملة، والمقوم الأول للحياة الكريمة.

حامد واكد
القلب المملوء بالحب والحنان يسع كل من حوله في البيت، الأمر الذي يجعل صاحبه سواء الوالد أو الوالدة يغدق مما أعطاه ربه على بنيه، فيوفر لهم الأمن النفسي والاستقرار الاجتماعي، مما يجعلهم شامة بين الناس، ولذلك قيل :ليس هناك مكان ينام فيه الطفل بأمان مثل غرفة أبيه وحضنه وحضن أمه.
من أجل ذلك كثرت الوصايا ببر الوالدين كما جاء في الأمر الرباني الخالد للمسلم في صورة قضاء حتمي لا فكاك منه. فقال تعالى:( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) فيسْمو القرآن في تصوير مكانة الوالدين ويبين الأسلوب الخلقي الراقي الذي ينبغي أن نتبعه في معاملة الوالدين خاصة إذا تقدم بهم العمر، فإن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم. كما جاء في الحديث: فالوالد مهما تقدم به العمر فإنه يظل بفكره الثاقب ونظرته الصائبة يوجه الأبناء والبنات إلى ما يحقق لهم الرفعة والتقدم، ولذلك قيل: عمر الرجل كما يشعر وعمر المرأة كما تبدو، فبورك من جمع بين همة الشباب وحكمة الشيوخ، والأب الحنون هو الذي لا يغضب بسرعة إذا جنح بعض بنيه بل يصبر ويوجه في هدوء وخاصة إذا كان الجانح شاباً، في مرحلة المراهقة فتكون كلماته لمن يعقلها تكون مثل الشمس تضيء وتدفئ وتأديب الأب دواء حلو، فائدته تتجاوز مرارته، ولذلك قيل أحب أباك إذا كان منصفاً وإذا لم يكن كذلك فتحمله، فليس ثمة إلا الأب من لا يحسد ابنه على موهبته.

يقول المولى ـ جلت قدرته: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (التوبة: 109).
البيت الإسلامي بيتٌ أُسِّس على التقوى، عماده تقوى الله، وأطنابه الأعمال الصالحة، وحديقته امتثال أمر الله تعالى.
يقول ـ عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ) (التحريم: من الآية 6). فالبيت أمانة ومسؤولية ورعية، فهل من راعٍ واعٍ، ومن مسؤول أمين؟.
صحّ عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيّته». ورعاية البيت ـ في رمضان وغيره ـ تقوم بأمرهم بالصلاة، قال تبارك وتعالى: (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً) (مريم: 55). إن أحوج ما يحتاجه البيت المسلم أبٌ رشيدٌ، وأمّ مؤمنةٌ، يقومان على تربية البيت.
يقول الله ـ تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) (النساء: من الآية 58)، وإن من أعظم الأمانات أمانة البيت وإصلاح البيت.
البيت الإسلامي يعيش رمضان ذكراً وتلاوةً وخشوعاً وتقوى.

JoomShaper