محاسن أصرف
لا شك أن المزاج العصبي يؤثر بشكل كبير على تفاعل الأفراد فيما بينهم خاصة في العلاقات الاجتماعية، فتبدو أكثر ضعفاً وتنافراً، وتتفاقم تلك التأثيرات على الأسرة الواحدة إذا كان أحد أركانها وهي الزوجة هي العصبية، فتذوب العلاقات الحميمة في بوتقة الغضب، وتنتهي مشاعر الود والمحبة، ويزول التفاهم والنقاش، ويحضر الاستبداد والقهر والعنف على طبيعة العلاقات؛ لذلك فعلى المرأة العصبية أن تتحرى المشكلات التي تزيد من عصبيتها والابتعاد عنها، وعلى المحيطين بها العمل على مشاركتها ضغوطات الحياة، بما يحقق لها مشاعر الأمان بأنها ليست وحيدة في مواجهتها.
"لها أون لاين" خلال السطور القادمة يستضيف الموقع أ. هدى جودة، الأخصائية النفسية الاجتماعية والمعنية بشؤون الأسرة للتعرف أكثر على سمات المرأة العصبية وأوقات عصبيتها وكيفية احتوائها من قبل الزوج والمحيطين بها، من أجل سير الحياة على وتيرة السعادة بعيداً عن منغصات وتأثيرات العصبية السلبية.
- بدايةً لو تحدثنا أ.هدى عن صفات الزوجة العصبية، ومتى يمكن أن نصف المرأة بأنها عصبية؟
لعل من أهم صفات الزوجة العصبية عدم القدرة على التصرف في بعض المواقف، بالإضافة إلى وجود بعض السلوكيات لديها تحمل مزيداً من العنفوانية، سواء داخل البيت أو خارجه، وهي دائما تحاول الهروب من الجو المحيط بها، سواء الأسرة أو الأشخاص المقربين لها، فكثيراً ما تلجأ إلى الخروج من البيت بمفردها إلى مكان خال بعيداً عن زيارة الأقارب والاجتماع مع الأصحاب مما يؤثر على علاقاتها الاجتماعية في محيط الأسرة والأصدقاء.

يعتبر الأولاد في الإسلام، ودائع الله تعالى في أيدي الآباء والأُمّهات والمربين، وينبغي على الجميع أن يقوموا بواجباتهم في رعاية شؤون الأولاد وحمايتهم وتوجيههم، وتوفير السبل السليمة لنموهم ورقيهم في شتى مجالات الحياة.
ولا يوجد في الإسلام أي فوارق بين الأبناء والبنات, والأفكار التي يؤمن بها بعض الآباء الذين يميّزون بين الذكور والإناث، ليست من الإسلام في شيء، فالولد لا يمتاز عن البنت بأي أمر من الأمور، ولا يحق للأبوين أن يعاملا ابنتهما بعنف وقسوة أو يحرمانها من بعض حقوقها.
ولإزالة هذه النظرة التمييزية، أكّد الإسلام على ضرورة الإهتمام بالبنت والوقوف إلى جوارها. وقد جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قوله: "خير أولادكم البنات" و"البنون نعمات والبنات حسنات" وانّ الإنسان محاسب على النعم ومُثاب على الحسنات فعندما أُخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) يومياً بأنّ زوجته ولدت بنتاً، رأى في وجوه أصحابه ملامح من الغضب والكراهية، فقال لهم: "ريحانة أشمّها ورزقها على الله"، كما جاء عنه (صلى الله عليه وسلم) أيضاً قوله: "مَن عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنّة".

أول يوم رمضان أصعب أيام الصيام على زوجك ، خاصة إذا كان مدخناً أو مدمناً على شرب المنبهات كالقهوة والشاي ، حينها يكون شديد العصبية لا يقوى على كبح جماح نفسه .
رغم أنه لا يوجد دليلاً علمياً على أن الإنسان في رمضان يشعر بعصبية أكثر لأنه ممتنع عن الطعام، كما يوضح الدكتور عبدالله السبيعي استشاري الطب النفسي زميل الكلية الملكية للأطباء النفسيين في كندا ، إلا أنه يؤكد أن الإنسان يكون متوتراً غالباً عندما يشعر بالعطش أو الهم، أو الجوع، أو الألم. لذلك هو في حاجة لتذكير نفسه أنه صائم.
طلاق عاطفي
لعصبية أي من الزوجين أثناء الصيام وشهر رمضان آثار سلبية على العلاقة برمتها ، إذ يقول استشاري الطب النفسي ، لصحيفة " الحياة " : " لا شك أن العصبية من أي من الزوجين تؤدي إلى برود العلاقة العاطفية الزوجية بينهما وهذا على المدى الطويل قد يؤدي إلى ما يسمى بالطلاق العاطفي ، لأن الطرف الآخر يحاول الابتعاد خوفاً من إثارة عصبية شريك حياته، وقد يبحث حتى عن وسائل شرعية أو غير شرعية لتوفير الحاجات النفسية له، ما يؤدي إلى المزيد من البعد والجفاء".
في السطور التالية قصص وحكايات واقعية من أمام المحاكم. لعلنا نجد فيها أجراس إنذار للأزواج العصبيين المتوترين والممتنعين عن التدخين أيضاً في شهر رمضان ، حتى ينتهبوا مبكرا إلى ما قد يترتب علي العصبية وتجنب السيجارة ، حتى تمر الأزمات بسلام ونقضي شهرا مباركا وسعيدا علي الأمة الإسلامية جمعاء.

تواجه معظم الزوجات مشكلة واحدة وهي غضي الزوج غير المبرر فى رمضان وخاصة قبل الإفطار ، وتجده يغضب ويثور لاتفة الاسباب وأحيانا بدون أسباب ، لا تدرى ماذا تفعل لكي يسود جو هادئ فى المنزل في شهر رمضان الكريم.
ولعل السؤال الذي يبادر إلى ذهن كل زوجة الآن هو كيف يمكنني تفادي تلك الثورات الغاضبة. يقول د. محمود عبد الرحمن حمودة أستاذ ورئيس قسم الطب النفسى بجامعة الأزهر : إن تعرض الصائم إلى الجوع والحرمان يسبب أحيانا للبعض أحباطا يتولد عنه عدونا اونكوصا إلى مراحل مبكرة من النمو، أى عودة البالغ إلى ما يشبه الطفل، وحينئذ تنطلق شحنات الغضب لديه لأنه أصبح تحت سيطرة انفعالات الغضب وثورة العدوان وهذه الثورات عادة ما تستثار بميثرات تافهة و بسيطة لا تستحق كل هذا الكم من الثورة أو العدوان.   

الاتحاد
الأسرةُ بنيةٌ اجتماعيَّةٌ يقومُ عليها المجتمعُ، وتؤثِّرُ فيهِ سلباً أمْ إيجاباً، وتعبرُ عنْ حالةِ هذا المجتمعِ، وتمثِّلهُ تمثيلاً صادقاً، فحينما تكونُ آمنةً مستقرةً قويَّةً، فإنَّ المجتمعَ يصطبغُ بصبغتِها، وحينما تغيرُ مسارها، فإنَّ هذا المجتمع لا بدَّ من أن يدورَ في فلكها، وصدقَ علماء الاجتماع حينما قالوا سعادة المجتمعِ بسعادة أسرهِ، وشقاوتُهُ بشقاوةِ أسرهِ، وهي البيئةُ الأهمُّ، والمحطةُ الأولى الَّتي يتشكلُ الفردُ فيها، ويكتسبُ توجهاتِه الأساسيَّةِ منها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ».
لذلك جاءَ اهتمامُ الإسلام بالأسرةِ عظيماً، ورعايتهُ لها رعايةً كبيرةً منْ خلالِ:
أولاً: التَّأسيسُ والتَّكوينُ، إنَّ قوةَ أيِّ بناءِ واستمرارِهِ ودوامهِ تتوقف على قوَّة أساساتهِ، وقدْ اهتمَّ ديننا الحنيفُ بهذا الجانبِ اهتماماً كبيراً، فدعا إلى أمرينِ اثنينِ:
الأول: الاختيار، ونعني به حسن الاختيار من الرَّجلِ للمرأة، ومن المرأةِ للرَّجلِ.
من جهةِ الرَّجلِ يقول رَسُولُ اللَّهِ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى إِحْدَى خِصَالٍ ثَلَاثَةٍ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى مَالِهَا وَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى جَمَالِهَا وَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى دِينِهَا فَخُذْ ذَاتَ الدِّينِ وَالْخُلُقِ تَرِبَتْ يَمِينُكَ» أحمد.

JoomShaper